يتوقع خبراء الاقتصاد، أن تتراوح قيمة القرض الجديد من صندوق النقد الدولى بين 5 إلى 20 مليار دولار وذلك لسد الفجوة التمويلية لمصر من النقد الأجنبي.
ووصلت مفاوضات مصر إلى مرحلة متقدمة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، بعد انتهاء جولة من المشاورات والمباحثات الفنية بين بعثة من الصندوق والحكومة المصرية للتباحث بخصوص برنامج تمويلي جديد.
وبحسب نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء، فإن المشاورات بين مصر وصندوق النقد الدولي مستمرة في الأسابيع المقبلة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بين الجانبين.
وفي السنوات الست الأخيرة، حصلت مصر على 3 قروض من صندوق النقد الدولي؛ الأول في عام 2016 بقيمة 12 مليار دولار لتمويل برنامج للإصلاح الاقتصادي، والثاني بقيمة 2.77 مليار دولار لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، واستكملت بقرض ثالث بقيمة 5.2 مليارات دولار ضمن برنامج الاستعداد الائتماني.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، فخري الفقي، إن مصر اتجهت للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي لسد الفجوة التمويلية من النقد الأجنبي.
وأوضح الفقي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إن مصر تواجه تحديًا في انخفاض مخزون الاحتياطي النقدي، موضحًا حاجتها إلى 35 مليار دولار خلال العام المالي الجاري 2022/2023 لتعويض خروج استثمارات أجنبية من البلاد بلغت قيمتها 20 مليار دولار، وسداد التزاماتها الدولية بقيمة 15 مليار دولار.
وأضاف أن مصر تحاول تعويض تراجع الاحتياطي من خلال مساعدات خليجية، منها 15 مليار دولار من السعودية، قدمت منها بالفعل 5 مليارات دولار وديعة في البنك المركزي، فيما تترقب ضخ استثمارات سعودية بقيمة 10 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة.
كما تعتزم قطر ضخ استثمارات مباشرة بقيمة 5 مليارات دولار، فيما ضخت الإمارات 2 مليار دولار لشراء حصص حكومية في شركات مقيدة، ويتبقى فجوة بقيمة 13 مليار دولار تحاول الحكومة سدها من خلال الحصول على قرض من صندوق النقد.
وسيتبقى فجوة بين 5-7 مليارات دولار ستحاول مصر سدها من خلال جذب استثمارات أجنبية مباشرة، وتمويلات من مؤسسات دولية أخرى.
ورجح الفقي، الذي سبق أن شغل منصب مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أن تحصل مصر على قرض بقيمة تتراوح بين 5 و7 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي ضمن برنامج تسهيل ممدد لمدة 3 سنوات.
وأشار، إلى تجارب مصر في الاقتراض من الصندوق خلال السنوات الماضية، حيث حصلت على قرض بقيمة 12 مليار دولار عام 2016 بصفتها عضوة في صندوق النقد الدولي بحصة تقل قليلًا عن 3 مليارات دولار، كما حصلت على 8 مليارات دولار، وحتى الآن نجحت الحكومة في سداد 5 مليارات دولار من هذه القروض.
وتراجع احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 33.4 مليار دولار في نهاية يونيو من 35.5 مليار دولار في نهاية مايو، بحسب بيانات البنك المركزي.
وأبدى رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، تفاؤله بسيطرة مصر على معدل التضخم خلال الفترة المقبلة، سواء التضخم الخارجي، حيث يتوقع أن تتراجع أسعار القمح من 500 دولار للطن منذ حوالي أسبوعين ليتراوح بين 400 و370 دولارًا إلى أن يستقر رب مستويات 340 دولارًا للطن.
وانخفاض سعر برميل النفط من 120 إلى 95 دولارًا للبرميل، لا سيما بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية والتي تضمنت مناقشات لمطالبة مجموعة أوبك بلس بزيادة حجم إنتاجها من النفط، وأخيرًا اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك لدول العشرين في مديني بالي بإندونيسيا، أو التضخم المحلي من خلال رفع البنك المركزي لسعر الفائدة لكبح التضخم.
وتراجع معدل التضخم في مصر للمرة الأولى خلال 7 أشهر في يونيو الماضي، عقب انخفاض معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 13.2% خلال يونيو من 13.5% في مايو، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقال الخبير الاقتصادي هاني جنينة إن مصر في حاجة ماسة للحصول على قرض صندوق النقد الدولي، لسد الفجوة التمويلية في ميزان المدفوعات والتي تقترب من 40 مليار دولار مقسمة بين 20 مليار دولار لسداد مديونيات مصر الخارجية، و20 مليار آخرين عجز في المعاملات الجارية.
وأوضح جنينة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن ثقة المستثمرين الأجانب في مصر سترتفع بعد الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ لأن موافقة الصندوق تعني اتفاقها مع مصر على برنامج محدد للإصلاح الاقتصادي، يعالج هيكل الاقتصاد الوطني، مما يمنح الثقة للمستثمر في قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الدولية، مشيرًا في هذا الصدد إلى تعديل مؤسسة "موديز" للنظرة المستقبلية لمصر في آخر تقييمها بسبب حجم الدين الخارجي لمصر، وبحصولها على قرض الصندوق قد يسهم في تعديل نظرة المؤسسة إلى الإيجابية مرة ثانية مما يخفض من تكلفة سعر الاقتراض من المؤسسات الدولية.
ورجح جنينة أن تصل قيمة قرض صندوق النقد الدولي لمصر بين 15-20 مليار دولار، مبررًا وجهة نظره بأن القرض يأتي ضمن برنامج تسهيل صندوق ممدد لمصر، حيث يتميز هذا البرنامج بفترات أطول في السداد مقارنة بمعظم الاتفاقات الأخرى التي يتيحها الصندوق، كما أن آخر قرض حصلت عليه الأرجنتين بنفس الظروف الصعبة التي تمر بها مصر، بلغت قيمته 45 مليار دولار.
وقال الخبير الاقتصادي، إن موافقة صندوق النقد على برنامج تسهيل ممدد لمصر يتطلب موافقة الأخيرة على عدة اشتراطات أهمها تقليص عجز في الموازنة العامة للدولة، مما يتطلب مراجعة 3 بنود أساسية، وهي أولًا السيطرة على دعم المحروقات، وبالفعل رفعت أسعار المنتجات البترولية بقيمة 50 قرشًا الأسبوع الماضي، ثانيًا خفض دعم الخبز الذي يصل إلى 80 مليار جنيه (حوالي 4 مليار دولار).
وأضاف أن الصندوق قد يطالب برفع تدريجي لسعر الخبز لخفض هذه الفاتورة، واتفاق الصندوق سيمتد إلى 4 سنوات مما يمكن الدولة من الرفع التدريجي لسعر الخبز المدعم، ثالثًا سعر صرف الجنيه، متوقعًا إتمام المفاوضات خلال شهرين على حد أقصى؛ لأن مصر لا تمتلك رفاهية الوقت في ظل التراجع المتتالي للاحتياطي النقدي.