تعتبر عملية التحول الرقمي نوعًا من الاستثمار في الفكر وتغيير السلوك بغية إحداث تحول جذري في منظومة العمل عن طريق توظيف التطور التقني لخدمة الجمهور بشكل أفضل ولا شك ان عملية التحول الرقمي توفر إمكانات كبيرة لإقامة مجتمعات فعالة وتنافسية ومستدامة مع وضع الإجراءات اللازمة لعمليتي التفعيل والتنفيذ.
وقال الدكتور أحمد الحفناوي خبير الاتصالات تعتمد جهود التحول الرقمي في مصر على عدد من المحاور تشمل محور تطوير البنية التحتية للاتصالات والخدمات البريدية ومحور تطوير وتحديث الخدمات الرقمية والبنية المعلوماتية للوزارات والهيئات الحكومية ومحور تعزير القدرات البشرية والقومية ومحور تفعيل المواطنة الرقمية ومحور تطوير وتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات وكذلك محور تشجيع الإبداع والتعاون الدولي.
وكشف الحفناوي أنه يندرج تحت كل محور عدد من المبادرات منها مبادرة إدارة الهوية القومية ومبادرة تطوير التعليم باستخدام تكنولوجيا الحوسبة ومبادرة المحتوى الرقمي العربي ومبادرة العودة إلى أفريقيا وأخيرًا مبادرة الإنترنت فائق السرعة كما أن هناك عدد من البرامج التي تندرج تحت كل محور واستراتيجية حيث تعدت 40 برنامج إضافة إلى 120 مشروع.
بالرغم من الظروف الانتقالية الصعبة التي عاشتها مصر بعد يناير 2011 والتي كان لها تأثيرات سيئة على الاقتصاد المصري إلا أن النمو الذي حققه قطاع الاتصالات جعله على مقدرة لتجاوز هذه المرحلة بنجاح. ففي الربع الأخير من عام 2011 نما القطاع بنسبة 3% كما زادت نسبة العاملين في شركات تكنولوجيا المعلومات بنسبة 41%، وإضافة إلى ذلك فقد أشار تقرير مجموعة أكسفورد جروب للأعمال في تقريره الصادر بتاريخ نوفمبر 2011 إلى أن هناك استثمارات كبيرة تدفقت على قطاع الاتصالات في مصر رغم الأحداث التي مرت بالبلاد.
وأشار المهندس خالد العسكري خبير تكنولوجيا المعلومات أن عملية التحول الرقمي في مصر تهدف إلى بناء مجتمع معرفي تتقلص فيه الفجوة الرقمية بحيث يستطيع جميع أعضائه النفاذ إلى مصادر المعلومات عن طريق زيادة معدلات انتشار خدمة الإنترنت في المناطق المحرومة منها. أما فيما يخص إدارة الهوية الرقمية فقد شهدت السنوات القليلة الماضية نموًا كبيرًا في هذا القطاع كجزء من عملية بناء الثقة في التعاملات عبر الإنترنت وتشجيع المواطن على استخدام الخدمات الإلكترونية. حيث تندرج إدارة الهوية الرقمية تحت منظومة الأمن السيبراني.
وأكد العسكري أنوهناك خطوات حثيثة لتطويل هذا المجال عن طريق توفير البيئة التشريعية والقانونية الداعمة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بهدف زيادة معدلات الاستثمار. وهو ما يرتبط ارتباط وثيق بقانون حرية تداول المعلومات وأمن الفضاء المعلوماتي .
ونوه أن الدولة تسعى إلى تعزير المواطنة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن وتوفير الخدمات في المناطق العشوائية والمهمشة فيما يتعلق بالخدمات البريدية للتسهيل على أصحاب المعاشات. كما اتخذت الدولة خطوات لتطوير النظام الأمني لشبكة الإنترنت وخاصة في القطاع المصرفي وفيما يخص نظم الدفع الإلكتروني.
وتابع العسكري أن التحول الرقمي يساهم في دعم عملية التنمية المستدامة من خلال تطويع أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعمل على تحسين الخدمات الأساسية التي تضمن حياة كريمة للمواطن في التعليم والصحة والبيئة عن طريق ضمان توصيل الدعم إلى مستحقيه بحيث يتم تلبية ثلاث أهداف أساسية وهي الحد من الفقر وتحسين مستوى المعيشة وتطوير شبكات البنية الأساسية والتأكيد على امتلاك المجتمعات المحلية للخدمات المطورة من خلال إشراكهم في تقييم جودة هذه الخدمات وإعادة الثقة بين الحكومة والمواطن في المجتمعات المستهدفة.
من جانبه أوضح الدكتور عبد العزيز البسيوني أن علمية التحول الرقمي تدعم منظومة التعليم باستخدام أدوات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات لأن التعليم هو أحد أهم ركائز التنمية في مصر خلال المرحلة المقبلة، وسيتم تطبيق ذلك من خلال توظيف أجهزة الحاسب ونشر الإنترنت فائق السرعة في المدارس مع إقامة نظام لضمان الجودة واعتمادها إضافة إلى ذلك يستهدف التحول الرقمي تحسين الخدمات الصحية في المناطق النائية والمهمشة والتي تفتقر إلى الخدمات الصحية بالإضافة إلى تحسين منظومة الدعم من خلال تفعيل الهوية الرقمية في منظومات الدولة المختلفة.
وبين البسيوني أن التحول الرقمي يعزز ترسيخ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطوير مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية من خلال رفع كفاءة المؤسسات بالإضافة إلى تطوير قطاعات الدولة التنفيذية كالقطاع الصناعي والتجاري والنقل والبيئة والزراعة والعدل والسياحة من خلال دمج أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ونشر تطبيقات التوقيع الإلكتروني في الهيئات الحكومية.
ولفت أن تعزيز الاقتصاد الوطني يعتمد على تنمية اقتصاد المعرفة وزيادة مساهمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ليسهم بما قيمته 50% من العائد السيادي للدولة وتحقيق معدلات نمو بالقطاع تتراوح بين 7% إلى 10%. إضافة إلى تعزيز مكانة مصر على الخريطة العالمية في مجال خدمات التعهيد وذلك من خلال زيادة عدد المناطق التكنولوجية لتصل إلى 20 منطقة بالمحافظات المختلفة. وكذلك جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر من خلال رفع الوعي بالميزات التنافسية لمصر في مجال الاستثمار.