أكد محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية، التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، أن الأنظار تتجه اليوم وسط حالة من الترقب إلى اجتماع الفيدرالى الأمريكى، حيث يواجه اختبارًا صعبًا فى محاولة منه لكبح جماح التضخم الذي بلغ أعلى مستويات له منذ 40 عامًا، عن طريق استخدام إحدى أهم أدواته وهى رفع أسعار الفائدة بما يكفي لخفض الطلب ومحاولة الموازنه ما بين خفض الطلب نوعا ما وإبقائه، حتى لا يقع فى فخ الركود الذى تحوم حوله الاقتصاديات فى دول العالم المختلفة الآن، خاصة أن التضخم ناتج ليس فقط عن زيادة المعروض النقدى وارتفاع الطلب ولكن الأهم هو ارتفاع تكلفة المواد الخام.
مواجهة التضخم
أوضح عبد الوهاب، أن مشكلة الفيدرالى الحالية ليست فقط في مواجهة التضخم ولكنه مواجهة الآثار الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها على الاقتصاد الأمريكى والعالمى والارتفاعات الكبيرة التى تشهدها أسواق السلع والمواد الخام وخاصة المواد النفطية.
ولفت إلى أن ارتفاع فواتير الطاقة مع تراجع أسواق الأسهم والائتمان قد يؤدي إلى استنزاف الطلب من قبل المستهلكين، مما سيزيد من فرص حدوث الركود الذى أصبح واقع تشهده العديد من الأسواق فى مختلف دول العالم.
وأضاف عبد الوهاب، أن رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس سيكون قرار كما أعتقد وكما يرى العديد من المختصين بلا فائده ولن يستطيع ايقاف التضخم الذى كما أوضحنا هو تضخم ناتج عن ارتفاع فى مدخلات العمليات الانتاجية وليس تضخم ناتج عن ارتفاع الطلب وتوفر السيولة فى يد المستهلكين كما هو معتاد.
وكشف عبد الوهاب، أن الفيدرالى الأمريكي أخطأ فى قراءة المشهد الاقتصادى بشكل كبير عندما استمر فى الإفراط فى استخدام سياسة التيسير الكمى خلال ازمة كوورنا حيث تتحمل تلك السياسة ويتحمل السادة مسؤولى الفيدرالى وحدهم نتيجة الإفراط فى سياساتهم والتى يدفع العالم بشكل كبير ضريبتها اليوم، مشيراً إلى أن إعلان باول اكثر من مرة أن حالة التضخم هى حالة عابرة كان الخطأ الأكبر والتلاعب بالاقتصاد العالمى ومن ثم العودة والاعتراف بأن البنك المركزي أخطأ تمامًا في قراءة مشكلة التضخم على أنها عابرة.
وتابع عبد الوهاب: 'من المتوقع ان يقوم الفيدرالى الأمريكي بتحريك أسعار الفائده خلال سبع اجتماعات حيث عدد اجتماعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لهذا العام، إلى جانب التخفيض فى الميزانية الذى لم يعلن عنه حتى الأن والتى تبلغ قيمتها 8.9 تريليون دولار، ربما تؤتى ثمارها فى تقليل السيوله النقديه لدى المؤسسات المالية لكن على النقيض من ذلك ستكون هناك عواقب وخيمة على أسواق السندات والأسهم '.
وقال عبد الوهاب: ' من الواضح لنا أن التضخم لن يستجيب بشكل كبير لتلك السياسات والتى ستدفع الفيدرالى إلى رفع اسعار الفائده إلى معدلات كبيرة ربما تكون الأكبر فى تاريخ الفيدرالى حتى يتمكن من المواجهة مع التضخم الذى يرتفع بمعدلات كبيرة هو الأخر والنتيجه هى مزيدا من الركود الذى سيتجه بالاقتصاد العالمى إلى حالة من الكساد العظيم ربما ستكون تلك الحالة هى الأسوأ فى التاريخ البشرى.
الانكماش الاقتصادى
وشدد عبد الوهاب على أن العالم مع نهاية العام سيشهد حالة من الانكماش الاقتصادى اذا ما ساتمرت الاضطرابات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا واذا ما شهدنا لاعبا جديدا فى ساحة القتال.
أكد المستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية، أن رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة حسب المتوقع بمقدار 25 نقطة لن يكون ذو أثر كبير على الأسواق التى ربما ستتعامل مع الأمر بصورة وقتية ولكن رفع الفائده بمقدار 50 نقطة أو أكثر سيكون له أثر سلبى على أداء اسواق الأسهم والذهب الذى سيكون تراجعه محدود مع 25 نقطة وسيكون كبير نوعا ما عند رفع الفائدة 50 نقطة أو أكثر، مشيراً إلى أنه سرعان ما سيتلاشى التأثير ويعود مرة أخرى اكثر ارتفاعا نتيجة الاضطرابات وحالة عدم اليقين التى يعيش فيها العالم اليوم.
وأضاف عبد الوهاب، أن اتخاذ قرارات خاطئه وقراءة خاطئه للمشهد الاقتصادى العالمى من الطبيعى أن تكون نتيجته تلك الحالة التى نعيش فيها اليوم، مؤكداً أن الفيدرالى الأمريكي أخطأ فى قراءة المشهد منذ البداية وأفرط فى استخدام ادواته وطباعة أموال سهلة يدفع العالم جميعه اليوم نتيجتها كما فعل بنا الفيدرالى الأمريكى قبل الأزمة المالية فى 2008 حيث كانت لسياسات آلان غرينسبان رئيس الفيدرالى وقتها نفس النتيجة، اذ تعددت الأسباب والنتيجة واحده فالى متى سوف يترك الفيدرالى الأمريكى يتحكم في المشهد العالمي