توقع الخبير الاقتصادي، محمود سعدي الوالي، أن يقوم البنك المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة في اجتماعه غداً الخميس الموافق 21 ديسمبر 2023، وذلك لأسباب خارجية وداخلية، حيث تتعلق الأسباب الخارجية بقيام الفيدرالي الأمريكي، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك انجلترا بتثبيت أسعار الفائدة، وبالتالي يحتفظ البنك المركزي بسعر فائدة على الجنيه على نفس القدر من التنافسية (السائدة حاليًا) مع أسعار الفائدة على الدولار واليورو والجنيه الاسترليني.
ما هي الأسباب الداخلية لتثبيت أسعار الفائدة غداً؟
وأشار الوالي في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، أن الأسباب الداخلية لتثبيت أسعار الفائدة غداً، تتمثل في انخفاض معدلات التضخم من 38.5% في شهر أكتوبر إلى 36.5 في شهر نوفمبر الماضي، وبالتالي ليس هناك حاجة لرفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم.
الخبير الاقتصادي، محمود سعدي الوالي
في الحالتين (تثبيت أو رفع سعر الفائدة) ما هو أحسن قرار؟ ولماذا؟ وتابع محمود خلال تصريحاته، 'التثبيت هو الحل الأمثل في الوقت الراهن، لأن رفع سعر الفائدة من شأنه أن يدفع نحو المزيد من التباطؤ في نمو الاقتصاد المصري، نظراً لتأثير ارتفاع أسعار الفائدة السلبي على معدلات الاستثمار والتوسع الاقتصادي، ومن ثم انخفاض معدلات التوظيف، وبالتالي انخفاض حجم الطلب على السلع والخدمات، كما أن خفض سعر الفائدة في الوقت الراهن أمر غير ممكن في ظل ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة في البلدان النامية والمتقدمة على السواء، وبالتالي فإن التثبيت سيكون تأثيره على معدلات الاستثمار والتباطؤ الاقتصادي أخف وطأة من رفع سعر الفائدة'.
الوالي يتوقع التثبيت
ما مصير الجنيه المصري في الفترة القادمة؟ وهل الأسعار ستستقر أم لا؟ وماهي الأسباب؟
وأفاد، سعدي، أن يتوقف مصير الجنيه في الفترة القادمة إلى حد كبير على الاتفاق بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي حول سياسات سعر الصرف وحجم القرض الذي ستحصل عليه مصر، ولكن من الضروري هنا الإشارة إلى نقطة هامة وهي أن أزمة التضخم (ارتفاع الأسعار) وسعر صرف الجنيه، هي أزمة هيكلية في الأساس، أي أنها ترجع لأسباب خاصة بهيكل الإنتاج في الاقتصاد المصري، فمن المعروف اقتصاديًا أن المشاكل التي تظهر في حقل النقد (النقود) تعود أسبابها على الأغلب إلى حقل الإنتاج، أي أن مشاكل النقد يتم حلها في حقل الإنتاج، لأن الطلب على النقود هو في النهاية طلب مشتق من الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي فإن التعامل مع مشكلة التضخم باعتبارها مشكلة نقدية، ومن ثم الاعتماد على أدوات السياسات النقدية فقط لحل مشكلة التضخم وانخفاض قيمة العملة قد يكون غير مجديًا، خاصة إذا كان التضخم ناجمًا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج وليس عن ارتفاع الطلب، وبالتالي تكمن المشكلة في جانب عرض السلع (إنتاجها) وليس جانب الطلب عليها.سعر صرف الجنيه المصري
مصير الجنيه المصري في الفترة القادمة؟
واستكمل الخبير الاقتصادي، 'نلاحظ في حالة الاقتصاد المصري أن هناك فجوة كبيرة بين ما ينتجه المصريين وما يستهلكوه، وهذه الفجوة يتم سدادها بالاستيراد من الخارج بالعملة الأجنبية، ومع زيادة عدد السكان بوتيرة أسرع من زيادة الإنتاج، فإن هذه الفجوة تزداد بمرور الوقت، ومن ثم تتعمق الأزمة، وبناءً على ذلك، وبفرض استمرار المعدلات الحالية للنمو السكاني ونمو الإنتاج، فإن الأسعار حتى ولو استقرت على المدى القصير، فإنها حتمًا سترتفع على المديين المتوسط والطويل'.
هل الأسعار ستستقر أم لا؟
ما هي العوامل التي قد تساهم في تعزيز قيمة الجنيه وتخفف من حدة ارتفاع الأسعار؟
وأفاد محمود، بأنه نظراً لأن مشكلة ارتفاع الأسعار (التضخم) وانخفاض قيمة الجنيه كما أوضحنا هي مشكلة هيكلية ناجمة عن وجود فجوة بين حجم الإنتاج والاستهلاك، ومن ثم يتم سد هذه الفجوة من الاستيراد من الخارج بالعملات الأجنبية، فإن الحل يكمن في ضرورة العمل على زيادة الإنتاج وتنويع الهيكل الانتاجي للاقتصاد المصري؛ خاصة في حالة السلع والخدمات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها، ومحاولة خفض الاستهلاك والاستيراد للسلع الكمالية غير الضرورية أو التي لها بديل محلي، وبالتالي تحقيق فائض في الميزان التجاري السلعي والخدمي، وما يترتب على ذلك بالتبعية من تحقيق فائض من العملات الأجنبية، يمكن استخدامه وتوظيفه حينها في تعزيز قيمة الجنيه، وبطبيعة الحال يمكن الاعتماد على أدوات السياسة النقدية كأسعار الفائدة وأسعار الصرف وغيرها، كأدوات مكملة تساهم في تهيئة الظروف الاقتصادية المواتية لتحقيق ذلك.