يعد قطاع السياحة أحد أهم روافد الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر، باعتباره الحصان الرابح للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد على خلفية تراجع قيمة الجنيه، ونقص الدولار، وزيادة معدلات التضخم خلال الآونة الأخيرة، لأن مصر لديها مقومات سياحية وأثرية فريدة من نوعها تميزها عن غيرها من الدول.
ويطالب الخبراء بالعمل على إعادة صياغة الخريطة السياحية، وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية في هذا القطاع، إضافة إلى تضافر الجهود المبذولة بين الدولة والوزارات المختلفة للنهوض به، والتي يأتي على رأسها إصدار قانون السياحة الموحد، والعمل على إشراك القطاع الخاص، وبالأخص مع التركيز على زيادة أعداد الغرف الفندقية من خلال تنمية البنية التحتية الجاري تنفيذها حاليًا، للوصول لأعداد السياح الوافدين إلى 30 مليون زائر بحلول 2028، وهو الرقم الذي تضعه وزارة السياحة والآثار على رأس خطتها المستهدفة.
تعظيم دور القطاع السياحي يحتاج إلى مزيد من التطوير
وقال علاء الغمري، عضو غرفة شركات السياحة سابقًا، والخبير السياحي، إن تعظيم دور القطاع السياحي يحتاج إلى مزيد من التطوير، وتسويق مصر من منظور مختلف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والقنوات الإعلامية، إضافة إلى إجراء بعض الفاعليات التسويقية للمعالم السياحية؛ سواء من خلال إقامة الحفلات العالمية مثل بيوت الأزياء أو الحفلات الغنائية التي يتم تنظيمها على أعلى مستوى، على غرار حفلات موسم الرياض التي ساهمت في جذب مئات الزائرين إلى المملكة السعودية.
وأكد الغمري في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أهمية تطوير منطقة الأهرامات، التي تعد أحد أفضل المعالم الأثرية للوافدين من كل دول العالم، مقترحاً أن يتم ذلك من خلال طرح المناقصات العالمية لاختيار أفضل التصميمات، والاستعانة بالخبرات الأجنبية التي تساهم في إعادة تأهيل المنطقة، عن طريق إنشاء المطاعم والكافيهات والمسارح أو أماكن مخصصة للحفلات، وجعلها منطقة أكثر جاذبية للسياح، لتكون واجهة عالمية لمصر، وينعكس ذلك في تحقيق عائدات تصل إلى مليارات الدولارات سنويًا.
وأوضح عضو غرفة شركات السياحة سابقًا، أن قطاع السياحة من الممكن أن يكون الحصان الرابح للخروج من الأوضاع الاقتصادية الراهنة، والذي سيساعد في سد عجز الاحتياطي النقدي الأجنبي، خاصة أنه القطاع الوحيد الذي يستطيع تحقيق مئات الدولارات في أسرع وقت، من خلال تنشيط حركة السياحة بأفكار خارج الصندوق، إضافة إلى صدور تشريعات جديدة تساهم في تيسير كافة الإجراءات على المستثمرين، وتخفيف القيود المالية المفروضة من رسوم ضريبية أو تأمينية على الفنادق وشركات السياحة، من أجل زيادة معدلات الاستثمار السياحي في مصر.
دعم ومساندة قطاع السياحة ضرورة لزيادة الحصيلة الدولارية
وفي السياق ذاته، أكد محمد قاعود، رئيس لجنة السياحة والطيران بجمعية شباب الأعمال، ضرورة أن تقدم الحكومة الدعم والمساندة لقطاع السياحة بهدف زيادة الحصيلة الدولارية بالاحتياطي النقدي لهذا العام، من خلال التركيز على قطاعي الضيافة والترفيه، خاصةً وقد أظهرت أبحاث الأسواق وجود الفجوة بين العرض والطلب والفرص المختلفة في جميع أنحاء مصر، كما أشار إلى أن ربط شركات الطيران بمصر وتسهيل تأشيرة الدخول يعد من أبرز الحلول للنهوض بالقطاع، مع العمل على تحديد مصادر أسواق جديدة والتوسع داخل الأسواق الحالية.
وأضاف قاعود في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن القاهرة الكبرى يوجد بها 13 ألف غرفة فندقية، تتوزع 60% منها بين الفنادق ذات الـ4 و5 نجوم، بينما يبلغ معدل إشغال الفنادق بمحافظة القاهرة 72%، وهذا مؤشر يدل على أن القطاع الفندقي بحالة جيدة، موضحاً أن بلوغ رقم 30 مليون سائح بحلول عام 2028 أمرًا ليس من الصعب تحقيقه، في ظل تنمية البنية التحتية الجاري تنفيذها حاليًا، مع فتح الطيران من شرق وغرب القاهرة، والطيران الداخلي للوصول إلى المدن المختلفة، ومن المتوقع حدوث قفزة مرتقبة في أعداد السياح الوافدين إلى مصر، لتصل إلى 15 مليون سائح البلاد بالعام الجاري 2023، بزيادة قدرها 28٪ مقارنة بالعام الماضي، بحسب البيانات الصادرة من مجلس الوزراء.
وأوضح رئيس لجنة السياحة والطيران بجمعية شباب الأعمال، أن موقف السياحة الداخلية والعلاجية الآن يشهد نموًا كبيرًا منذ عام 2020، كما أن العديد من الدراسات أثبتت أن هناك فرصا للاستثمار في الرعاية الصحية خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن محافظة البحر الأحمر من أكثر المناطق الجاذبة للسائحين.
إطلاق حملات إعلامية للتعريف بالسياحة الروحانية في مصر
من جهته قال عمرو صدقى، رئيس لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب سابقًا، إن الدولة تعمل على النهوض بالقطاع السياحي عبر السعي لخلق أنماط جديدة من خلال إعادة صياغة الخريطة السياحية، كالتركيز على الاهتمام بالسياحة الصحية والروحانية، ويأتي هنا دور وسائل الإعلام في إطلاق حملات تعريفية بمصر باعتبارها تمتلك مثل هذه المقومات والأنشطة السياحية، موضحاً أن السياحة الروحانية هي التي تعرف بالدينية في مصر؛ كمسار العائلة المقدسة، ومدينة التجلي الأعظم وسانت كاترين.
أما عن السياحة الصحية فأوضح صدقي أنه: “يوجد لدينا 1356 موقع استشفائي على مستوى الجمهورية”، مؤكداً أن الاستغلال الأمثل لتلك المقومات جدير بخلق نمط جديد من الوافدين إلى مصر، بالإضافة إلى السياحة الأثرية والشاطئية.
وطالب صدقي في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، بإنشاء قانون السياحة الموحد الذي سيمثل المُنقذ للقطاع، ويضم في طياته كافة التخصصات والتشابكات بين الوزارات، حتى يمكن من خلاله جذب رؤوس الأموال الأجنبية، مشددًا على أن هذه القوانين لا تتغير بتغير الوزراء، “حيث أن الاستثمار السياحي يتطلب أن تكون الرؤية واضحة ومستقرة في أي دولة على أقل لمدة 15 سنة قادمة”.
وأوضح رئيس لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب سابقًا، أن أبرز البنود التعريفية التي يرغب في توفيرها في القانون، هو فصل الملكية عن الإدارة، بمعنى أن يكون للمستثمر حق الملكية، بينما يتم إسناد الإدارة لشركة متخصصة لديها رخصة من الدولة لإدارة مثل هذه المشاريع السياحية، حتى لا تتوقف عجلة الاستثمار، خاصةً وأن التعريف الحقيقي لقطاع السياحة ليس باعتباره قطاع خدمي فقط، وإنما هو صناعة سلعية خدمية تصديرية تباع بالداخل، وبالتالي يصبح للسياحة حق كبير في الحصول على المميزات التي تمنحها الدولة لبعض الأنشطة الأخرى مثل الصناعة والزراعة في مجالات التصدير.