كرمت جمعية المهندسين المصرية، الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ومنحته العضوية الفخرية بالجمعية، تقديرا لدوره المتميز ومساهمته فى تحقيق النهضة العمرانية، التى تشهدها ربوع الدولة المصرية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئاسة الجمهورية عام 2014، وذلك تزامناً مع احتفال الجمعية باليوبيل الذهبي 'مرور مائة عام على تأسيسها'، مشيرا إلى إتاحة 2.7 مليون وحدة سكنية خلال 9 سنوات.
إتاحة 2.7 مليون وحدة سكنية خلال 9 سنوات
واستعرض الدكتور عاصم الجزار، خلال محاضرة مطولة ألقاها بمقر الجمعية، مشروعات التنمية العمرانية، وأبعادها الاقتصادية، مؤكداً أن خطة الدولة العمرانية، هى بالأساس خطة اقتصادية، وليست خطة للبناء فقط، فالهدف هو توسيع رقعة المعمور من أجل التنمية الاقتصادية، نظراً لأن المعمور القائم أصبح غير قادر على إعالة قاطنيه اقتصاديا، لذا فالهدف الأول للمخطط الاستراتيجي القومى للتنمية العمرانية 'مصر 2052'، هو مضاعفة رقعة المعمور المصري، ونحو 95 % من المشروعات التى تم ويجرى تنفيذها هى مخرجات المخطط والباقى هى تنفيذ للتحديثات التى تتم على المخطط كل فترة.
العمران وعاء التنمية
ولفت وزير الإسكان، إلى أن العمران هو وعاء التنمية، وهو أمر المولى عزّ وجل لأبينا آدم بأن يعمر فى الأرض، فالزراعة عمران، والصناعة عمران، وغيرهما من الأنشطة المختلفة، والعمران بدايته الزراعة، ولذا فإن مفهوم العمران، أوسع من مجرد البناء، موضحاً أن هناك عنصرين أساسيين للعمران، وهما، البنية التحتية، وتشمل (المياه والصرف والكهرباء)، والبنية الأساسية للعمران الحضرى، وتشمل (الطرق، ووسائل النقل الجماعي)، وهذا ما يوضح لماذا قامت الدولة بتنفيذ شبكة طرق ضخمة على مستوى الجمهورية، لأنها تمثل البنية الأساسية للعمران الحضرى، وتسهل الاتصالية مع مناطق التنمية الجديدة.
وأكد الوزير، أن الدولة المصرية تعمل على تحسين بيئة العمران من أجل تحقيق جودة الحياة للمواطن المصرى، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتطبيقا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى ينص البند السابع منها على الحق في السكن اللائق، وخير دليل على أن الدولة المصرية تنمى البشر لا الحجر، هو مشروع تطوير المناطق العشوائية غير الآمنة، حيث تم القضاء على 357 منطقة غير آمنة، من خلال إنشاء 300 ألف وحدة سكنية، وإعادة تسكين قاطنى تلك المناطق بوحدات جديدة مؤثثة فى مجتمعات حضارية عصرية تضم مختلف الخدمات، وتعمل على الارتقاء بمستوى الإنسان.
واستعرض الدكتور عاصم الجزار، التأثيرات الاقتصادية لضيق الحيز المكاني المعمور والنمو العشوائي علي الأراضي الزراعية، والمستهدف للتغلب عليه، زيادة المعمور المصري إلى 14 % من مساحة الجمهورية، وهو الهدف الأول للمخطط الاستراتيجي القومى للتنمية العمرانية 'مصر 2052'، ففي عام 1985 كان تمركز العمران على 5.5 % من مساحة الجمهورية، يقطنها 50 مليون نسمة، ونسبة التحضر كانت 45 %، بينما في عام 2011، أصبح عدد السكان 89 مليون نسمة، يعيشون على 7 % من مساحة الجمهورية، وانخفضت نسبة التحضر إلى 42 %، وهو الأمر الذى يؤثر سلباً على الفرص الاقتصادية والاستثمارية للدولة.
الزحف العمرانى العشوائي
وأشار الوزير إلى أنه خلال الفترة من 1985 : 2014، التهم الزحف العمرانى العشوائي على الأراضي الزراعية 490 ألف فدان، تم تحويلها إلى أراضٍ للبناء، بمعدل فقد 17 ألف فدان سنوياً من الأراضى الزراعية، متسائلاً.. ماذا لو استمر الزحف العمراني بدون تدخل أو إيجاد حلول بديلة؟! كان سيتم فقدان 150 ألف فدان من الأراضى الزراعية، تتجاوز قيمتها 225 مليار جنيه، هذا بخلاف 250 مليار جنيه، تكاليف إمداد مرافق وخدمات، وفقدان 130 ألف فرصة عمل مباشرة، و40 ألف فرصة عمل غير مباشرة.
وتساءل وزير الإسكان.. هل الحل فى توسعة الأحوزة العمرانية للمدن ؟؟ لاستيعاب جزء من الزيادة السكانية وتوفير الخدمات والأنشطة الاقتصادية، موضحاً أنه وللإجابة على هذا السؤال يجب استعراض النمو العشوائي للمدن خارج الحيز العمراني، وهى مساحات كبيرة جداً، مما يعنى أن الحل لا يكمن فى توسيع الأحوزة العمرانية، لأن توسعة الاحوزة العمرانية يعنى هدر الأرض الزراعية، فالمواطن يفضل البناء على أرضه الخاصة، والدليل على ذلك عدم تنمية معظم الأراضى المضافة للحيز، والتوسع العشوائى، فليس هناك طلب حقيقي مقترنا بالقدرة الاقتصادية، وليس هناك أنشطة اقتصادية تسمح بزيادة هذا الطلب، موضحاً انخفاض نصيب الفرد من الأراضي الزراعية، وهى النشاط الأساسى فى إقليم الدلتا، وعند قسمة المنتج من تلك المساحة على عدد السكان، يساوى فقرا، ولذا يجب التدخل بشكل آخر غير توسعة الأحوزة العمرانية، والتى تأتى على حساب النشاط الرئيسي فى هذا الإقليم.
خريطة التنمية العمرانية
واستعرض الوزير خريطة التنمية العمرانية فى عام 2023، حيث بلغت نسبة المعمور المصرى التى يتم العمل على تنميتها 13.7 % من مساحة الجمهورية، وارتفعت نسبة التحضر إلى 48.5 %، وهذا مؤشر جيد لمستوى جودة الحياة، والتنمية الاقتصادية، لأن العمران الحضرى يُعزى إليه الجزء الأكبر من التنمية الاقتصادية على مستوى العالم، وكل دول العالم تهدف إلى زيادة نسبة التحضر، من أجل التنمية الاقتصادية، إضافة إلى مشروعات المبادرة الرئاسية 'حياة كريمة' لتطوير الريف المصرى، والتي تساهم في زيادة نسبة التحضر، ضارباً بعض الأمثلة لانعكاس زيادة نسبة التحضر على جذب الاستثمارات للمناطق القائمة بعد تطويرها، وكذا انعكاسها على جذب الاستثمارات للمناطق الجديدة، مؤكداً أن السياسات التي انتهجتها الدولة بتوجيهات الرئيس السيسى، لمواجهة ضيق المعمور المصري والنمو العشوائي على الأراضي الزراعية، تمثلت في مسارين رئيسيين، وهما، إنشاء مراكز عمرانية جديدة لاستيعاب السكان والأنشطة الاقتصادية (مدن الجيل الرابع)، ورفع كفاءة مدن الأجيال السابقة، بجانب تطوير ورفع كفاءة البيئة العمرانية ووضع ضوابط للتحكم في النمو العمراني غير المخطط.
وأشار إلى أنه تم إنشاء 23 مدينة جديدة على 3 أجيال زمنية، خلال 36 عاما حتي 2014، على مساحة 750 ألف فدان، واستوعبت تلك المدن 5 ملايين نسمة، وجار تنفيذ 24 مدينة جديدة 'مدن الجيل الرابع'، تستوعب 32 مليون نسمة، موزعة كالتالى، 9 مدن بإقليم القاهرة الكبرى، و6 مدن بالوجه القبلي، و5 مدن بإقليم قناة السويس وسيناء، و4 مدن بالوجه البحرى، بالإضافة إلى 14 مدينة جارٍ تخطيطها للبدء في التنفيذ، وبلغ إجمالي الاستثمارات بالمدن الجديدة (الأجيال السابقة والجيل الرابع) في الفترة من 2014 : 2023، 1.3 تريليون جنيه، منها 975 مليار جنيه لإنشاء وتنمية مدن الجيل الرابع، بنسبة 75 % من الاستثمارات، و325 مليار جنيه لتطوير ورفع كفاءة مدن الأجيال السابقة، بنسبة 25 % من الاستثمارات.
الإنفاق الاستثماري على المجتمعات العمرانية الجديدة
واستعرض الوزير، تطور معدل الإنفاق الاستثماري على المجتمعات العمرانية الجديدة، حيث بلغ إجمالي الإنفاق منذ عام 1978 وحتى عام 2023، 1.364 تريليون جنيه، منها 64 مليار جنيه خلال 36 عاماً (1978 : 2014)، أي بمعدل إنفاق سنوي 1.8 مليار جنيه، و1.3 تريليون جنيه، خلال 9 سنوات (2014 : 2023)، أي بمعدل إنفاق سنوي 144 مليار جنيه، مشيراً إلى تطور الاستيعاب السكاني للمدن الجديدة، حيث بلغ حجم السكان فى الفترة من 1978 : 2023، 11.3 مليون نسمة، منهم 5 ملايين نسمة خلال 36 عاما حتى عام 2014، بمعدل استيعاب سنوى للسكان 140 ألف نسمة سنوياً، فى حين استوعبت المدن الجديدة 6.3 مليون نسمة خلال 9 سنوات، بمعدل استيعاب سنوى للسكان 700 ألف نسمة سنوياً.
وأكد الدكتور عاصم الجزار، أن تجربة الدولة المصرية فى إنشاء وتنمية المدن الجديدة، واحدة من أكبر التجارب على مستوى العالم، إن لم تكن التجربة الأكبر على الإطلاق، فلدينا عشرات المدن الجديدة، تشمل مدن الجيل الرابع، وهى مدن ذكية مستدامة، تراعى المعايير البيئية، والتغيرات المناخية، ويتم التوسع فى استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة بها، وتعمل على تحقيق جودة الحياة للمواطنين، وتعتمد كل مدينة منها، على قاعدة اقتصادية تتناسب مع طبيعة الإقليم الذي تقع فيه، وتحقق الغرض من إنشائها.
عوائد التنمية
واستعرض وزير الإسكان، المردود الاقتصادي للمشروعات القومية 'عوائد التنمية'، حيث تطور إيراد المشروعات القومية المنفذة من قبل وزارة الإسكان من 57 مليار جنيه عام 2018، إلى 125 مليار جنيه عام 2023، وبلغ إجمالي مبيعات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة للأراضى عشرات المليارات (بالجنيه المصري والدولار الأمريكي) خلال عام 2023، وتنوعت سياسات إتاحة الأراضي، وبلغ عدد الطلبات لتخصيص الأراضى في 2023، 5122 طلباً، بمساحة 80 ألف فدان، في حين كان عدد الطلبات في 2014، نحو 500 طلب، ولدينا رصيد من الأراضى المرفقة والوحدات السكنية بقمية مئات المليارات من الجنيهات.
وأشار إلى مشاركة القطاع الخاص فى تنفيذ المشروعات القومية، حيث شارك (1420 مقاولا وشركة خاصة، بخلاف مقاولى الباطن) في تنفيذ المشروعات القومية (مشروعات الإسكان والمرافق)، وعددها 17500 مشروع بتكلفة إنشائية 2 تريليون جنيه، وفرت تلك المشروعات 6.5 مليون فرصة عمل (2.9 مليون فرصة عمل مباشرة – 3.6 مليون فرصة عمل غير مباشرة)، إضافة إلى رواج الأنشطة الصناعية والتجارية المرتبطة بقطاع التشييد والبناء، حيث بلغت الكميات المستخدمة في أعمال البناء، 5.5 مليون طن من الحديد، و20 مليون طن من الأسمنت، و96 مليون م2 من السيراميك، و3.5 مليون طن من الأدوات الصحية، و25 مليون باب وشباك، و30 ألف مصعد.
وأضاف الوزير، أن الدولة تنفذ مشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص (أكثر من 76 مطورا) على مساحة حوالى 16 ألف فدان، بقيمة استثمارات بلغت 1.1 تريليون جنيه، حصة الدولة منها 311 مليار جنيه، وتوفر تلك المشروعات نحو 310 آلاف فرصة عمل، وتتوزع تلك المشروعات كما يلى، 8 مشروعات ذات مساحات كبيرة (أكبر من 400 فدان)، و15 مشروعا بمساحات أقل من 400 فدان، و53 مشروعاً (شركة صواري)، ويتراوح المدى الزمني والتسهيلات من 5 : 15 سنة للمشروعات ذات المساحات الكبيرة، مشيراً إلى مشروعــات التنمية الصناعية بالمدن الجديدة، حيث تحتوى 21 مدينة جديدة على مناطق صناعية قائمة، ويبلغ إجمالي مساحة المناطق الصناعية، 80 ألف فدان، وإجمالي رخص البناء والتشغيل في الفترة (2014 – 2023)، 35 ألف رخصة بناء.
واستعرض الدكتور عاصم الجزار، عدداً من المشروعات القومية، ومردودها الاقتصادي، وفى مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة - التى تمثل مركزاً لريادة المال والأعمال، وتشكل مع القاهرة التاريخية التى يتم تطويرها، 'العاصمة الجديدة' - وما تحويه من مشروعات عملاقة يتم تنفيذها لأول مرة بمصر، كمشروع منطقة الأعمال المركزية، ومشروع الحدائق المركزية 'كابيتال بارك'، وغيرها، إضافة إلى استعراض مشروعات مدينة العلمين الجديدة، التى لولا تنفيذها ما كانت مدينة رأس الحكمة، فهى بمثابة نقطة البداية لتنمية الساحل الشمالي الغربي الذي يعد أمل مصر في استيعاب الزيادة السكانية، وكذا مشروعات المنصورة الجديدة، وأسوان الجديدة، وغيرها من المدن الجديدة، التى تم توزيعها على أقاليم التنمية على مستوى الجمهورية، لتكون بمثابة مراكز لريادة المال والأعمال، وتعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق جودة الحياة للمواطنين.
الاستراتيجية القومية للإسكان
وتابع وزير الإسكان، كلمته بالحديث عن الاستراتيجية القومية للإسكان، بأبعادها الرئيسية، البعد الكمي (العرض والطلب)، والبعد النوعى (نوعية المسكن - جودة الحياة)، والبعد المكانى، فنحن نحتاج إلى 400 - 450 ألف وحدة سكنية سنوياً، بجانب عجز متراكم من السنوات السابقة وقدره 2 مليون وحدة سكنية حتى 2014، ومناطق عشوائية غير مخططة بمساحة 152 ألف فدان، وما تم تحقيقه من 2014 : 2023، 1.5 مليون وحدة سكنية، يضاف إليها 100 ألف وحدة 'الحصة العينية من مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص'، بخلاف إتاحة 230 ألف قطعة أرض تعادل 1.1 مليون وحدة، فيكون إجمالي الوحدات التي تمت إتاحتها خلال 9 سنوات 2.7 مليون وحدة سكنية، بجانب الخطة المقترحة (2024 : 2030) للوصول إلى إتاحة 3.6 مليون وحدة سكنية.