يعيش الاقتصاد المصري معاناة خلال الفترة الحالية بسبب مخاطر جديدة من الحرب في قطاع غزة، والتي أثرت سلباً على القطاع السياحي بجانب واردات الغاز الطبيعي، حيث تراجعت حجوزات السياح، للقرب المكاني بين غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية.
تأثير حرب غزة عل الاقتصاد المصري
ولطالما اعتمدت مصر بشكل كبير على تدفقات استثمارات المحافظ قصيرة الأجل وعائدات السياحة وتحويلات المغتربين لتغطية جانب من العجز التجاري المستعصي، مما جعلها عرضة للصدمات.وقالت مونيكا مالك الخبيرة الاقتصادية، في بنك أبوظبي التجاري، 'المعنويات في الخارج تجاه مصر متواضعة للغاية، وهذا الذي يحدث آخر شيء تحتاجه مصر'
وبعد أن أدت موجة اقتراض لمضاعفة الديون الخارجية في أربع مرات، تحتاج مصر إلى أكثر من 28 مليار دولار لسداد التزاماتها في عام 2024 وحده.
حرب غزة
نقص العملة الأجنبية
ويقول مصرفيون، إن نقص العملة الأجنبية أدى إلى تراكم واردات بقيمة خمسة مليارات دولار في الموانئ، كما تواجه الشركات الأجنبية مشاكل في تحويل الإيرادات لدولها، وتم تأجيل المدفوعات الحكومية لجزء من واردات القمح و لشركات النفط والغاز الأجنبية.
برنامج مع صندوق النقد الدولي
وتعثر برنامج مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار بسبب إحجام مصر عن تعويم عملتها و حدوث تأخيرات في بيع أصول مملوكة للدولة، من خفض وكالات التصنيف الثلاث الرئيسية التصنيف السيادي لمصر لمستوى عالي المخاطر.وقال معتز صدقي، خبير اقتصادي، إن قطاع السياحة كان نقطة مضيئة قبل نشوب الصراع في غزة، وكان من المتوقع ارتفاعه 30 إلى 40% هذا العام.
قطاع السياحة
وذكرت بيانات البنك المركزي المصري، أن قطاع السياحة حقق إيرادات قياسية بلغت 13.63 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو حزيران 2023، ارتفاعا من 10.75 مليار دولار في العام المالي السابق له.ولم يؤثر الصراع الدائر في غزة سوى على بعض الوجهات الرائجة في سيناء مثل طابا ونويبع ودهب وشرم الشيخ، لكن لم يترك تأثيرا يذكر على بقية الوجهات في البلاد.
السياحة
صافي إلغاء الحجوزات المسجلة
وقال صدقي، إن صافي إلغاء الحجوزات المسجلة على مستوى البلاد منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول تراوح بين عشرة و12% حتى نهاية أبريل نيسان، لكن إشغال الفنادق في أكتوبر تشرين الأول ارتفع 8% مقارنة مع الشهر نفسه في العام الماضي.وأضاف 'موسم الشتاء يبدو جيدا حتى الآن و لم تتأثر السياحة الثقافية حقيقة... السفن السياحية النيلية بين الأقصر وأسوان خلال فترتي الذروة، وهي عيد الميلاد ورأس السنة، تعمل بنسبة 80 إلى 90% بوجه عام'.
احتواء تداعيات الصراع في قطاع غزة حتى الآن
و أشار وزير السياحة المصري أحمد عيسى إلى احتواء تداعيات الصراع في قطاع غزة حتى الآن وانحسار تأثيره فقط على أقل من 10% من الحجوزات.وقال كريم المنباوي، خبير اقتصادي، إن التوقعات لا تزال قاتمة، مضيفا 'وتيرة الحجوزات بطيئة للغاية وهذا أكثر ما يقلقنا'، حيث يتمثل أحد العوامل الأخرى التي قد تؤدي إلى نضوب العملات الأجنبية في توقف واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل، والتي تعتمد عليها مصر في الاستهلاك المحلي وإعادة تصديرها مع تحقيق أرباح من ذلك.
وعلقت إسرائيل الإنتاج في حقل غاز (تمار) في التاسع من أكتوبر، مما أدى إلى انخفاض الغاز المرسل إلى مصر في بعض الأوقات إلى الصفر، على الرغم من استئناف تدفق كميات صغيرة منه، كما أن انخفاض إمدادات الغاز لبعض الصناعات كثيفة الاستخدام للغاز مثل الأسمدة.
وقال سياماك أديبي، المستشار الرئيسي ورئيس فريق غاز الشرق الأوسط لدى شركة (إف.جي.إي)، إن مصر كانت تستورد 860 مليون قدم مكعبة يوميا، أو نحو 15%، من إمداداتها من إسرائيل قبل اندلاع الصراع.
زيادة صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا
وتضاءلت الآن آمال مصر في زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بعد أن قطعتها بالكامل في الفترة من مايو أيار إلى سبتمبر أيلول، فيما طبقت نظاما لمناوبة قطع الكهرباء مكانيا وزمانيا في الداخل.اقتصاد مصر
وقال أولوميد أجايي، كبير محللي الغاز الطبيعي المسال، إن مصر استوردت شحنة من الغاز الطبيعي المسال 'وهو ما يؤكد الخلل الحالي في توازن الغاز في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا'.
مساعدات خليجية
في ضوء الصراع الدائر في غزة و خطر اتساع رقعته في المنطقة، قال محللون ومصرفيون إن دول الخليج تعيد تقييم سياستها التي تنبتها في العامين الماضيين و أحجمت فيها عن دعم الاقتصاد المصري.وقالت مالك 'شعرت بتغير المعنويات في الخليج لأنه قبل (الصراع في) غزة لم يكن هناك صبر يذكر تجاه مصر'.
وتملك السعودية والإمارات والكويت وقطر ودائع بقيمة 29.9 مليار دولار لدى البنك المركزي المصري، كما أنها أقرضت القاهرة 16 مليار دولار أخرى في أشكال أخرى من الائتمان.
وقال مصرفيون، إن دول الخليج تناقش تخصيص حزمة دعم مالي محتملة تشمل المزيد من الودائع النقدية ودعم العملة المصرية بعد أي تخفيض لقيمتها.