أثرت حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية سلباً على معنويات الأسواق، وارتفعت سندات الخزانة الأمريكية، باستثناء السندات ذات أجل عامين، والتي كانت مستقرة نتيجة لتزايد التوقعات بأن تكون دورة التشديد النقدي أكثر قوة.
في هذه الأثناء، تراجعت الأسهم الأمريكية مع تراجع مؤشر ستاندرد أند بورز إلى أدنى مستوى له منذ مارس 2021.
وعلى صعيد العملات، انخفض الدولار للمرة الأولى في سبعة أسابيع. وفي الأسواق الناشئة، أثرت البيانات الاقتصادية الضعيفة الواردة من الصين في وقت مبكر من الأسبوع على المعنويات ومخاوف النمو المتزايدة، بينما قرر بنك الشعب الصيني يوم الجمعة خفض أسعار الفائدة، مما عزز معنويات الأسواق وأتاح لمؤشرات الأسواق الناشئة الرئيسية بإنهاء تعاملات الأسبوع على ارتفاع.
تحركات الأسواق:
سوق السندات:
حققت سندات الخزانة الأمريكية مكاسب على مستوى جميع آجال الاستحقاق، باستثناء السندات ذات أجل عامين.
وربحت غالبية الآجال بسبب مخاوف من حدوث ركود اقتصادي وسط دورة من التشديد النقدي.
وكانت المخاوف حيال توقعات النمو مدفوعة بتراجع أرباح تجار التجزئة الأمريكيين الرئيسيين (بما في ذلك وول مارت وتارجت) مما أثار مخاوف بشأن معدلات الاستهلاك وبعض البيانات الاقتصادية التي جاءت أضعف من المتوقع في الولايات المتحدة والصين. وفي غضون ذلك، خسرت السندات ذات أجل عامين نتيجة استمرار التوقعات برفع الفيدرالي الفائدة 50 نقطة أساس في الاجتماعين القادمين.
وعلى صعيد العوائد الاسمية، استقرت عوائد السندات أجل عامين، حيث ارتفعت بمقدار 0.2 نقطة أساس فقط لتصل إلى 2.584%.
وانخفضت العوائد على فترات الاستحقاق المتبقية مع انخفاض عائدات السندات أجل 5 سنوات 6.6 نقطة أساس إلى 2.801%، وانخفضت عائدات الـ 10 سنوات 13.8 نقطة أساس إلى 2.783% كما هبطت عائدات السندات أجل 30 عامًا 9.4بمقدار نقطة أساس لتصل إلى 2.989%.
العملات:
انخفض مؤشر الدولار بنسبة 1.35% خلال الأسبوع بعد أن سجل أعلى مستوى له في 20 عامًا قبل أسبوع، متوقفًا عن مكاسبه التي سجلها منذ بداية العام، والتي وصلت حاليًا 7.21%.
وعلى الرغم من تأكيد باول على استعداده لرفع أسعار الفائدة فوق المستوى الحيادي للحد من ارتفاع التضخم، فقد انخفض الدولار بعد خسائر فادحة في سوق الأسهم الأمريكية.
ارتفع اليورو بنسبة 1.46% ليصل إلى أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الدولار، وسط توقعات بقيام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة في وقت مبكر من يوليو ونتيجة لضعف الدولار الأمريكي.
وصعد الجنيه الاسترليني بنسبة 1.78% على خلفية قوة بيانات مبيعات التجزئة وضعف الدولار. ارتفع الين الياباني بنسبة 1.05% مقابل الدولار الأمريكي الذي تراجع خلال الاسبوع.
الذهب
أنهت أسعار الذهب تعاملات هذا الأسبوع على ارتفاع، بعد سلسلة الخسائر التي دامت لأربعة أسابيع على التوالي، حيث ارتفعت بنسبة 1.92% لتصل إلى 1,846.50 دولار للأونصة، حيث جاءت المكاسب على خلفية ضعف الدولار وانخفاض عوائد سندات الخزانة على مستوى غالبية آجال الاستحقاق.
ويرجع صعود الأسعار بشكل رئيسي إلى المخاوف من الركود، وهي الحالة التي سيطرت على معظم تعاملات الأسبوع، مع صدور بعض البيانات الاقتصادية، والتي جاءت أقل من المتوقع، لتؤكد على المخاطر التي تواجه توقعات النمو في الوقت الذي يستعد فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية بأقوى وتيرة له قوة منذ سنوات.
ارتفع الذهب في كل يوم من أيام الأسبوع باستثناء يوم الثلاثاء، حيث قام المستثمرون بتقييم التصريحات الصادرة عن باول وغيره من المسؤولين الفيدراليين، والتي ذكر فيها باول بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيفعل كل ما يتطلبه الأمر لدفع التضخم نحو التراجع إلى النطاق المُستهدف، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة الرئيسية فوق المستوى الحيادي.
واستأنف الذهب مكاسبه بعد ذلك في تعاملات يوم الخميس، حيث أشارت البيانات الاقتصادية الضعيفة، خاصة في أسواق العمل والإسكان، فضلاً عن تقارير الأرباح الفصلية الضعيفة الواردة عن شركات تجارة التجزئة إلى تأثير ارتفاع معدل التضخم على هوامش الأرباح ومعدلات الإنفاق الاستهلاكي، وتفاقمت المخاوف من حدوث ركود، مما أدى إلى زيادة الطلب على الملاذ الآمن.
عملات الأسواق الناشئة
وعلى صعيد الأسواق الناشئة، أغلق مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة MSCI EM تداولات الأسبوع على ارتفاع بنسبة (+1.17%)، ليرتفع عن أدنى مستوياته المسجلة منذ نوفمبر 2020والتي وصل اليها خلال تداولات الأسبوع الماضي، ومع انخفاض الدولار، تمكن المؤشر من إيقاف سلسلة الخسائر التي دامت لستة أسابيع.
ارتفعت غالبية عملات الأسواق الناشئة التي يتتبعها مؤشر بلومبرج لعملات الأسواق الناشئة، حيث خسرت 4 عملات فقط من أصل 24 عملة مدرجة في المؤشر خلال تداولات هذا الأسبوع.
وكان الروبل الروسي (+4.13%) الأفضل أداءً، حيث أنهى تداولات الأسبوع عند أعلى مستوى له في عامين مقابل الدولار، وكذلك عند أعلى مستوى له في خمس سنوات مقابل اليورو، حيث بدأت مزيداً من الشركات في الامتثال لطلب الرئيس بوتين في التحول نحو تسديد مدفوعات الغاز الطبيعي بالروبل الروسي.
وجاء الريال البرازيلي بنسبة (+3.71%) في المرتبة الثانية، حيث انخفضت نسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد لتصل الى 78.5% في شهر مارس، مسجلة أدنى مستوى لها منذ تفشي وباء فيروس كورونا. علاوة على ذلك، سجلت الحكومة فائض أولي قدره 0.911 مليار دولار مقارنة بتوقعات وجود عجز في الموازنة بنحو 0.148 مليار دولار في شهر مارس.
ومن ناحية أخرى، كانت الليرة التركية (-2.69%) العملة الأسوأ أداءً في الأسبوع، حيث خسرت العملة في إحدى عشرة (11) جلسة تداول من أصل اثنتي عشرة (12) جلسة، بعد ان أظهرت البيانات في وقت سابق من هذا الأسبوع اتساع فجوة عجز الحساب الجاري للشهر الخامس على التوالي وسط ارتفاع أسعار الطاقة.
كان البيزو الأرجنتيني (-0.90%) ثاني أسوأ عملة أداءً في الأسبوع، حيث أظهرت البيانات أن النشاط الاقتصادي في البلاد انخفض بنسبة -0.7% على أساس شهري، كما جاء أقل مما كان متوقعاً على أساس سنوي، ليستقر عند 4.8%.
أسواق الأسهم:
شهدت الأسهم أسبوعًا متقلبًا، حيث استمرت في مواجهة الضغوط الهبوطية وسط تصريحات باول بشأن التزام الاحتياطي الفيدرالي بمكافحة ارتفاع معدلات التضخم من خلال رفع معدلات الفائدة فوق المستوى المحايد. علاوة على ذلك، تعرضت الأسهم لضغطٍ بفعل المخاوف من حدوث ركود على خلفية نتائج الأرباح الفصلية المخيبة للآمال والواردة عن كبرى الشركات العاملة في مجال تجارة التجزئة، الى جانب صدور بعض البيانات الاقتصادية الضعيفة. وتراجع مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 بنسبة 3.05% ليصل إلى أدنى مستوى له منذ مارس 2021، مسجلًا خسائر للأسبوع السابع على التوالي، وذلك في أطول سلسلة خسائر شهدها المؤشر منذ أزمة فقاعة الإنترنت (Dot-com Bubble).
وانخفضت معظم القطاعات المُدرجة في المؤشر خلال الأسبوع، وذلك بقيادة قطاعات السلع الاستهلاكية الأساسية، والسلع الاستهلاكية الكمالية، وتكنولوجيا المعلومات، والتصنيع، والاتصالات، بينما واصل قطاع الطاقة تفوقه مع ارتفاع أسعار النفط الخام للأسبوع الرابع على التوالي. من الجدير بالذكر أن المؤشر سجل أكبر خسارة يومية له منذ يونيو 2020، وذلك في تداولات يوم الأربعاء (-4.04%) ، حيث انخفضت أسهم شركة تارجت (Target) بنسبة (-24.9%)، وذلك في أسوأ تراجع لها منذ عام 1987 عقب الإعلان عن الأرباح الفصلية الخاصة بالربع الأول، والتي جاءت أقل بكثير من التوقعات بسبب ارتفاع تكلفة الوقود والرواتب، وهو الأمر الذي أدى إلى تزايد المخاوف حيال النظرة المستقبلية لأرباح الشركات الفصلية وإنفاق المستهلكين، خاصة عقب التقارير الفصلية المخيبة للآمال الصادرة بشكل متتالي عن كل من شركة وول مارت (Walmart) وشركة تارجت (Target)، حيث سلط كلا التقريرين الضوء على الآثار السلبية الناجمة عن ارتفاع التضخم. وتجدر الإشارة إلى أنه في جلسة التداول المُنعقدة يوم الجمعة، دخل المؤشر في مرحلة السوق الهابطة، إذ تراجع بأكثر من 2% في وقت مبكر من الجلسة، لينخفض بذلك بنسبة 20% عن مستوى الإغلاق القياسي المرتفع والذي سجله المؤشر في 3 يناير.
ومع ذلك، تمكن المؤشر من تعويض الخسائر التي تكبدها في وقت مبكر بحلول نهاية الجلسة، متجنبًا بذلك دخول في اتجاه هبوطي. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي Dow Jones Industrial Average index بنسبة 2.90%، وذلك للأسبوع الثامن على التوالي، منخفضًا بذلك إلى أسوأ مستوى له منذ أكثر من عام. وفي هذه الأثناء، هبط مؤشر ناسداك المركب لأسهم الشركات التكنولوجية الكبرى Nasdaq بنسبة 3.82% مع تراجع أسهم شركات النمو الكبرى الحساسة تجاه معدلات الفائدة، مما أدى إلى انخفاض المؤشر. وشهدت أسهم كل من مايكروسوفت (-3.28%)، وأمازون (-4.83%)، ونفيديا (-5.72%)، وتويتر (-5.97%)، وأبل (-6.47%)، وتسلا (-13.73%) تراجعات كبيرة خلال الأسبوع، مما أدى إلى انخفاض مؤشر + FANG بنسبة -4.02% بقياس أسبوعي، مسجلًا بذلك أكبر خسارة له في أربعة أسابيع.
وارتفعت تقلبات السوق خلال الأسبوع، حيث ارتفع مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق بمقدار 0.56 نقطة ليستقر عند 29.43 نقطة، وذلك عقب سلسلة خسائر دامت لأسبوعين مع استمرار المؤشر عند معدلات فوق متوسطه منذ بداية العام وحتى تاريخه والبالغ 25.91 نقطة.
وتباين أداء الأسهم الأوربية بشكل طفيف هذا الأسبوع، حيث تراجع مؤشر Stoxx 600 بنسبة 0.55%، مدفوعًا بالقلق إزاء التضخم، ونتائج الأرباح الفصلية التي جاءت أقل مما كان متوقعًا، ومخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي وسط رفع لمعدلات الفائدة بشكل قوي.
وعلى صعيد المؤشرات الإقليمية، تراجع مؤشر داكس الألماني DAX (-0.33%)، ومؤشر FTSE 250 البريطاني (-0.43%)، ومؤشر CAC 40 الفرنسي (-1.22%) خلال تعاملات هذا الأسبوع، بينما انتعش مؤشر FTSE MIB الإيطالي (0.19%).
وبالانتقال إلى الأسواق الناشئة، ارتفع مؤشر مورجان ستانلي لأسهم الأسواق الناشئة EM MSCI بنسبة 3.07%، مسجلًا بذلك أول ارتفاع أسبوعي له في ثلاثة أسابيع، حتى مع اقتراب الأسهم الأمريكية من الدخول في اتجاه هبوطي .
وجاءت مكاسب المؤشر بعد أن قرر بنك الشعب الصيني (PBOC) يوم الجمعة خفض معدل الفائدة الأساسية للقروض مدة خمس سنوات، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع المؤشر بنسبة 2% فقط في جلسة الجمعة.
البترول:
ارتفعت أسعار النفط بعد هبوطها في الأسبوع السابق، حيث أغلقت على ارتفاع بنسبة 0.90% لتنهي الأسبوع عند 112.55 دولارًا للبرميل حيث خطط المسؤولون الصينيون لتخفيف قيود الإغلاق في شنغهاي ومع قيام بنك الشعب الصيني بتيسير السياسة النقدية في نهاية الأسبوع، لمواجهة مخاوف انخفاض الطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم. خسر النفط يوم الثلاثاء بعد أنباء عن تفويض إدارة بايدن لشركة النفط الأمريكية شيفرون كورب للتفاوض على ترخيصها مع شركة النفط الفنزويلية الحكومية PDVSA والسماح للشركات الأوروبية العاملة في فنزويلا بتحويل النفط المتجه من الصين إلى أوروبا.
وفي يوم الأربعاء، خسر النفط مرة أخرى حيث أصبح التجار أقل قلقًا بشأن أزمة إمدادات محتملة حيث زادت مصافي التكرير الأمريكية من إنتاجها وأفادت وكالة معلومات الطاقة أن السعة التشغيلية على السواحل الشرقية والخليجية زادت الى 95%، لتقترب من أعلى معدلات التشغيل الممكنة.
ثم استمر سعر النفط في الارتفاع يوم الخميس حيث بدأت حالات Covid في الصين في الاستقرار، وبدأ كبار المسؤولين في شنغهاي، أكبر ميناء في العالم، في التخطيط لإعادة الافتتاح اعتبارًا من الأول من يونيو والسماح للمؤسسات المالية بالعودة إلى العمل إعادة فتح وسائل النقل العام في بعض المناطق. واصل النفط ارتفاعه يوم الجمعة حيث اتجه بنك الشعب الصيني (PBoC) الى تيسير السياسة النقدية بعد تراجع المخاوف من تأثير التباطؤ بالنشاط الاقتصادي الصيني على الطلب العالمي على النفط.