يبحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع نظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، الذي بدأ زيارة رسمية لمصر تستمر عدة أيام، تعزيز التعاون الاقتصادي وتوسيع مجالات الاستثمار المشترك، إلى جانب بحث الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، في ظل حرص البلدين على دعم الأمن القومي العربي والتنسيق في مجالات الطاقة والأمن الغذائي والتكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى التوسع في مشروعات البنية التحتية.
وشملت المباحثات ضخ استثمارات إماراتية جديدة في قطاعات اللوجستيات والطاقة المتجددة، وتعزيز التعاون في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فضلاً عن مساهمة الإمارات في تمويل مشروعات النقل والموانئ الذكية
وتُشكل الشراكة الاقتصادية بين مصر والإمارات نموذجًا رائدًا للتكامل العربي، حيث تعمل على تعزيز الابتكار، نقل التكنولوجيا، وخلق فرص عمل. مع استمرار المفاوضات حول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، تتطلع البلدان إلى تعزيز التعاون في قطاعات الاقتصاد الرقمي، الاقتصاد الدائري، وريادة الأعمال، مما يضمن استدامة النمو الاقتصادي وازدهار الأجيال القادمة.
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة نموًا ملحوظًا، حيث تُعد الإمارات أكبر مستثمر أجنبي في السوق المصري، بإجمالي استثمارات تجاوزت 35 مليار دولار حتى عام 2024 وتتسم هذه الشراكة بالتنوع والتكامل، حيث تشمل مشروعات رائدة في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، البنية التحتية، الاتصالات، العقارات، والسياحة، مما يعزز من التنمية الاقتصادية المستدامة في البلدين.
ويستعرض «اهل مصر» أبرز المشروعات الاقتصادية المشتركة التي تعكس عمق هذه الشراكة على النحو التالي:
1/ مشروع رأس الحكمة:
يُعد مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي المصري أبرز المشروعات المشتركة بين البلدين، باستثمارات مباشرة تصل إلى 35 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إجمالي الاستثمارات إلى 150-200 مليار دولار عند اكتماله.
ويهدف المشروع، الذي تتولاه شركات إماراتية بالتعاون مع الحكومة المصرية، إلى إنشاء مدينة ذكية متكاملة تجمع بين السياحة، الإسكان، والخدمات اللوجستية حيث يُتوقع أن يوفر المشروع ملايين فرص العمل، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المصري وجذب السياحة العالمية.
2/ قطاع الطاقة المتجددة:
تُولي الإمارات اهتمامًا كبيرًا بقطاع الطاقة المتجددة في مصر، حيث وقّعت شركة "إميا باور" الإماراتية اتفاقيات لتطوير مشروعات طاقة شمسية ورياح بقدرة 2500 ميجاوات، إضافة إلى مشروعات قائمة بقدرة 1000 ميجاوات.
كما شملت الاتفاقيات مشروعًا لطاقة الرياح بقدرة 10 جيجاواط، يهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتوفير تكاليف الغاز الطبيعي. هذه المشروعات تعكس التزام البلدين بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
3/البنية التحتية والموانئ:
تُعد مجموعة موانئ أبوظبي شريكًا رئيسيًا في تطوير البنية التحتية في مصر. في ديسمبر 2023، وقّعت المجموعة اتفاقية مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض بميناء سفاجا لمدة 30 عامًا، باستثمارات تصل إلى 500 مليون دولار.
كما استحوذت شركة "نواتوم" التابعة للمجموعة على حصة الأغلبية في شركة "سفينة لخدمات الشحن"، مما يعزز الخدمات اللوجستية والبحرية في مصر. هذه المشروعات تدعم التجارة البينية وتسهم في تحويل مصر إلى مركز لوجستي إقليمي.
4/الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات:
يبرز قطاع الاتصالات كأحد أهم مجالات التعاون، حيث استثمرت شركة "اتصالات" الإماراتية أكثر من 2 مليار دولار في السوق المصري منذ دخولها عام 2006، محققة نقلة نوعية في خدمات الاتصالات المتنقلة.
كما وقّعت وزارتا الاستثمار الإماراتية والاتصالات المصرية مذكرة تفاهم في 2023 لتطوير مراكز بيانات بقدرة 100 ميجاواط في المرحلة الأولى، مع استهداف 1000 ميجاواط مستقبلًا. يُتوقع أن يصل سوق مراكز البيانات في مصر إلى 1.14 مليار دولار بحلول 2030، مدعومًا بموقع مصر الاستراتيجي والبنية التحتية الرقمية.
5/السياحة والضيافة:
تساهم شركة "روتانا" الإماراتية في تعزيز قطاع السياحة المصري، حيث وقّعت اتفاقية لإدارة منتجع الأقصر روتانا ذي الخمس نجوم، المقرر افتتاحه في 2023، بالإضافة إلى مشروعات أخرى مع شركات مصرية مثل "المراسم". كما تستثمر مجموعة ماجد الفطيم أكثر من 2.5 مليار دولار في مشروعات الضيافة والتجزئة، موفرة أكثر من 11 ألف فرصة عمل للمصريين.
6/الصناعة والزراعة:
تشمل الاستثمارات الإماراتية مشروعات صناعية وزراعية رائدة، مثل إنشاء أكبر مصنع لسكر البنجر في الشرق الأوسط بمحافظة المنيا، باستثمارات 450 مليون دولار، وطاقة إنتاجية 900 ألف طن سنويًا، مع استصلاح 181 ألف فدان.
كما وقّعت مصر والإمارات اتفاقيات في إطار الشراكة الصناعية التكاملية مع الأردن والبحرين، بقيمة استثمارية تتجاوز ملياري دولار في قطاعات الزراعة، الأدوية، والسيارات الكهربائية.
أبرز أرقام التجارة بين مصر والإمارات
وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قيمة التجارة بين مصر والإمارات بنسبة 77.7% خلال النصف الأول من 2025، لتسجل 4.8 مليار دولار مقابل 2.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2024، كما ارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة خلال النصف الأول من عام 2025، لتصل إلى 3.8 مليار دولار مقابل 1.5 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2024، بنسبة نمو قدرها 153.3%.وبلغت قيمة الواردات المصرية من الإمارات مليار دولار خلال النصف الأول من 2025، مقابل 1.2 مليار دولار في الفترة ذاتها من 2024، مسجلة انخفاضًا نسبته 16.6%.
وزادت قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر خلال النصف الأول من العام المالي 2024/2025 نحو 2.2 مليار دولار، مقابل 2.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2023/2024، بزيادة نسبتها 4.8%، وارتفعت الاستثمارات المصرية في الإمارات إلى 750.1 مليون دولار، مقارنة بـ 616.2 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، بنسبة نمو قدرها 21.7%.
وسجلت تحويلات المصريين العاملين في الإمارات نحو 1.8 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقابل 2.1 مليار دولار في العام المالي 2022/2023، فيما بلغت تحويلات الإماراتيين العاملين في مصر 31.6 مليون دولار خلال 2023/2024، مقابل 35.5 مليون دولار في 2022/2023، ويبلغ عدد سكان مصر 108 ملايين نسمة في أغسطس 2025، مقابل 11.4 مليون نسمة لسكان الإمارات خلال نفس الفترة. فيما قدر عدد المصريين المقيمين في دولة الإمارات بنحو 975 ألف شخص حتى نهاية عام 2023.
عرض النص المقتبس