استبعد بنك «جيه بي مورغان» الأمريكي، مصر من سلسلة مؤشراته للسندات الحكومية للأسواق الناشئة اعتبارا من 31 يناير، بالرغم من ارتفاع السندات السيادية المصرية المقومة بالدولار بنحو 1.6 سنت، بعد أن تعهدت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بتقديم الولايات المتحدة دعما للاقتصاد وللإصلاحات في مصر.
قابلية تحويل النقد الأجنبية
وقال البنك، إن مصر خاضعة لمراقبة المؤشر منذ 21 سبتمبر 2023 على خلفية مشكلات تتعلق بقابلية تحويل النقد الأجنبية الجوهرية التي أبلغ عنها مستثمرون يتم الرجوع إليهم.
التأثير على الاقتصاد
وقالت حنان رمسيس خبيرة أسواق المال، إن استبعاد بنك جي بي مورجان مصر من مؤشر السندات الحكومية للأسواق الناشئة ينقسم تأثيره إلي جزئيين، الأول تأثير على الاقتصاد ككل، والثاني على البورصة، و بالنسبة لتأثيره على الاقتصاد، فهو عبارة عن زيادة للفجوة التمويلية بالنسبة للدولار، حيث يؤكد للمستثمرين أن الاستثمار في أدوات الدين عالية المخاطر، لعدم الإيفاء بالالتزامات الخارجية، أما التأثير على البورصة فهو لا يذكر، لتكوين المتعاملين الأجانب مراكز شرائية، عبر زيادة قيم التداول بالمؤشر الثلاثيني، مؤكده أن تعاملات الأجانب لا تتخطي عن 2% وهي نسبة ضئيلة للغاية، وهي عبارة عن تعاملات في الأسهم القيادية خاصة القطاع المصرفي وقطاع الاستثمار، نتيجة لتراجع عدد الصناديق الاستثمارية الأجنبية خلال الفترة الأخيرة.
وأوضحت في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، عن وجود بحث من خلال رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ورئيس البورصة المصرية، لزيادة عدد تداول الصناديق الاستثمارية الأجنبية، وهي قيد البحث لم يتم تفعيلها حتى الآن.
وأشارت الخبيرة بأسواق المال، أن هذا الحدث تزامن مع دخول مصر للبريكس يوم 2024/1/31، موضحه أن مصر كانت متواجدة قبل عامين، نتيجة تحديات ثورة يناير 2011، بجانب أزمة الدولار، وتخارجات المتعاملين الأجانب، والتي أدت لخروج مصر من هذا المؤشر، ما يعني أن تأثير سيكون بشكل مباشر على الاقتصاد والاستثمار المباشر والمشروعات الأجنبية داخل مصر أكثر من تأثيره على البورصة.
استبعاد مصر من مؤشر جي بي مورجان
وأكدت على قدرة مصر للعودة في مؤشر جي بي مورجانمن خلال مرونة سعر الصرف، بجانب مساندة الولايات المتحدة للاقتصاد المصري كما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها ستدعم مصر خلال الفترة المقبلة، مشيره إلى أن هذا الدعم الدعم الأمريكي ليس له أي ميزة، لما له من متطالبات وفواتير سيتم دفعها في مقابل هذا الدعم، وهو ما سيكون مضر للاقتصاد المصري على الأجل المتوسط وطبيعة الاقتصاد المصري، ولكن حتى الآن لن يتاح لمصر بموجب الاستبعاد إصدار أي تعاملات بالدولار الأمريكي.
وأشارت إلى أن مصر تمتلك القدرة على وجود إصدارات أخري بالعملات المختلفة، مثل اليورو واليوان الصيني والباندا اليابانية، موضحاً أن هذا يوضح التحول المصري من التعامل بالدولار إلي تعاملات مع كيانات أخري يدعم الأداء النقدي، وهو ما ستتجه إليه مصر عبر فك الارتباط مع الدولار، ومحاولة الربط مع الجنيه، موضحه أنه على الأجل القصير سيكون هناك تأثير في استثمار الأجانب ومعدل المخاطر وفي إصدار أدوات الدين بالدولار الأمريكي، مؤكده أنه لو تم الإصدار سيكون سعر الفائدة كبير جدا، ما يضع مصر في زيادة أعباء الدين غير المرغوب فيها، ما يؤثر في العقود التحوطية للدولار.
ضمانة أمريكية منتظرة
وكشفت مصادر مطلعة أن مصر تسعى للحصول على ضمانة أمريكية تمكنها من العودة لأسواق الدين الدولية في ظل الصعوبات التي تواجهها في الوقت الحالي، نتيجة الخلل بين الموارد والاحتياجات الدولارية مؤسسات التصنيف الدولي الثلاث لخفض تصنيف مصر بما يعكس مخاطرها، وانعكس ذلك على أسعار تكلفة التأمين على ديونها السيادية لتسجل حاليًا 12.4% مقابل نحو 2.8% قبل الأزمة.
وقالت إن الوفد الحكومي رفيع المستوى الذي زار واشنطن مؤخرًا، وضم وزيري المالية والتعاون الدولي ومحافظ البنك المركزي، ناقش الأمر في الاجتماع الذي عقده مع وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، مضيفة أن الضمانة ستمنح مصر مرونة أعلى في تسعير الفائدة، وتمنحها إمكانية إصدار سندات بعائد أقل، موضحه أن مصر لم تتلق ردًا بعد من الجانب الأمريكي، كما أن قيمة الضمانة وتوقيت إصدار السندات لم يتحددا بعد.
خروج استثمارات الأجانب
وتعاني مصر أزمة عملة منذ حرب روسيا وأوكرانيا؛ نتيجة تدفق ما يزيد على 20 مليار دولار للخارج، في وقت ينكشف اقتصادها بنحو 56% على مخاطر العملة نتيجة فاتورة الاستيراد المرتفعة، بحسب تقديرات وثيقة بحثية صادرة عن مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وذلك بخلاف جدول سداد الديون الخارجية المرتفعة.
ولجأت مصر لتأمين ضمانات من المؤسسات الدولية للحصول على تمويلات بفائدة أقل، وحصلت على ضمانة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والبنك الأفريقي للتنمية لتغطية سندات الباندا، فيما حصلت على ضمانة مؤسسة أفريقيا للتمويل لطرح سندات الساموراي.
ورغم نجاح مصر في طرح سندات العام الماضي، لكنها كانت بقيم صغيرة وبالعملات الآسيوية، فيما تتطلع الدولة لطرح سندات طويلة الأجل تسدد من خلالها خدمة الدين الخارجي خلال العامين الماليين الحالي والمقبل بحسب الوثيقة البحثية الصادرة للاتجاهات الاقتصادية خلال الفترة الرئاسية الجديدة.
وكان آخر طروحات مصر في الأسواق الدولية من خلال بورصة لندن حينما طرحت صكوكًا إسلامية بقيمة 1.5 مليار دولار لكن بفائدة قاربت على 11%. وتصل أرصدة السندات الدولية لمصر المقومة بالدولار نحو 33.96 مليار دولار في الوقت الحالي بحسب بيانات وزارة المالية، بخلاف سندات مقومة باليورو قيمتها الاسمية تعادل نحو 4 مليارات دولار.
وأبقت مصر حتى 29 ديسمبر على وزن 0.61% في المؤشر العالمي المتنوع، ومصر لها 13 من السندات بالجنيه المصري في مؤشراتها، بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030، فيما ارتفعت جميع السندات الدولارية لمصر، وزاد سعر استحقاق مارس 2024 إلى 98 سنتا للدولار، حيث حققت أسعار الاستحقاق الأطول أجلا لعامي 2050 و2059 أكبر قدر من المكاسب إذ ارتفعت بأكثر من 1.65 سنت مع اقتراب الأول من 62 سنتا في مقابل الدولار، لكنها لا تزال في نطاق مستويات التعثر.
وصول بعثة صندوق النقد الدولي
ووصلت إلى القاهرة بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة الدكتور جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وأسيا للقاء عدد من الجهات المصرية منها مسئولين حكوميين ومؤسسات المجتمع المدني وممثلين للقطاع الخاص.
وقد بدأ الوفد لقاءاته في مصر بلقاء اتحاد الغرف التجارية المصرية ومنظمات الأعمال مع وفد الصندوق برئاسة الدكتور جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، الذى يشرف على عمل الصندوق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز للتحاور حول الوضع الاقتصادي العالمى والإقليمي وآثار المتغيرات والأزمات العالمية والإقليمية واليات مجابهتها ودور الصندوق ومؤسسات التمويل الدولية في ذلك، وقد شارك بالاجتماع رؤساء اتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات المصرية وجمعية رجال الأعمال المصرين والغرفة الأمريكية وجميعة المصدرين المصريين وهيئة مكتب اتحاد الغرف والمستشارين الاقتصاديين للاتحاد ورئيس الاقتصاد والأعمال.
وقد تطرق اللقاء تطرق إلي فرص الاقتصاد المصري، والتوجهات لدي الصندوق، ورؤية الصندوق للاقتصاد المصري في الفترة المقبلة وأيضا إلي التوافق بين مصر وإدارة الصندوق علي القرض الجديد، بالإضافة إلي رغبة الصندوق في استمرارية دعم الاقتصاد المصري، فيما ناقش اللقاء دور القطاع الخاص في مصر في السنوات القليلة الماضية.