تعد منطقة شرق المتوسط، ذات أهمية بالغة لدى جميع دول المنطقة ومنافسا قويا للدول الآخرى، كروسيا والاتحاد الأوروبي، ما جعل عيون العالم تتجه اليها إما لحمايتها أو فرض سيطرتهم عليها.
يقول الدكتورعادل عامر الخبير الاقتصادي والقانوني، إن أهمية تلك المنطقة ازدادت بشكل كبير بعد نشر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية دراسة في عام 2010، تفيد بأن منطقة شرق المتوسط بها ثروة هائلة من النفط و الغاز الطبيعي تقدر ب122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و 1.7 مليار برميل احتياطي من النفط.
وأوضح "عامر" لـ "أهل مصر"، أن تقديرات التنقيب عن الغاز تشير إلى أن تلك المنطقة بها كميات أكبر من ذلك بكثير، ما يجعل لتلك المنطقة أهمية كبيرة، وعلى ذلك أسرعت الدول المطلة على تلك المنطقة بترسيم حدودها البحرية، حتى تؤمن حصتها من تلك الثروات التي تقع في نطاق حدودها وتعمل على استغلالها والاستفادة منها، ما أدى لنشوب الصراع في تلك المنطقة، مشيرا إلى أنه رغم ثروات تلك المنطقة من الغاز الطبيعي تقدر بـ122 تريليون قدم مكعب تقريبا، إلا أن الحقول المكتشفة والتي يتم العمل بها تقدر بـ68 تريليون قدم مكعب.
وأضاف أنه منذ أن أشار المسح الجيولوجي إلى وجود احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي شرق البحر المتوسط، قُدرت بنحو 122 تريليون قدم مكعب، بدأت الدول المحيطة بتشكيل تحالفات واتفاقيات من أجل ضمان حصتها في الثروة المكتشفة، كان آخرها الاتفاق بين إسرائيل والأردن لتزويد الأخيرة بالغاز.
ولفت إلى أن منتدى غاز شرق المتوسط، والذي تم تأسيسه في القاهرة في يناير من العام المنصرم، يعد أحد أهم أشكال التحالفات حتى اللحظة، والذي يضم إسرائيل ومصر والأردن واليونان وقبرص وإيطاليا والمناطق الفلسطينية، فيما تم عزل سوريا ولبنان وتركيا من المعادلة، ما دفع الأخيرة إلى عقد اتفاق مع ليبيا قوبل برفض يوناني وقبرصي، موضحا أن اتفاقيات ثنائية تم توقيعها من أجل ترسيم الحدود الاقتصادية الخالصة، بين مصر وقبرص عام 2003، ومصر وإسرائيل 2005، وبين قبرص ولبنان في العام 2007، وقبرص وإسرائيل في العام 2010، وآخرها الاتفاق بين إسرائيل والأردن، والذي تم تفعيل العمل به منذ أمس الأربعاء، فيما تتوجه إسرائيل لفتح المجال أمام تصدير الغاز الطبيعي للدول الأوروبية من خلال توقيع اتفاقية مع قبرص واليونان، على أن يبدأ ضخ الغاز بموجبها بداية 2025، مضيفا أن التكتل الآخر، إسرائيل مع الدول العربية، يثير تفاؤل بعض الخبراء، ممن يرون فيه تعاونا له أن يسهم في تحقيق السلام بين الدول المعنية، ويذكر الخبير في قطاع الغاز في الشرق الأوسط أن الاتفاقيات الموقعة لها أن تساهم في تحريك عملية السلام في المنطقة، ويتوقع تشكيل تعاون من أجل تصدير الغاز بشكل مشترك إلى أوروبا في المستقبل القريب.
وتابع أنه بينما احتدم التوتر بين لبنان وإسرائيل عام 2009، منذ إعلان الأخيرة عن اكتشاف أول مخزون للغاز الطبيعي في شرق المتوسط، فإن "شتاينبخ " يرى أن العلاقة بين الطرفين تتجه لتحقيق التعاون خلافاً لما يحدث مع تركيا.
وقال عامر، إن مصر تمتلك العديد من الحقول في تلك المنطقة، ما يجعل لها نصيب كبير في ثروات منطقة شرق المتوسط و من أهم الحقول المصرية:
1- حقل ظهر: يبعد حقل ظهر 150 كم عن السواحل المصرية، ويبلغ حجم الاحتياطي به 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، كما أنه أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في مصر و البحر المتوسط.
2- حقل أتول: يقع هذا الحقل في منطقة امتياز شمال دمياط البحرية، ويقدر حجم الاحتياطي بهذا الحقل ب1.5 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
ولفت أنه بسبب اكتشاف الثروات في منطقة شرق المتوسط بكميات هائلة، و بسبب تداخل الحدود البحرية لدول المنطقة وتنازعهم حول تحديد تلك الحدود لتحديد نصيب كل دولة من تلك الثروة، إضافة لوجود صراعات أقدم من الصراع على تلك الثروة في منطقة شرق مثل الصراع التركي اليوناني، والصراع العربي الإسرائيلي، و الصراع التركي القبرصي، إضافة لوجود بعض الدول لم توقع على قانون البحار مثل تركيا، أدى كل ذلك لتزايد حدة الصراع في منطقة شرق المتوسط، وزيادة نطاق الصراع في تلك المنطقة الذي ينذر بعواقب وخيمة إن لم يتم الاتفاق بالطرق السلمية حول تحديد الحدود البحرية بين دول تلك المنطقة، وذلك لتحديد ثرواتها بشكل يقبله جميع الأطراف المعنيين بما لا يؤثر على الاستفادة من موارد منطقة شرق المتوسط، والاكتشافات السابق ذكرها في منطقة المتوسط لم تكسب المنطقة أهمية لدى الدول المطلة عليها فقط، بل أكسبتها أهمية لأطراف دولية أخرى مثل الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد بشكل كبير على روسيا لتزويده بالغاز الطبيعي، فالاتحاد الأوروبي وجد من غاز شرق المتوسط المكتشف، حديثا فرصة لتنويع مصادر الغاز الطبيعي التي تأتي إليه من الخارج.
وأشار غلى أن هذا الأمر خطير بالنسبة لروسيا، التي تعتبر من أكبر مصدرين الغاز الطبيعي لأوروبا بما يجعلها تستخدم الغاز الطبيعي كورقة ضغط في مواجهة الاتحاد الأوروبي في بعض الملفات، وعلى ذلك زادت أهمية منطقة شرق المتوسط بالنسبة لكلا من روسيا و التي تسعى للاستثمار في منطقة شرق المتوسط للاستفادة هي الأخرى من غاز شرق المتوسط، والاتحاد الأوروبي الذي يسعى لتنويع صادراته من الغاز الطبيعي ليتلافى الضغط الروسي.
وأوضح أن هذا الملف هو أحد النقاط الهامة في فهم الصراع بين تركيا و اليونان في شرق المتوسط، فذلك الملف يثير صراع حول حقوق التنقيب عن الثروات في المناطق البحرية المختلفة مثل المنطقة الاقتصادية الخالصة للدولة، ففي ذلك الملف تتنافس الدولتان على ترسيم الحدود البحرية سواء تحديد المياه الإقليمية أو الجرف القاري، أما عن الجرف القاري تقول اليونان أن الجزر الواقعة بالقرب من تركيا هي جزء من السيادة اليونانية مما يعني الجرف القاري لليونان عند أقصى الجزر اليونانية الواقعة في بحر إيجة، وهو ما ترفضه تركيا حيث يستند الموقف التركي إلى ميثاق قانون البحار الخاص بمنظمة الأمم المتحدة 1982، والذي لا يسمح لليونان بأن تجمع الجزر التي يمكنها من الاستفادة من نظام الأرخبيل مع جرفها