تؤكد مشاركة المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، الأسبوع الماضي في اجتماع مائدة مستديرة بحضور عدد كبير من قادة الأعمال في دولة اليابان عن الطفرة التي تشهدها العلاقات الاقتصادية بين مصر واليابان طفرة خلال السنوات الأخيرة.
يأتي ذلك بعد أن التقى وزير الاستثمار بالسفير الياباني في القاهرة، إيواي فوميو الشهر الماضي ، لبحث توسيع المشاريع الاستثمارية في قطاعات الطاقة المتجددة، تصنيع السيارات، الأدوية، والصناعات الغذائية.
وتبرز العلاقات الاقتصادية المشتركة في ظل زيادة كبيرة في الاستثمارات اليابانية المباشرة وتوسع التعاون في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية.
واستعرض الوزير السياسات الاقتصادية للدولة، وفرص ومقومات الاستثمار في السوق المصري، كما سلّط الضوء على العلاقات التجارية والاستثمارية بين مصر واليابان.
وتؤمن وزارة الاستثمار بالعلاقات العميقة والمتطورة بين البلدين، والمبنية على الاحترام المتبادل، والقيم، والرؤية المشتركة للتنمية المستدامة.
وتعد اليابان شريكًا تجاريًا هامًا لمصر، كما تنشط في السوق المصري العديد من الشركات اليابانية في قطاعات حيوية، تشمل السيارات، والطاقة، والتصنيع، والأدوية، وهو ما يعكس الثقة المتنامية في الاقتصاد المصري وإمكاناته.
ووفقاً لبيانات رسمية،الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS) تضاعفت الاستثمارات اليابانية في مصر خلال العام المالي 2021/2022 لتصل إلى 73.7 مليون دولار، بنمو نسبته 98.7% مقارنة بـ37.1 مليون دولار في العام السابق، مما يعكس ثقة متزايدة من الشركات اليابانية في البيئة الاستثمارية المصرية.
نمو الاستثمارات وتنوع القطاعات
وتظهر إحصاءات (CAPMAS) أن الاستثمارات اليابانية في مصر قفزت بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة. في عام 2019، كانت الاستثمارات اليابانية المباشرة تقدر بحوالي 420 مليون دولار، ارتفعت إلى 880 مليون دولار بحلول عام 2018/2019، بزيادة نسبتها 74.3%.
وفي الوقت الحالي، تعمل حوالي 50 إلى 106 شركات يابانية في مصر، تغطي قطاعات متنوعة تشمل الصناعات التحويلية، الإلكترونيات، السيارات، الطاقة النظيفة، والصناعات الغذائية.
من بين أبرز المشاريع اليابانية في مصر، مشروع توسعة مترو القاهرة، الذي وقّعت مصر واليابان اتفاقية تمويل له بقيمة 100 مليار ين (حوالي 734 مليون دولار) في عام 2023، لربط مدينة السادس من أكتوبر بمنطقة هضبة الجيزة.
كما ساهمت اليابان في تمويل مشاريع رئيسية مثل المتحف المصري الكبير وجسر السويس للسلام، مما يعكس التزام اليابان بدعم خطط التنمية المستدامة في مصر.
في قطاع الصناعات التحويلية، تبرز شركات يابانية كبرى مثل 'سوميتومو'، التي افتتحت أكبر مصنع لها في العالم بمدينة العاشر من رمضان عام 2025، باستثمارات تصل إلى 100 مليون دولار، لإنتاج الضفائر الكهربائية للسيارات.
كما أعلنت شركة 'يازاكي' اليابانية عن استثمار 30 مليون يورو لإنشاء مصنع جديد في محافظة الفيوم لتصنيع مكونات السيارات، فيما تستعد شركة 'فوجيكورا' لإقامة مصنع في الإسكندرية بمساحة 10 آلاف متر مربع.
التجارة الثنائية: فرص وتحديات
على الرغم من النمو الكبير في الاستثمارات، شهدت التجارة الثنائية بين البلدين تراجعاً نسبياً في عام 2022، حيث انخفض حجم التبادل التجاري بنسبة 26.3% ليصل إلى 1.1 مليار دولار مقارنة بـ1.6 مليار دولار في 2021.
تراجعت الصادرات المصرية إلى اليابان بنسبة 53% إلى 260.8 مليون دولار، وشملت الوقود، المعادن، الفواكه، ومنتجات الحديد والصلب، بينما بلغت الواردات المصرية من اليابان 888.5 مليون دولار، تضمنت الآلات، المعدات، السيارات، والمنتجات الصيدلانية.
ومع ذلك، تظل اليابان شريكاً اقتصادياً مهماً، حيث تستحوذ على 13% من إجمالي الاستثمارات الآسيوية في السوق المصري، وتحتل المرتبة 31 بين الدول المستثمرة في مصر. يعكس هذا التراجع في التجارة تأثيرات التحديات الاقتصادية العالمية، لكن الزيادة في الاستثمارات تشير إلى ثقة متجددة في الاقتصاد المصري.
تعزيز التعاون: مبادرات وشراكات
وتسعى مصر واليابان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال مبادرات مشتركة حيث تستهدف اليابان تعزيز الاستثمارات في مشاريع المدن الذكية والطاقة النظيفة، مع التركيز على نقل التكنولوجيا وتطوير الموارد البشرية.
من جهة أخرى، أسهمت اليابان في دعم مشاريع تنموية كبرى مثل نظام التأمين الصحي الشامل والتعليم من خلال المدارس والجامعات اليابانية في مصر. وفي إطار مؤتمر طوكيو الدولي لتنمية إفريقيا (TICAD)، يتم بحث فرص الاستثمار في مصر كبوابة للسوق الإفريقي، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للشركات اليابانية.
تحديات وآفاق المستقبل
على الرغم من التقدم المحرز، تواجه الاستثمارات اليابانية في مصر تحديات مثل البيروقراطية، صعوبات الوصول إلى العملات الأجنبية، والحاجة إلى تحسين الشفافية في الإجراءات التنظيمية.
ومع ذلك، تعمل الحكومة المصرية على تحسين مناخ الاستثمار من خلال إصلاحات تشريعية، مثل قانون الاستثمار الجديد، وتسهيل إجراءات الجمارك عبر نظام التسجيل المسبق للشحنات (ACI).
وتتطلع مصر الفترة المقبلة إلى جذب المزيد من الاستثمارات اليابانية، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والابتكار. أعلن رجل أعمال ياباني بارز، كانازاوا يوكيو، عن خطط لنقل استثمارات بقيمة 8 مليارات دولار إلى مصر، مع التركيز على العقارات والصناعات التحويلية، مما يعكس الإمكانات الكبيرة للسوق المصري, كما تدرس شركة 'تويوتا تسوشو' إنشاء مصنعين للسيارات بطاقة إنتاجية 100 ألف سيارة لكل مصنع، مما قد يعزز مكانة مصر كمركز تصنيع إقليمي.