كشف تقرير لوكالة بلومبرج عن أن مصر مؤهلة بشكل أفضل مقارنة بالعديد من البلدان الأخرى لتفادي أية تذبذبات ستنجم عن خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي محفزاته المرتبطة بالجائحة.
ويجئ اعتماد مصر على التدفقات الأجنبية ضمن مبررات وضعها ضمن سلة الأسواق الناشئة المهددة بخروج الاستثمارات عندما يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض هذه المحفزات.
خفض محفزات الجائحة
ومن المتوقع أن تتسبب إجراءات الفيدرالي الأمريكي في تحفيز رفع أسعار الفائدة في الاقتصاديات المتقدمة، مما يجعلها أكثر تنافسية مقارنة بالعوائد المرتفعة التي تقدمها مصر، وإن كانت ذات مخاطرة أعلى.رفع أسعار الفائدة في الاقتصاديات المتقدمة سيشكل مصدر تحدي لمصر التي كان من شأن استثمارات قياسية استقبلتها وشملت أذون الخزانة والسندات تعزيز قدرتها على تلافي تداعيات الجائحة.
وهدأت مخاوف المستثمرين بفعل احتياطيات مصر من النقد الأجنبي التي تكفي واردات سبعة أشهر، إذ أنها تحمي البلاد من أية جولة بيعية محتملة تتعرض لها الأسواق الناشئة.
تحتفظ مصر بأعلى أسعار فائدة مقدرة بعد حساب التضخم في العالم، مما يمنحها ميزة تنافسية على القرناء.
وبحسب رئيس بحوث الاقتصاد الكلي لدى هيرمس إي.اف.جي محمد أبو باشا، تنامي اعتماد مصر على تدفقات رأس المال الداخلة لتمويل نوعين من العجز: ارتفاع إجمالي الاحتياجات التمويلية وارتفع مديونياتها كنسبة من إجمالي الناتج المحلي، مما يضعها ضمن الاقتصاديات المتعرضة للمخاطر، وإن كانت معادلة المخاطرة-العائد تحافظ على وضع الاستثمار فيها، إذ أنها تبقيه مربحا.
وهبطت الحيازات الأجنبية في السندات والأذون المحلية في مطلع عام 2020 بسبب الجائحة، قبل أن تتعافى لتصل إلى 33 مليار دولار في أغسطس.
وبحسب تقرير لتصنيفات ستاندرد اند بورز العالمية، إدراج مصر ضمن مؤشر سندات رسل فاينانشال تايمز وخطة انضمامها إلى مؤشر سندات الأسواق الناشئة لجي.بي.مورجان العام الجاري سيساعد على خفض التذبذبات في تدفقات المحافظ.
تحتفظ مصر بأعلى فارق بين سياسة الفائدة الأساسية ومعدلات التضخم من بين أكثر من 50 اقتصاد عالمي تتبعه وكالة بلومبرج.
وساعد هذا على جعل سندات مصر جاذبة ومفضلة لدى المستثمرين الدوليين، لكنه رفع تكاليف خدمة الدين.
وإذا ارتفعت أسعار الفائدة عالميا، ستواجه مصر ضغوطا لرفع العوائد حتى يتسنى لها استدامة التدفقات الداخلة.
ومن المتوقع أن يقبل الاحتياطي الفيدرالي على تشديد سياسته النقدية بوتيرة معتدلة خلال فترة زمنية ربما تمتد حتى منتصف 2022، مما يمنح مصر القدرة على التكيف.
احتياطيات الصرف الأجنبي أساسية
تلعب إمدادات مصر من الصرف الأجنبي دورا أساسيا في تخفيف تداعيات أية تقلبات. واستقر صافي الاحتياطيات الدولية العام الجاري ليسجل 40.7 مليار دولار في أغسطس.ويرى أحمد حافظ، رئيس البحوث لدى رينسانس كابتل، أن الاقتصاد الحقيقي، بما في ذلك السياحة، يواصل التحسن.
الجنيه مقدر بأكثر من قيمته
اعتبر بنك جولدمان ساكس جروب أن الجنيه المصري مقدر بأعلى من قيمته بشكل معتدل وأن واضعي السياسات يحرصون على المحافظة على قوة سعر الصرف.لكن التمسك بهذه السياسة ربما تؤثر بالسلب على تنافسية الصادرات المصرية.
وقال حافظ أن الجنيه ظل مستقرا لعام ومن غير المحتمل أن تطرأ عليه تغيرات ملموسة خلال فترة قادمة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر.
تكاليف خدمة الدين
تعد مصر واحدة من أكبر دول منطقة الشرق الأوسط من حيث المديونية.وترى مؤسسة ستاندرد اند بورز أن ضعف الماليات العامة هو نقطة الضعف الرئيسية لها بجانب ارتفاع تكاليف خدمة الدين التي تعد الأعلى من بين جميع الدول السيادية.
ويعني هذا أن مصر بحاجة للتأقلم مع التزايد الملموس في تكاليف الاقتراض.
وتعمل السلطات في مصر على معالجة هذا الوضع، وتقول ستاندرد اند بورز إن الحكومة المصرية حققت تقدما ملموسا بهذا الخصوص.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط إن معدل انفاق الميزانية المكرس لخدمة الدين بلغ 36% في يونيو، نزولا من 40% في العام السابق.
وتستهدف السلطات بلوغ معدل 32% منتصف 2022.
الاقتصاد ينمو بوتيرة أسرع من الدين
يظل معدل الدين إلى اجمالي الناتج المحلي مقبولا، لأسباب ترجع جزئيا إلى نمو الاقتصاد بوتيرة أسرع نسبيا.
وبعد تسجيل تراجعات سنوية عميقة، ارتفع الرقم في العام المالي 2020-2021 بفعل الجائحة.
وتم احتواء الأضرار جزئيا بسبب استمرار نمو الاقتصاد المصري خلافا للبلدان الأكثر ثراء في دول الخليج المصدرة للبترول.
وسجلت مصر نمو بنسبة 3.3% في اجمالي الناتج المحلي في العام المالي المنتهي في يونيه وتستهدف نسبة 5.5% في العام الجاري، بما يعني عودتها إلى مستويات ما قبل الجائحة.
تمديد استحقاقات الديون
وتسعى مصر لتخفيف أعباء المديونية عن طريق تنويع أنواع السندات التي تطرحها وتوسيع قاعدة مستثمريها.وهي تتحول كذلك صوب الديون الأطول أجلا، إذ قفز متوسط آجال استحقاقاتها إلى 3.26 عام بنهاية يونيو، صعودا من 1.3 عام في 2013.
وبفضل تمديد استحقاقات الديون، تعززت قدرة مصر على خفض الضغوط المباشرة التي يتعين على الحكومة مواجهتها حال خروج مستثمريها الأجانب.