وصل تصاعد معنويات المخاطرة الذي شهدته الأسواق خلال شهر يناير إلى نهايته بشكل مفاجئ في شهر فبراير، حيث تلاشت الآمال المتعلقة بانحسار التضخم، وبقيام البنوك المركزية بالتحول نحو تيسير السياسة النقدية. ففي اليوم الأول من شهر فبراير، قام الاحتياطي الفيدرالي بإبطاء وتيرة رفع معدلات الفائدة، وذلك بعد أن قام برفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما كان متوقعا، إلا أنه أشار إلى احتمالية الاستمرار في إبقاء معدل الفائدة مرتفعا لفترة أطول عما كان متوقعا.
مؤشر أسعار المستهلك بالولايات المتحدة
وكشف التقرير الشهر للأسواق العالمية، أن شهر فبراير أدى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بالولايات المتحدة بشكل غير متوقع، فضلا عن صدور البيانات التي أظهرت صلابة الاقتصاد وقوة سوق العمل إلى دفع العديد من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي إلى الإدلاء بتصريحات حول دعمهم لرفع معدل الفائدة بمقدار ٥٠ نقطة أساس خلال اجتماع شهر مارس، كما أدى صدور هذه البيانات إلى تسجيل سندات الخزانة قصيرة الأجل لأعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية التي حدثت في عام 2007.
المركزي الأوربي
وبالمثل، رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في بداية هذا الشهر، كما ارتفع معدل التضخم بعد تباطؤه لمدة شهرين، مما دفع العديد من أعضاء البنك المركزي الأوروبي إلى التأكيد على أنه ينبغي توقع استمرار تشديد السياسة النقدية بوتيرة أقوى.وظلت المخاوف من حدوث ركود في بؤرة الاهتمام، حيث قامت الأسواق بتقييم تشديد البنك المركزي للسياسة النقدية، وتقييم البيانات التي أشارت إلى أنه قد تم مراجعة بيانات الناتج المحلي الإجمالي بالولايات المتحدة، وأوروبا، وهونج كونج هبوطيا.
وظهرت التوترات السياسية مرة أخرى على الساحة، وذلك في ظل وجود تصعيد قوي للخلافات بين الولايات المتحدة والصين، حيث استمرت الصين في تعزيز أواصرها مع روسيا، إلى جانب الاشتباه في قيامها بالتفكير في إمداد روسيا بأسلحة فتاكة.
وفيما يتعلق بالكوارث الطبيعية، تشير التقديرات إلى أن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في وقت سابق من الشهر كبد تركيا وحدها أضرار بقيمة 100 مليار دولار، ولإنقاذ سوقها من تكبد المزيد من الأضرار، اتخذت الحكومة التركية خطوات فعالة على مدار الشهر، بما في ذلك التدخل في العملة.
التضخم بالولايات المتحدة الأمريكية
أشارت بيانات التضخم، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك، ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، ومؤشر أسعار المنتجين، إلى استمرار ضغوط الأسعار، حيث شهدت المؤشرات الاقتصادية الثلاثة زيادة شهرية غير متوقعة في معدل التضخم العام، وذلك وفقًا لبيانات التضخم لشهر يناير.
وعلى الرغم من أن أسعار الطاقة ساهمت بقوة في ارتفاع التضخم خلال شهر يناير، إلا أن باقي مكونات مؤشر أسعار المستهلك مثل تكاليف الغذاء، والمسكن، والنقل أظهرت نموًا مستمراً على مدار الشهرين الماضيين.
وسلطت بيانات التضخم لشهر يناير الضوء على أمرين: أولهما أن التضخم قد يكون أشد رسوخًا مقارنةً بتوقعات الكثيرين، وثانيهما أن الاستهلاك بالولايات المتحدة يتسم بالصلابة، مما يمهد الطريق أمام الاحتياطي الفيدرالي للاستمرار في زيادة تشديد السياسة النقدية بوتيرة أقوى.
التضخم بالاتحاد الأوروبي
وبالمثل، سجلت بيانات مؤشر أسعار المستهلك في الاتحاد الأوروبي ارتفاعا خلال شهر فبراير على عكس التوقعات، وذلك بعد تباطؤ دام لمدة ثلاثة أشهر، وتصاعد معدل التضخم الأساسي إلى مستوى قياسي جديد على أساس سنوي، مما أدى الى تلاشي الآمال بأن تتراجع الضغوط على الأسعار، بالإضافة إلى ذلك، صعدت معدلات التضخم على نحو مفاجئ في أكبر ثلاثة اقتصادات في المنطقة: ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، مما يشير إلى احتمالية تأثر بلدان أخرى في أوروبا. وعلى العكس من ذلك، أظهرت بيانات مؤشر أسعار المنتجين لشهر يناير، والتي صدرت في شهر فبراير، هبوط مفاجئ وهو ما يرجع بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار الغاز الطبيعي.
التضخم بالمملكة المتحدة
وعلى عكس نظرائها، تباطأت قراءات مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين بشكل أسرع مما كان متوقعًا لشهر يناير في المملكة المتحدة، وكانت هذه البيانات قد صدرت على مدار الشهر.
وعلى الرغم من تراجع مستوى التضخم، إلا أن مؤشر أسعار المستهلك في بريطانيا لا يزال ثابت عند 10.1% على أساس سنوي، وهو أعلى بكثير من بيانات مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.
ويرجع انخفاض التضخم إلى عدم توازن سوق العمل وعوامل أخرى مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مما يشير إلى احتمالية تفاقم أزمة تكلفة المعيشة.
وقد قفزت مبيعات التجزئة الأمريكية بنسبة 3%، لتسجل أكبر ارتفاع لها فيما يقرب من عامين، وذلك خلال شهر يناير بعد سلسلة من الخسائر استمرت لشهريين متتاليين. وجاء هذا الارتفاع نتيجة لزيادة نسبة المشتريات من السيارات وغيرها من السلع.
وفي أوروبا، تراجعت مبيعات التجزئة كما كان متوقع في شهر ديسمبر، متماشيًا مع التوقعات، لتسجل بذلك انخفاضها الشهري للمرة الثالثة على التوالي.
واتبع المستهلكون في المملكة المتحدة خطى نظرائهم في الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت مبيعات التجزئة بوتيرة أبطأ من المتوقع على خلفية ارتفاع تكاليف السلع والخدمات بصورة أسرع من الأجور، مما يُضعف من القوة الشرائية للأفراد.
وفيما يتعلق بالنشاط التجاري، استمر قطاع الخدمات في الولايات المتحدة تصاعده بشكل كبير خلال شهر فبراير، ليصل إلى أعلى مستوى له في عام واحد مع زيادة معدلات التوظيف.
وفي ذات الوقت، انخفض مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع إلى ما دون التوقعات، إلى جانب تراجع بيانات تقرير الوظائف إلى ما دون مستوى الـ 50 نقطة.
اتبع مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع بالاتحاد الأوروبي نفس مسار الولايات المتحدة، حيث انكمش ليسجل مستوى أقل بقليل من شهر يناير، وهو ما كان متوقعًا. وفي هذه الأثناء، تحسن قطاع الخدمات بشكل ملحوظ، حيث وصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر يونيو، مما زاد من التوقعات بشأن قدرة اقتصاد الاتحاد الأوروبي على تلافي حدوث ركود.
وبالنسبة للمملكة المتحدة، فقد تحسن نشاط قطاع التصنيع بشكل طفيف وجاء أفضل من التوقعات في شهر فبراير. وارتفع قطاع الخدمات كما كان متوقع، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر يونيو. وأشارت وكالة ستاندرد آند بورز إلى تأثير انتعاش النشاط التجاري على توقعات حجم رفع سعر الفائدة.
وفيما يتعلق بثقة المستهلك في الولايات المتحدة، سجلت بيانات مؤشر ثقة المستهلك بجامعة ميشيجان لشهر فبراير أعلى مستوى لها منذ شهر يناير 2022، وجاءت أعلى من المتوقع. ولكن في وقت لاحق من الشهر، انخفض المؤشر بشكل مفاجئ على خلفية تدهور التوقعات حيال النمو الاقتصادي خلال الستة أشهر المقبلين وهو مما طغى على تأثير صلابة سوق العمل
انتعشت مؤشرات الثقة في الاتحاد الأوروبي إلى أعلى مستوى لها في عام حيث أصبح المستثمرون أكثر ثقة بأن أسوأ ما في أزمة الطاقة قد انتهى.
وبالمثل، سجلت ثقة المملكة المتحدة أعلى مستوى لها منذ أبريل 2022، مما يشير إلى مرونة الدخل لدى الأسر على الرغم من ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتم خفض القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الرابع من عام 2022 خلال الشهر، وهو ما يتماشى مع التوقعات ولكنها جاءت أقل من قراءة الشهر السابق وأقل بكثير من قراءة الربع السابق، وعلى الرغم من عمليات التسريح الضخمة للعمالة والتي أعلنت عنها الشركات الكبرى، استمرت مطالبات البطالة في الإشارة إلى أداء أفضل من المتوقع لسوق الوظائف، وهو ما أضاف إلى الآمال بأن الاقتصاد قد يواجه فقط انكماشًا بسيطاً، لكنه قد يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
تقرير الوظائف
صدر تقرير الوظائف عن شهر يناير، خلال شهر فبراير، وجاءت بياناته أفضل بكثير مما كان متوقعا. وطبقاً للتغيير في رواتب الوظائف غير الزراعية، فإن الوظائف الجديدة التي تم اضافتها في يناير زادت بأكثر من الضعف عن التقديرات وعن شهر ديسمبر. كما تراجع معدل البطالة بشكل غير متوقع إلى أدنى مستوى له منذ عام 1969، منخفضًا عن التوقعات وأدنى من مستوى شهر ديسمبر.
أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي أنه قد تمكن من تجنب الركود، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 0.1% على أساس ربع سنوي وذلك في الربع الرابع من العام الماضي، متماشياً مع توقعات المحللين ولكنه جاء أبطأ من نمو الربع الثالث الذي جاء عند 0.3%. أما بالنسبة لنمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، فقد سجل نمواً بنسبة 1.9% كما كان متوقعًا، وهو أقل من الربع السابق.
وعلى صعيد سوق العمل في الاتحاد الأوروبي، جاء معدل البطالة لشهر ديسمبر، والذي صدرت بياناته خلال شهر فبراير، متماشيا مع التوقعات، ولكنه اقل من معدل شهر ديسمبر.
وبالانتقال إلى المملكة المتحدة، تجنب الاقتصاد ركودًا فنياً ولكن معدلات النمو أصبحت ساكنة، مما يؤكد احتمالية حدوث انكماش في الفصول الربع سنوية القادمة.
وبقياس ربع سنوي، لم ينمو الناتج المحلي الإجمالي أو ينكمش في الربع الرابع، كما هو متوقع، ولكنه تحسن بالمقارنة بالانكماش الذي شوهد في الربع الثالث. وعلى أساس سنوي، شهد الناتج المحلي الإجمالي زيادة طفيفة في الربع الرابع، متماشياً مع التوقعات لكن أقل من معدل النمو في الربع الثالث.
ظلت أوضاع معدل نمو الوظائف في المملكة المتحدة مستقرة إلى حد ما مع تسجيل معدل البطالة لثلاثة أشهر بنهاية ديسمبر نحو 3.7%، وهو ما كان متوقعًا، وذلك دون تغيير عن الشهر السابق.
الصناديق الفيدرالية
عقب اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بالبنك الاحتياطي الفيدرالي وتصريحات مسؤولي البنك، أشارت العقود الآجلة للصناديق الفيدرالية إلى زيادة توقعات الأسواق برفع معدلات الفائدة، حيث أصبحت توقعات المتداولين أكثر اتساقًا مع خطة الاحتياطي الفيدرالي بعدما بلغت نسبة احتمالية رفع معدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس 20% مقارنة بنسبة 3% التي تم الإفصاح عنها في مطلع الشهر.
علاوة على ذلك، قامت الأسواق بتسعير مسار أطول لرفع معدل الفائدة، حيث أشارت البيانات الصادرة في أخر الشهر ارتفاع معدل الفائدة النهائي لبنك الاحتياطي الفيدرالي بحوالي 50 نقطة أساس، كما أشارت هذه البيانات إلى أنه من المتوقع أن يصل معدل الفائدة النهائي إلى 5.41% خلال شهر سبتمبر 2023 مقارنًة بتوقعات الأسواق خلال الشهر السابق، والتي سعرت وصول معدل الفائدة النهائي إلى 4.91% خلال شهر يونيو 2023.
توقعات الأسواق
وعلى صعيد توقعات الأسواق الخاصة بالاتحاد الأوروبي، قامت الأسواق بتسعير معدل فائدة نهائي أعلى بكثير، حيث قيمت الأسواق أن تصل ذروة معدل الفائدة إلى 3.88% في نهاية شهر فبراير 2024 مقارنة بتسعيرهم وصول معدل الفائدة النهائي إلى 3.32% في الشهر السابق. كما استمرت الأسواق في تسعير زيادة معدل الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خلال اجتماع شهر مارس، وذلك نظرًا لاستمرار المركزي الأوروبي في اتجاهه نحو تشديد السياسة النقدية.
وبالمثل، زادت التوقعات الخاصة برفع بنك إنجلترا لمعدل الفائدة، حيث قامت الأسواق بتسعير معدل الفائدة النهائي عند 4.77% في شهر ديسمبر مقارنة بتسعيرهم 4.37% خلال الشهر السابق. كما زادت توقعات الأسواق برفع بنك إنجلترا لمعدل الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خلال اجتماعه في شهر مارس بصورة ثابتة .
أدت قوة الأداء الاقتصادي وتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي المائلة نحو تشديد السياسة النقدية إلى رفع عوائد سندات الخزانة بشكل كبير، حيث أنهت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين تداولات الشهر عند 4.819%، مسجلًة بذلك أعلى مستوى لها منذ 2007، كما ارتفعت عوائد السندات لأجل 5 أعوام، وأجل 10 أعوام إلى 4.216% و3.955% على التوالي، ليسجلا بذلك أعلى مستوى لهما منذ نوفمبر الماضي.
ارتفع معدل العائد الحقيقي لسندات الخزانة بشكل طفيف، حيث ألقت الزيادة الحادة لمستوى تعادل التضخم بظلالها على ارتفاع عوائد السندات الاسمية.
أسعار الفائدة
ارتفع مستوى تعادل سعر الفائدة مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك وارتفاع مؤشر أسعار المنتجين عما كان متوقعًا، مما أجج حالة القلق حيال ضغوط الأسعار المتزايدة. وأنهى مستوى تعادل الفائدة لعامين هذا الشهر عند 3.181%، ليسجل بذلك أعلى مستوى له منذ يوليو، بينما وصل مستوى تعادل الفائدة لأجل 5 أعوام إلى 2.639%، مسجلًا بذلك أعلى مستوى له منذ نوفمبر.
وعلى صعيد الآجال الأطول، ارتفع مستوى تعادل الفائدة للسندات أجل 10 أعوام و30 عامًا إلى 2.427% و2.380% على التوالي، ليسجلا بذلك أعلى مستوى لهما منذ ديسمبر، ونظرًا لارتفاع عوائد السندات قصيرة الآجل – الأكثر تأثرًا بتغير سعر الفائدة – بشكل أسرع مقارنة بعوائد السندات طويلة الآجل، استمر انقلاب منحنى العائد بالاتساع، وهو ما يُنذر الأسواق بأن مخاطر الركود لا تزال تلوح في الأفق، حيث أنهى فارق عوائد السندات لأجل عامين وعشرة أعوام تعاملات الشهر عند مستوى انقلاب بلغ -89.6 نقطة أساس، وهو مستوى لم تشهده الأسواق منذ عقود.
أدت نظرة السوق المستقبلية الخاصة برفع معدل الفائدة بشكل أكبر ولفترة أطول إلى زيادة الطلب على الدولار، مما سمح لمؤشر الدولار بالارتفاع بالتوازي مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة، حيث تمكن الدولار من كسر سلسة الخسائر التي دامت لأربعة أشهر، لتصبح فترة الخسائر تلك هي الأطول منذ أكثر من عامين.
وفي الوقت نفسه، أثرت زيادة عوائد سندات الخزانة وقوة الدولار على المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدًا، حيث سجل الذهب أكبر خسارة شهرية له منذ يونيو 2021.
وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأوروبية في شهر فبراير، حيث ظهر اقتصاد الاتحاد الأوروبي بشكل أقوى مما كان متوقعا، والذي دفع الأسواق إلى تسعير زيادة وتيرة تشديد السياسة النقدية، خاصةً بعد بقاء التضخم الأساسي عند أعلى مستوياته في التاريخ. وأعلن صانعو السياسة بالبنك المركزي الأوروبي بشكل صريح عن دعمهم لرفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال مسار رفع بنك إنجلترا لسعر الفائدة غير واضح المعالم.
أثر تفوق أداء الدولار عن باقي نظرائه بمجموعة العشر دول الكبار، ليدفع اليورو والجنيه الإسترليني إلى وقف سلسلة مكاسبهم التي استمرت لأربعة أشهر.
ومن الجدير بالذكر أن اليورو والين الياباني قد تكبدا أكبر خسائر شهرية لهما منذ شهر أبريل ويونيو على التوالي.
تخلت الأسهم الأمريكية عن بعض أو كل مكاسبها التي حققتها في شهر يناير حيث أصبح المستثمرون أكثر تماشياً مع اتجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو تشديد السياسة النقدية عما كانوا عليه في شهر يناير. وانخفض مؤشر داو جونز إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر. وفي يوم الجمعة الأخير من الشهر، اختتم مؤشر S&P 500 أسوأ أسبوع له منذ أوائل ديسمبر، حيث أثبتت البيانات أن الاقتصاد لا يزال يقاوم تشديد السياسة النقدية وأكد محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي توجهه نحو المزيد من التشديد النقدي.
على الرغم من الاحتمالية الكبيرة لزيادة وتيرة تشديد الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية، إلا أن قطاع التكنولوجيا الذي يتأثر بسعر الفائدة والأسهم ذات الرأسمال الصغير والمتوسط لا تزال تظهر أداء أفضل نسبيًا. يبدو أن كلا من مؤشري ناسداك المركب ورسل 2000 أقل انعكاسًا لتسعير السوق لدورة رفع أسعار الفائدة الاكثر حدة.
كان قطاع المعلومات والتكنولوجيا الرابح الوحيد من بين جميع القطاعات المكونة لمؤشر ستاندرد آند بورز S&P، بما يتوافق مع الأداء الجيد لمؤشر ناسداك. وفي الوقت نفسه ، كان قطاع الطاقة هو الأسوأ أداء في فبراير، على الرغم من الأرباح القوية التي سجلتها شركات الطاقة الكبرى، حيث أثرت المخاوف من تشديد البنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية بوتيرة حادة، على توقعات الطلب على الطاقة.
أظهرت بيانات الأرباح في الولايات المتحدة مفاجئات هبوطية أكبر من العامين الماضيين، بالنظر إلى أن معنويات السوق قد تضررت بشكل أكبر من التوجيهات الإرشادية التي قدمتها الكيانات الكبيرة في تقارير أرباحها وتعد إنذار بالخطر. صرحت شركات التجزئة مثل PepsiCo إن تقرير أرباحها الإيجابي كان مدفوعاً بارتفاع الأسعار وليس ارتفاع حجم المبيعات، كما أشارت شركات تجارة الجملة مثل تارجت Target إن المستهلكين قد حولوا إنفاقهم نحو الضروريات بدلاً من السلع الكمالية.
تفوقت الأسهم الأوروبية والبريطانية بشكل ملحوظ على نظيراتها في الولايات المتحدة، حيث ساعد اعتدال درجات الحرارة خلال الشتاء بصورة أعلى من المتوسط الاتحاد الأوروبي على التخفيف من أزمة الطاقة. علاوة على ذلك، ظل المستثمرون متفائلين بأن إعادة فتح الصين ستدعم الاقتصادات ضد مخاطر الركود. الجدير بالذكر أن مؤشر 600 STOXX ارتفع للشهر الثاني على التوالي ليسجل خلال الشهر أعلى مستوى له في عام. علاوة على ذلك، كان مؤشر CAC الفرنسي ومؤشر DAX الألماني يسيران في نفس الاتجاه على الرغم من ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين أكثر من المتوقع في الدول المذكورة خلال الشهر. ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في تحقيق المكاسب صلابة القطاع المصرفي وهو ما لعب دوراً أساسياً في دعم الأسهم الأوروبية.
ارتفعت غالبية القطاعات المدرجة بمؤشر STOXX 600 خلال شهر فبراير
كانت أسعار النفط متقلبة للغاية خلال الشهر، حيث أدى إعادة فتح الصين لاقتصادها الى ارتفاع الطلب وكذلك قرار المملكة العربية السعودية برفع الأسعار الرسمية للشحنات إلى آسيا، وخطة روسيا لخفض الإنتاج إلى زيادة الضغوط على أسعار النفط لتدفعها للارتفاع. في أثناء ذلك، طغت التوقعات بشأن زيادة وتيرة تشديد البنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية والزيادة الأسرع من المتوقع في مخزونات النفط الأمريكية على العوامل المذكورة أعلاه.
انخفضت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا بسبب ارتفاع مستويات المخزون. ومع ذلك، ارتفعت الأسعار العالمية بسبب الانخفاض في حجم المعروض عل المستوى العالمي. وعكس النحاس والألومنيوم بعض مكاسب شهر يناير المرتبطة بإعادة فتح الصين في حركة تصحيح للأسعار.
وساعد الانخفاض في أسعار السلع الأساسية على احتمالية استمرار رؤية اتجاهات هبوطية في الضغوط التضخمية.
الأسواق الناشئة
أبقت معظم البنوك المركزية بالأسواق الناشئة معدلات الفائدة الرئيسية كما هي دون تغيير، مما يشير إلى اقتراب نهاية دورات تشديد السياسة النقدية في العديد من البلدان.
هذا يمكن تفسيره بشكل جزئي من خلال اختلاف ديناميكيات سوق العمل والتضخم التي تشهدها الأسواق المتقدمة بشكل طفيف عن تلك التي تشهدها بعض دول الأسواق الناشئة، حيث بدأت بعض البنوك المركزية بالأسواق الناشئة في دورات تشديد السياسة النقدية قبل بدء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع معدلات الفائدة.
وعلى الرغم من ذلك، استمرت الدول، التي لديها أنظمة سعر صرف مرتبط بالدولار، وكذلك المكسيك، في رفع معدلات الفائدة بعدما قام الاحتياطي الفيدرالي برفع الفائدة لأول مرة خلال عام 2023 في نهاية شهر يناير.