أكد محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية بمجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية، على ضرورة عدم استجابة الدولة لأى ضغوط سواء داخلية أو خارجية للقيام بتحرير كامل لسعر صرف العملة أو ما يطلق عليه التعويم الكامل.
أوضح عبد الوهاب أن تجارب الدول القريبة منا تؤكد أن الانسياق وراء تلك الضغوط يسبب خسائر كبيرة للاقتصاد.
رفض الاستجابة لضغوط تحرير سعر العملة
وأضاف عبد الوهاب إلى أن هناك حديث قوي خلال تلك الأيام داخلياً وخارجياً حول ضرورة اتجاه البنك المركزي المصري لمنح مزيد من السيولة في سعر الصرف ، وهو ما لا يجب الاستماع له.
واستشهد بتجربة تركيا عندما حررت عملتها فى عام 2018 وتعرضت عملتها للعديد من الضغوط حيث انخفضت قيمة العملة في قرابة الخمس سنوات حوالي 72% من قيمتها وارتفع معدل التضخم فيها متجاوزا الـ 80% خلال تلك الفترة، وبالقياس على ما سبق فان هذا يجعل من قيمة الجنيه فى مواجهة الدولار أعلى من 55 جنية لكل دولار حيث كان 1 دولار فى 2018 يساوى قرابة 15 جنيه .
التحرير الكامل للعملة يؤدى لنتائج سلبية قد لا تحتملها مصر
وشدد المحلل الاقتصادي، إلى أن مصر غير مستعدة لتلك المرحلة الجديدة حيث أن القاعدة الإنتاجية فى مصر والصناعة تعانى منذ سنوات وبالتالى العائد من التصدير منخفض جدا ، على عكس الاقتصاد التركى حيث إن إجمالي صادرات تركيا 225.4 مليار دولار عن عام الماضي ، محققا نمو بنسبة 32.9٪ ، مقارنة بالعام 2020، هذا الى جانب السياحة التركية التى ارتفعت خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 190% لتسجل 8.7 مليار دولار.
وأشار محمد عبد الوهاب ، إلى أن السياحة حققت لتركيا فى عام 2021 ما يقرب من 25 مليار دولار، إلى جانب تحقيق الاقتصاد التركى اكتفاء ذاتي من العديد من المنتجات محليا، الى جانب ارتفاع الاحتياطى النقدى التركي من العملات الأجنبية الذى يقارب على 80 مليار دولار، علي عكس الوضع فى مصر حيث الاحتياطى من النقد الأجنبي قرابة الـ 33 مليار دولار نتيجة لأن الانتاج الصناعى والتصدير فى وضع مزري للغاية.
وأوضح عبد الوهاب، أنه على الرغم من زيادة حجم الصادرات المصرية خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 36% فى 2022 حيث ارتفعت إلى 27.4 مليار دولار مقابل 20.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021، بزيادة 7.3 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تتخطى حجم الصادرات المصرية 40 مليار دولار خلال هذا العام نتيجة المحفزات والدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة للمصدرين.
الاستفادة من تجارب الدول التى حررت عملتها
كما زادت أيضا أرقام السياحة فى مصر حيث استطاعت أن تحقق ارتفاعاً في عدد السياح بـ 30% هذا العام، حيث بلغ عدد السياح الوافدين لمصر النصف الأول من العام 2022 حوالي 4.9 مليون سائح مقابل 2.6 مليون سائح النصف الأول من 2021 ولكن يبقى الرقم بعيد عن المستهدف والمنتظر لقطاع سياحة ضخم حيث تهدف الحكومة المصرية لوصول إيرادات السياحة إلى 30 مليار دولار بحلول 2025.
وأكد المحلل الاقتصادي أنه بالرغم من المعدلات الايجابية لكافة قطاعات الاقتصاد المصرى، إلا أنه يجب الحذر وعدم الاستسلام لأية ضغوط في التحول التام لسوق عملات حر قبل أن يرتكز الاقتصاد المصرى إلى ركيزة قوية من التصدير وارتفاع الاحتياطي الأجنبي، حتى يستطيع المركزى فرض سيطرة أكبر على عمليات السوق المفتوحة كذلك توجية دعم كامل وواضح لقطاع الاستثمار والسياحة والتصدير والتوقف عن جذب الأموال الساخنة ، أو الاعتماد عليها.