يعد سوق تداول الكربون المنظم في مصر أداة رئيسية لتعزيز جاذبية الاستثمار ورفع القدرة التنافسية الاقتصادية،حيث يعزز هذا السوق توفير فرص استثمارية جديدة، فضلاً عن خفض التكاليف، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما يمثل تحولًا نحو اقتصاد منخفض الكربون، مما يجعل مصر وجهة مفضلة للمستثمرين الدوليين المهتمين بالاستدامة خاصة بعد إطلاق السوق الطوعي لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية في أغسطس 2024، تحت إشراف الهيئة العامة للرقابة المالية (FRA) وبورصة الأوراق المالية المصرية (EGX).
وأصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية عدة قرارات في 2024، بما في ذلك القرار رقم 31 لسنة 2024 الذي يحدد قواعد الإدراج والشطب وتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية (CERs)، مما يضمن شفافية العمليات وكفاءتها.
إطار تنظيمي يدعم الشفافية والكفاءة
كما حدد القرار رقم 30 لسنة 2024 معايير اعتماد سجلات الكربون الطوعية، مع التركيز على الحوكمة وأمان البيانات، بينما ينظم القرار رقم 163 لسنة 2024 عمل الجهات المدققة لضمان صحة خفض الانبعاثات.
وتدعم هذه اللوائح قدرة السوق لجذب للمستثمرين من خلال توفير بيئة آمنة ومنظمة، مما يقلل من المخاطر ويشجع على المشاركة المبكرة في السوق، والتي توفر مزايا تنافسية مثل الوصول إلى فرص استثمارية جديدة في القطاعات الخضراء مثل الطاقة واللوجستيات.
ويساهم سوق تداول الكربون في تعزيز جاذبية الاستثمار من خلال جذب رؤوس الأموال الأجنبية نحو مشاريع منخفضة الكربون. على سبيل المثال، أدت اللوائح المنظمة للهيدروجين الأخضر إلى جذب استثمارات تصل إلى 40 مليار دولار، مع مشاريع كبرى مثل مجمع بنبان الشمسي الذي يتجاوز أهداف الطاقة المتجددة بنسبة 42% بحلول 2040.
جذب الاستثمارات الخضراء وخفض التكاليف
كما يساعد السوق في خفض تكاليف تنفيذ الالتزامات الوطنية المحددة (NDCs) بنسبة تزيد عن النصف، مما يؤدي إلى توفير يصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030، حسب تصريحات وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية رانيا المشاط، كما يعزز هذا التوفير القدرة التنافسية من خلال إعادة توجيه الأموال نحو الحلول المنخفضة الكربون، مما يحفز على نمو الاقتصاد الأخضر ويزيد من حصته في الناتج المحلي الإجمالي.
ويدعم ذلك سوق تداول الكربون المنظم برنامج 'النكسوس للمياه والغذاء والطاقة' (NWFE)، الذي يهدف إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بـ17 مليون طن سنويًا، مما يجذب الاستثمارات في القطاعات الحيوية ويعزز التعاون الجنوبي-جنوبي مع الدول الأفريقية والشراكات مع الاتحاد الأوروبي من خلال آلية تعديل حدود الكربون (CBAM).
ورغم الفرص، يواجه السوق تحديات مثل عدم التوازن في التنفيذ والشفافية في إدارة الديون، مما قد يحد من تدفق التمويلات الخضراء. ومع ذلك، يوفر السوق فرصًا لتعزيز التنافسية من خلال تحفيز الابتكار في سلاسل القيمة المحلية، مثل صناعة السيارات الكهربائية، وخلق فرص عمل خضراء، كما يساعد في الانتقال من الوقود الأحفوري، مع خفض الدعم الحكومي للطاقة من 22% في السنة المالية 2012-2013 إلى 3.4% بحلول 2017-2018، مما يعيد تخصيص الموارد نحو الاستثمارات الخضراء التي تصل نسبتها إلى 50% بحلول السنة المالية 2024-2025 و75% بحلول 2030.
ومن المتوقع أن يسهم تطبيق نظام تسعير كربون إلزامي شفاف في الإسراع من هذا الانتقال، مما يعزز موقع مصر كمركز إقليمي للاقتصاد الأخضر في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويجذب الشركات ذات الصناعات الكثيفة الكربون والملتزمة بالاستدامة.