قالت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، إن الأحداث الجيوسياسية الملتهبة تؤثر على أداء أسواق المال ليس في مصر فقط، بل في العالم بأثره فعند تصاعد حدة الخلاف بين أمريكا وكوريا الشمالية في وقت سابق خسرت البورصات حول العالم مليارات الدولارات، وعند تجدد صراع فرض رسوم الحماية المتبادل على المنتجات الأمريكية والصينية تأثرت بالتبعية بورصات العالم وكان الأشد تأثرًا بورصات شرق أسيا والأسواق العربية المرتبطة باستيراد المنتجات الأمريكية والصينية، ثم طل علينا شبح المخاوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة بسبب التصعيد الإيراني الأمريكي.
وأضافت "رمسيس"، أن المنطقة متوترة حاليًا بسبب الأطماع التركية في ليبيا، مما جعل مصر في حالة من المخاوف، وبدأت المؤشرات في تغير اتجاهها الصاعد إلي اتجاة هابط وخسارة عميقة في رأس المال السوقي.
وأوضحت أن ذلك كان بسبب الموقع الجغرافي المميز لمصر، والذي يعتبر نعمة ونقمة في نفس الوقت ووجودها في منطقة صراع دائم ولا يخلو الشرق الأوسط من الأطماع والتوترات، فبعد أن كان التداول يوميًا يجاوز المليار جنيه بدأ في الانحسار التدريجي، حتى أنه في بعض الجلسات يصل بالكاد إلى 300 مليون جنيه، وأصبح الوصول إلى 500 مليون هو أمل المتداولين وبالطبع انخفاض في قيم التداول يعني انصراف متعاملين عن التداول، ويعني قلة في حجم التداول، مما يؤثر باستمرار بقاء المؤشرات في المنطقة الحمراء فبعد أن وصل المؤشر إلى 18200 نقطة في مارس 2018 أصبح الوصول إلى 14000 نقطة والبقاء فيها أمل لدى المتعاملين بعد أن كان الهدف الانطلاق صوب 22000 نقطة، وأصبح استمرار البقاء قرب 14000 نقطة هدف علي كل الأمد، وكلما اقتربت الدولة من أماكن الصراع كلما كان التأثير أكثر عمقًا، وهذا ما حدث في الأسواق العربية كافة.
وأكدت أن اشتعال الأزمة الأمريكية الإيرانية أثرت على رؤوس الأموال، والتي تعد جبانة ولا تسترد المؤشرات عافيتها إلا بوجود طمأنينة، وهذا ما حدث في البورصة المصرية عندما طمأن الرئيس عبد الفتاح السيسي جموع المصريين، وقال لهم أن مصر لن تدخل حرب في المنطقة، وذاك في خلال تهنئته للمصريين بعيد الميلاد المجيد في زيارته لكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث ارتفعت المؤشرات كافة معوضة الخسائر الفادحة في رأس المال السوقي، والتي تجاوز الـ8 مليار جنيه، وكانت البورصة المصرية هي أول البورصات التي استقرت مؤشراتها في المنطقة الخضراء في يوم الأربعاء الماضي، ثم تبعها الأسواق العربية، إذا فالأحداث السلبية والإشاعات لها الأثر السلبي الأعمق على المؤشرات من الحدث الإيجابي وتزامن مع التصنيفات الائتمانية التي تشيد بالاقتصاد المصري وكل الأخبار الإيجابية المتعلقة بخفض معدلات البطالة وانخفاض نسب التضخم، إلا أن الأكثر عمق كان التقلبات الجيوسياسية في المنطقة ولكن عمق التأثر يكون أخف حدة في حالة وجود استثمارات مؤسسية محلية عميقة، وضخ سيولة استثمارية توزع على المؤشرات كافة.