تسعى مصر لتعزيز مشاركة القطاع الخاص، لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي، عبر طرح شركات حكومية في البورصة، ومن خلال الشراكة المباشرة في المشاريع والشركات القابضة مع مستثمرين رئيسيين كما تستهدف طرح بعض الأصول الحكومية أمام القطاع الخاص للاستحواذ على نسب منها، وتُقدر الحكومة قيمة هذه الأصول بنحو 40 مليار دولار، يتم طرحها على مدار 4 سنوات بمتوسط 10 مليارات كل عام.
دخلت مجموعة من الصناديق السيادية الخليجية ومن بينهم السيادي السعودي صندوق الاستثمارات العامة في مفاوضات متقدمة مع الحكومة المصرية بشأن الاستحواذ على حصة في أسهم الشركة القابضة للسياحة والفنادق، والتي يندرج تحتها 9 شركات تابعة والتي نجحت في تحقيق 30 مليون جنيه صافي أرباح خلال موازنة العام المالي 2021-2022 والتي تضم 7 فنادق حكومية، “ماريوت” القاهرة، و”كتاراكت” أسوان، و”مينا هاوس” الهرم، و”وينتر بالاس” الأقصر، و”سيسل” الإسكندرية، و”موفنبيك” أسوان، و”ألفنتين” أسوان.
يأتي ذلك بعدما أعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي منتصف مايو الماضي، أنه يجري العمل على دمج 7 فنادق حكومية تحت مظلّة شركة واحدة تمهيداً لطرحها بالبورصة أو على مستثمرين، وكذلك دمج أكبر 7 موانئ تحت كيان واحد تمهيداً لطرحها أيضاً.
وفي مطلع يناير الجاري، أكد صندوق النقد الدولي التزام دول الخليج بضخ مزيد من الاستثمارات في السوق المصري في إطار الدعم الذي يوفره اتفاق مصر مع الصندوق وحصلت الحكومة المصرية على قرض جديد من صندوق النقد الدولي في ديسمبر الماضي بقيمة 3 مليارات دولار، ويتيح الاتفاق الاخير للحكومة المصرية الحصول على 14 مليار دولار من الشركاء الدوليين.
وخلال 2022 استثمر السيادي السعودي ما يقرب من 1.3 مليار دولار في السوق المصري؛ عبر الاستحواذ على حصص في الشركات المصرية بينما قامت صناديق ومؤسسات إماراتية بضخ استثمارات في حدود 2.3 مليار دولار بعد ما تنفيذ ما يزيد على 7 استحواذات في السوق المصري.
اشتراطات صندوق النقد
أكد الدكتور صلاح الدين فهمى، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن عملية إجراء الطروحات الحكومية تخضع لاشتراطات صندوق النقد الدولي، لافتا إلى أن برنامج الطروحات منذ إطلاقه عام 2018، شهد طرح شركة 'إي فاينانس'، والطرح الثانوي لحصص في شركتي الشرقية للدخان وأبوقير للأسمدة والتى تعتبر من الطروحات الناجحة.
وأكد أن الوسيلة الوحيدة لطرح المؤسسات والشركات هى بورصة الأوراق المالية لأنها الأنسب حاليًا لإعادة تقييم تلك الأصول، خاصة أن القيمة الدفترية لبعض الأصول والشركات المملوكة للدولة لا تتناسب مع موجات التضخم وانخفاض قيمة العملة، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين القيمة الدفترية للأصل والقيمة الفعلية، ذلك أن الأولى هى المكتوب فى عقد تأسس الشركة أو المؤسسة، أما القيمة الفعلية فهى الحقيقية والتى تعبر عن قيمة الأصل الحقيقية.
وشدد على ضرورة أن تكون البورصة قد استعدت لعمليات طرح المؤسسات، لافتا إلى ضرورة التقييم العادل للشركات والمؤسسات المملوكة للدولة حفاظًا على حقوق المصريين وحق الدولة وعدم الخسارة، مشيرًا إلى أن الأوضاع الاقتصادية العالمية قد تؤثر سلبًا على عملية الطرح.
الصناديق الخليجية
وأكدت حنان رمسيس خبيرة أسواق المال، أن الأولوية الآن للصناديق الخليجية؛ نتيجة توجيه صندوق النقد الدولى، لافتا إلى أن أسعار الأسهم ترتفع بعد شراء الصناديق الخليجية حصة فيها نتيجة أنها شركات جيدة وكانت مشكلتها الوحيدة هى توفير السيولة المالية، فبدلا من الاقتراض من البنوك اتجهت إلى بيع حصة منها لمستثمر خليجى ودخلت جزء من الحصة كمصاريف تشغيل حسنت من جودة المنتج وجددت من خطوط الإنتاج، وتم عمل توسعات فى الفروع، كما ساعد ذلك على استقطاب مستشارين من الخارج 'مستشارى التقنيه والتشغيل'، والشركات الخليجية لهم تاريخ فى الاستفادة من الخبرات الأجنبية خاصة انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، مما أنجح الشركات المصرية التى تم طرح حصص منها للاستثمار الخليجي.
وأضافت أن فرق العملات الخليجية عن الجنيه المصري تعطي دفعة لاستثمار، مما يعطى قدرة على حل المشاكل وينتظر عائد طويل الأجل، لافتا إلى أن المستثمرين يبحثون عن الأسهم التى يتداول فيها المتداولين العرب نتيجة الفرص الشرائية القوية التى تدعم أداء تلك الأسهم، وبالتالى ينتعش اسعارها فى البورصة.
وأشارت إلى أن قطاع السياحة والترفية من أهم القطاعات التى يهتم بها الاستثمار الخليجي الآن؛ نتيجة امتداد حركة الضيافة المتواجدة على شواطئ مصر، لافتة إلى أنهم متأكدين من أن القاهرة درة إفريقيا إذ تتميز مصر بالعديد من الميزات السياحية كذلك يهتم الاستثمار الخليجى بقطاع المواد الاساسية والتصنيع خاصة أن هناك تعاونات خلال الفترة القادمة بين مصر والسعودية فى قطاع الالومنيوم وقطاع الحديد والسيارات الكهربائية كذلك قطاع الأسمدة.
أسباب الاستحواذ على الشركات المصرية
وأكد سعيد الفقي خبير أسواق المال، أن الحكومة المصرية تطرح نسب من الشركات في سوق المال لتوفير سيولة دولارية في ظل النقص الموجود كذلك مباشرة أنشطتها الاقتصادية لتزيد من مواردها الانتاجية.وأضاف أنه نتيجة لأزمة النقد الموجوده حاليا وارتفاع سعر الدولار وكنتيجة لانخفاض قيم الشركات المصرية السوقية بالنسبة للتداول، شجع ذلك الصناديق الخليجية وبعض الشركات الكبرى أن تستحوز على جزء من الشركات المصرية نتيجة لانخفاض القيم السوقية.
وأضاف أن هناك ميزتين يتمتع بهم المستثمر الذي يستحوز على جزء من شركة مصرية الأولى هي انخفاض القيمة السوقية للشركة، والثانية ارتفاع القوى الشرائية للدولار بحوالى 30% وبالتالي انخفض قيمة الاستحواذ، بالإضافة إلى وجود العديد من الطروحات المتوقعه خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى الطفرة التي حدثت لسوق المال المصري والمستويات التى ارتفعت إليها والتي من المتوقع أن تواصل ارتفاعها وتتضاعف خلال الفترة القادمة وحتى الآن لم تعادل التغير فى قيمة العملة أو القيمة الحقيقية للشركات الموجودة في البورصة.