قال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن الحرب الروسية الأوكرانية لها تأثير على الاقتصاد العالمي وأن مصر جزء من العالم، لكن الاقتصاد المصري قوي وقادر على الصمود والتصدي للأزمات وقد دخل في تجربة قوية نجح فيها بجدارة وهي جائحة كورونا التي أثرت بالسلب على الاقتصادات الكبرى لكن نجح فيها الاقتصاد المصري بعد تطبيق سياسات مالية واقتصادية واجتماعية ناجحة ما أدى لتحقيق معدلات نمو موجبة وتوقع المؤسسات الدولية البحثية زيادة معدلات النمو خلال العام الجاري، موضحًا أن مصر لديها خبرة وكفاءة تمكنها من مواجهة أي أثار سلبية جراء الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح "غراب"، أن الدولة المصرية استبقت الحرب الروسية الأوكرانية في تأمين إمدادات القمح فبعد أن كان الاحتياطي في عام 2017 لا يكفي شهرًا، فقد استطاعت الدولة خلال السنوات الأخيرة التوسع في زراعات القمح خلال المشروعات القومية الزراعية الجديدة كمشروع توشكى والدلتا الجديدة ومستقبل مصر وغيرها ما أدى لزيادة مساحات زراعة القمح بحجم يقترب من المليون فدان خلال السنوات الماضية، إضافة لمشروع الصوامع ما زاد من مخزون الاحتياطي من القمح يكفي لـ4 شهور، بالاضافة إلى الإنتاج المحلي الذي سيبدأ توريده في أبريل القادم سيكون لدينا احتياطي يكفي لمدة 9 أشهر وفق المصادر الرسمية، وهذا يعني أن الاحتياطي من القمح يكفي لنهاية العام الجاري ولا يوجد ما يدعو للقلق، كما أن الحكومة ستعمل على التنويع في واردات القمح من 14 دولة أخرى، هذا بالاضافة إلى وجود مخزون احتياطي استراتيجي من السلع الأخرى فالسكر يكفي 4.5 شهر، والأرز يكفي 6.5 شهر، والزيت يكفي 5.5 شهر، والفول يكفي 3 شهور.
ولفت "غراب"، إلى أن القيادة السياسية وضعت خطة محكمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح فقد حققنا 55% من الاكتفاء الذاتي وسنصل لـ 65% من الاكتفاء الذاتي منه عام 2025 وفقا للخطة المعدة، وهذا ناتج عن زيادة المساحة المزروعة بالقمح خلال العام الحالي، فقد أكدت الأرقام الرسمية أنه في عام 2020 تم زراعة نحو 3.42 مليون فدان من القمح بموجب 8 مليون طن من القمح، وأن جملة احتياجات مصر من القمح سنويا وفقا لإحصائيات وزارة الزراعة من 14 إلى 15 مليون طن قمح.
كما كشفت خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2021 /2022 التي اقرها مجلس النواب عن استهداف الحكومة رفع نسبة الاكتفاء الذاتي في خطتها لتصل خلال عام 2020 من 51% إلى 65% عام 2025 بحيث يزيد المزروع من 3.4 مليون فدان إلى 3.7 مليون فدان، إضافة إلى زيادة انتاجية الفدان من 2.7 طن إلى 3 طن، ويمكن تقدير التحسن في الاكتفاء الذاتي خلال العام المالي الجاري من 52% إلى 53.7%.
وأشار إلى أن الاقتصاد المصري شمولي ومتنوع وأكثر مرونة وقادر على التصدي وامتصاص الصدمات الاقتصادية المحلية والعالمية، موضحًا أن الدولة استطاعت خلال السنوات الماضية تعظيم المنتج المحلي وتوطين الكثير من الصناعات والتوسع في توطين صناعة مستلزمات الإنتاج وخامات الصناعة حتى نعتمد على أنفسنا وتقليل فاتورة الواردات وزيادة الصادرات، وهذا نتج عن تبني الحكومة إستراتيجية وطنية لتعظيم القدرة الإنتاجية في كافة القطاعات المختلفة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وكان نتاج ذلك فقد حققنا الاكتفاء الذاتي في الدواجن بنسبة 98%، وحققنا الاكتفاء الذاتي من الأسماك بنسبة 100%، وبيض المائدة بنسبة 100%، والألبان بنسبة 100%، وحققنا الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء لما يقارب الـ60% وسنصل لـ65 % عام 2025 خاصة مع استمرار دعم الدولة للمشروع القومي للبتلو، كما حققنا الاكتفاء الذاتي من السكر بنسبة تصل لـ90%.
وأضاف أنه من ناحية تأثر قطاع السياحة بانقطاع الوفود الروسية والأوكرانية عن مصر جراء الحرب، فإن هناك ارتفاع في أعداد السائحين القادمين من أوروبا كألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول، إضافة إلى بدء وزارة السياحة بوضع خطة تنشيطية في أسواق سياحية أخرى بديلة كسويسرا وإيطاليا وبريطانيا ودول وسط أوروبا والدول الاسكندنافية ،موضحا أن التأثير السياحي لن يكون على مصر فقط ولكن في دول كثيرة كانت تعتمد على السياحة الروسية والأوكرانية، مضيفا أنه يمكن أن تلعب الصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وإيرادات قناة السويس في تعويض ما يتراجع من إيرادات السياحة .
وأكد أنه رغم وجود الأثر الاقتصادي السلبي جراء الحرب الروسية الأوكرانية إلا أنه هناك تأثيرات إيجابية تعود على مصر وتصب في صالح الاقتصاد القومي منها إرتفاع إيرادات قناة السويس لأنها تعد الممر الملاحي الأمن الأن والأقصر مسافة في ظل عرقلة العمل بموانئ البحر الأسود وممر الشمال الروسي، هذا بالاضافة إلى أن مصر ودول أخرى ستصبح البديل في إمداد الدول الأوروبية بالغاز الطبيعي بديلا للغاز الروسي، ما يزيد من صادرات مصر من الغاز الطبيعي و بالأسعار العالمية العالية الجديدة بعد ارتفاع سعره، إضافة إلى إمكانية تصدير مصر من فائض الاحتياطي الاستراتيجي من الطاقة الكهربية لدول قارة أوروبا عن طريق كابل بحري بين مصر وقبرص ثم إلى أوروبا ما يساهم في تعزيز موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة.