تتطلع الشركات المصرية إلى استئناف النشاط والأعمال في ليبيا، حيث تبدأ حكومة جديدة العمل لإعادة إعمار بلد دمره قتال وفوضى على مدى عقد من الزمان.
وقبل 2011، عندما انزلقت ليبيا إلى الفوضى، كانت الدولة المنتجة للنفط سوقا مربحة للمصدرين المصريين وشركات المقاولات والعمال.
وفي ظل حكومة جديدة تساندها الأمم المتحدة، تبحث الشركات المصرية عن فرص في قطاع الإنشاءات للعودة إلى ليبيا، غير أن مسؤولين تنفيذيين يقولون إن المسائل الأمنية واللوجستية، إلى جانب الاقتصاد الهش، لا تزال تمثل عقبات.
وبالنسبة للمنتجات الغذائية المصرية فهي بالفعل متوفرة على نطاق واسع في المتاجر الليبية، مع صادرات بلغت 55 مليون دولار في الربع الأول من العام.
لكن هاني برزي، رئيس مجلس إدارة شركة إيديتا للصناعات الغذائية ورئيس المجلس التصديري المصري للصناعات الغذائية، أبلغ رويترز بأن هذا المستوى أقل كثيرا من المأمول.
وقال “ليبيا ثاني أكبر دولة مستوردة للمنتجات الغذائية المصرية، ولكن أرقام التصدير مازالت متواضعة جدا بلغت 55 مليون دولار خلال الربع الأول من 2021، مقابل 51 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الماضي، بزيادة نحو 7.8 في المئة”.
وأضاف “الأرقام متواضعة جدا ويجب أن تكون 3 أضعاف هذه القيمة فهي السوق الأقرب لمصر ويجب أن نكون نحن المسيطرين على هذا السوق”.
وقال وليد جمال الدين رئيس المجلس التصديري لمواد البناء إن ربع واردات مواد الإنشاء الليبية قبل 2011 كانت تأتي من مصر، وهو مستوى يتوقع أن تصل إليه مصر مع عودة السوق الليبي إلى سابق عهده من العمل والنشاط.
وكانت ليبيا، الدولة العضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والتي يسكنها نحو سبعة ملايين نسمة، ذات يوم مصدر جذب كبيرا للعمال المهاجرين من مصر التي يسكنها نحو 100 مليون نسمة. لكن عشرات آلاف من الوافدين المصريين فروا بعد 2011 مع انزلاق ليبيا إلى الفوضى.
وقال حمدي إمام رئيس شعبة إلحاق العمالة بالخارج في الغرفة التجارية بالقاهرة إن السلطات الليبية تعمل على نظام تأشيرات جديد للعمال الذين سيستند استقدامهم إلى المهارة، وهي خطوة قد تشهد عودة المهاجرين بأعداد كبيرة مرة أخرى، مما يدر تحويلات جديدة على مصر.
وقال كمال الدسوقي نائب رئيس غرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات المصري إن ليبيا هي بالفعل “أكبر سوق لصادرات المواد العازلة في أفريقيا وثاني أكبر مستورد لصادرات الرخام المصري بالطن.. ونطمح فى هذا لكل القطاعات الأخرى”.
* تعاف هش
قال شريف الصياد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية في مصر إن هناك مؤشرات على تحسن التعافي الاقتصادي في ليبيا. وأضاف أن صادرات المنتجات الهندسية المصرية مثل الأجهزة المنزلية ارتفعت 45 بالمئة لتصل إلى 19.5 مليون دولار في الربع الأول مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
لكن السلام في ليبيا لا يزال هشا. وتواجه الحكومة الانتقالية مهمة ثقيلة لرأب الصدع الكبير بين شرق وغرب ليبيا وكذلك الحد من الخصومات القبلية. ويتعين عليها الإعداد للانتخابات المقررة في نهاية 2021 مما لا يتيح الكثير من الوقت للعمل على خطة للتعافي الاقتصادي.
وقال مدحت اسطفانوس العضو المنتدب لمجموعة تيتان مصر للأسمنت “قطاع مواد البناء سيكون له فرصة كبيرة فى السوق الليبى مع بداية الإعمار فى ظل وجود حدود برية، ولكن خطط ومشروعات إعادة الإعمار لم تتضح بعد”.
وأوضح اسطفانوس أن “تصدير الأسمنت إلى ليبيا لم يتوقف وكان مستمرا ولكن بكميات محدودة لارتفاع تكلفة النقل، كما يقتصر فقط على غرب ليبيا لوجود حدود برية وسهولة النقل، ولكن نتوقع زيادة فى الصادرات خلال الفترة المقبلة خاصة عندما تتضح مشروعات إعادة الإعمار”.
وبجانب التحديات اللوجستية ربما يتعين على الشركات المصرية التعامل مع منافسة قوية عندما يتسارع التعافي خاصة في غرب ليبيا حيث أكثر مناطق الدولة كثافة للسكان.
ودعمت مصر والإمارات قوات شرق ليبيا خلال الصراع في البلاد. ودعمت قطر وتركيا، المنافستان لمصر بمجالات التشييد والغذاء وصادرات أخرى بأسواق الشرق الأوسط، الفصائل في الغرب التي اتخذت من العاصمة طرابلس مقرا.
وتسعى القاهرة حاليا لبناء علاقات مع الحكومة الانتقالية في طرابلس وتستعد لإعادة فتح سفارتها هناك.
وقال هاني برزي رئيس مجلس إدارة شركة إيديتا للصناعات الغذائية إن الجهود الدبلوماسية تسير بصورة إيجابية لكن يتعين أيضا على السلطات مساعدة المصدرين المصريين في التغلب على المصاعب التي يواجهونها في ليبيا مثل سعر الصرف.