سجل سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري أدنى مستوياته منذ نوفمبر 2024، في خطوة اعتبرها خبراء الاقتصاد مؤشرًا إيجابيًا لكنه "مؤقت"، ما لم يُدعم بإصلاحات هيكلية أوسع، رغم الدعم الملحوظ من التدفقات النقدية الأجنبية وتحويلات المصريين بالخارج.
وشهد الدولار تراجعًا من نحو 49.52 جنيهًا إلى 49.15 جنيهًا في السوق الرسمية خلال يوليو، فيما قُدّر الهبوط في السوق الموازية بنسبة تراوحت بين 5% و7%، بحسب تقديرات مصرفيين.
يرى هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، أن التحسن النسبي في سعر الجنيه يعود إلى عدة عوامل محلية أبرزها تقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، وزيادة المعروض من الدولار، بدعم من تحويلات العاملين بالخارج، إلى جانب تدفقات قوية من أدوات الدين واستثمارات محتملة.
وأضاف أن الانضباط في حركة الاستيراد ساهم كذلك في تخفيف الضغوط على سوق الصرف، لكنّه حذّر من أن هذا التحسن لن يدوم دون خطوات جادة لتعزيز الإنتاج المحلي والصادرات.
وأكد أبو الفتوح أن تحسن الجنيه قد لا يكون مستدامًا إذا استمر الاعتماد على التدفقات قصيرة الأجل، مشيرًا إلى أن مؤشر الدولار عالميًا لم يسجّل تراجعًا يُذكر، بل يميل للصعود، في ظل بيانات أمريكية تعزز توقعات الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة.
وقال: "الاستقرار الحقيقي لقيمة الجنيه يتطلب إصلاحات هيكلية تعالج جذور العجز التجاري، وتدعم القطاع الإنتاجي، بما يقلل الاعتماد على التمويلات الخارجية المؤقتة".
من جانبها، أشارت رانيا يعقوب، خبيرة الاقتصاد، إلى أن حركة الدولار العالمية تؤثر أيضًا على سعر صرفه أمام الجنيه، موضحة أن العملة الأمريكية شهدت بعض التراجعات أمام عملات رئيسية مثل اليورو خلال الفترة الأخيرة، نتيجة التوترات التجارية الدولية، قبل أن تعود للصعود مع تحسّن الثقة في الاقتصاد الأمريكي.
وأوضحت أن الجانب الداخلي لعب دورًا كبيرًا في دعم الجنيه، خاصة مع ارتفاع إيرادات الدولة من النقد الأجنبي، سواء من تحويلات المصريين بالخارج أو قطاع السياحة، مما وفّر سيولة دولارية عززت من قوة العملة المحلية.
يرى محللون أن تراجع الدولار أمام الجنيه المصري يحمل مؤشرات إيجابية في الأجل القصير، لكنّ الحفاظ على هذا المسار يتطلب إجراءات جذرية لتعزيز هيكل الاقتصاد وتوسيع القاعدة الإنتاجية، حتى لا يكون الاستقرار مرهونًا بعوامل ظرفية أو تدفقات مالية طارئة.