أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء برئاسة أسامة الجوهري مساعد رئيس الوزراء، العدد الثالث من سلسلة "كوفيد 19: إعادة تشغيل الاقتصاد"، لتوضيح تداعيات أزمة كورونا على قطاع السياحة والسفر وخطط الدول لإعادة التشغيل مرة أخرى، علاوة على استشراف مستقبل صناعة السياحة والسفر في عصر ما بعد "كوفيد 19".
وأوضح "الجوهري"، أن هذا العدد تم تقسيمه لأربعة أقسام رئيسية تتناول عرضاً لـ 31 موضوعاً صادراً عن مؤسسات عالمية كبرى، منها: المنتدى الاقتصادي العالمي، ومؤسسة فيتش، ووكالة بلومبرج، والمفوضية الأوروبية، وجريدة نيويورك تايمز، ومؤسسة جرين جلوب، وصندوق النقد العربي.
وأكد الجوهري، أن انتشار جائحة "كوفيد 19" كان لها تداعيات وخيمة على صناعة السياحة والسفر، حيث أدت إلى أزمة واسعة النطاق لاسيما مع فرض قيود على السفر وتعليق الرحلات الجوية، الأمر الذي تسبب في خسائر كبيرة لقطاع الطيران، مشيراً إلى أن 96% من الوجهات السياحية في العالم قد وضعت بعض القيود على السفر وهو ما انعكس بشكل سلبي وألقى بظلاله على قطاع الأعمال والعمالة، مستشهداً بتوقعات "اتحاد النقل الجوي الدولي" بانخفاض عدد الرحلات بنسبة 80% تقريباً على مستوى العالم خلال عام 2020 مقارنة بعام 2019، في حين توقعت "منظمة السياحة العالمية" انخفاض السياحة الدولية بنسبة تصل إلى 80% خلال هذا العام مقارنة بعام 2019، علاوة على فقدان 100 مليون وظيفة في قطاع السياحة على الأقل.
وأضاف "الجوهري" أنه في ظل نجاح بعض الدول في احتواء الوباء فقد بات من المتوقع عودة السياحة الدولية بشكل جزئي في النصف الثاني من عام 2020، مع توقع بعودتها إلى ما كانت عليه قبل الجائحة بحلول عام 2023، مبيناً أن تقديرات "منظمة السياحة العالمية"، تشير إلى أن صناعة السياحة تمثل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و7% من الصادرات العالمية، كما يقدر "المجلس العالمي للسفر والسياحة" أن صناعة السياحة مسؤولة عن 10% من حجم العمالة اليومية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأوضح "الجوهري" أن هذا العدد سلط الضوء على خطط بعض البلدان لاستئناف النشاط السياحي وحركة السفر مرة أخرى، ومن بينها خطة اليونان لاستئناف السياحة الداخلية والخارجية، وإعادة فتح المطاعم والفنادق في ولاية "كاليفورنيا" الأمريكية، وكذلك خطة أستراليا ونيوزيلندا لاستئناف الرحلات الجوية والبحرية فيما بينهما، ورفع دول البلطيق الثلاثة: إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، قيود السفر فيما بينهم واستئناف الهند الرحلات الجوية لبعض الدول والمناطق المختارة.
وتابع "رئيس المركز" بأن التقرير حرص كذلك على استعراض الضوابط والإرشادات الخاصة بإعادة التشغيل الآمن لقطاع السياحة والسفر، حيث عمدت العديد من دول العالم إلى اتباع ضوابط وارشادات احترازية ووقائية من أجل مساعدة شركات الطيران لتعاود التحليق مرة أخرى، والسماح لشركات السياحة بإعادة فتح أبوابها بعد أشهر من الإغلاق، ومن هذه الإرشادات والاجراءات تلك الصادرة عن المفوضية الأوروبية لمساعدة البلدان الأوروبية في استئناف السياحة والسفر، والمبادئ التوجيهية الصادرة عن مجلة "انترناشيونال آيربورت ريفيو" لجعل بيئة المطارات آمنة وصحية، وأبرزها تبني استراتيجية شاملة نحو التعافي في عام 2020 وما بعده، فضلاً عن اتباع أسلوب تعاون مشترك لاستعادة حرية الحركة ورفع القيود على الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي بطريقة تدريجية ومنسقة، بجانب تحديد إطار لدعم النقل التدريجي مع ضمان سلامة الركاب وتطوير البروتوكولات الصحية لمؤسسات الضيافة مثل الفنادق وما يشابهها.
وأوضح "رئيس المركز" أن الحياة لن تعود إلى طبيعتها كما كان الأمر من قبل، حيث أثرت جائحة "كوفيد 19" على طريقة التفكير والتصرف ومعايير السفر لدى الكثير من الأفراد على الأقل على المدى القصير، مشدداً في الوقت نفسه على أن فترة التوقف تمثل فرصة لإعادة النظر في معالجة بعض القضايا المرتبطة بصناعة السياحة والسفر مثل تأثيرات السياحة والسفر على البيئة.
وأضاف "الجوهري"، أن التقرير كشف أيضاً أن صناعة السفر قد تأثرت بشدة من جراء أزمة "كوفيد 19" وما تبعها من إجراءات وتدابير إغلاق وتباعد اجتماعي، حيث أصبحت تواجه تحديات ترجع لعوامل عدة منها الأمني والسياسي والاقتصادي وغيرها، وعلى جانب آخر أدت تلك التدابير التي اتخذتها بلدان العالم بتعليق السفر وإيقاف النشاط السياحي إلى انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتقليل الاحتباس الحراري، ونتيجة لذلك تناول العديد من الباحثين مستقبل السفر بعد رفع إجراءات تعليقه من خلال طرح فكرة السفر المسئول أو حوكمة السفر.
وأكد "رئيس المركز" أن صناعة السفر ستتغير بعد جائحة "كوفيد 19" التي أثرت بشكل سلبي عليه حيث تم فقدان نحو 100 مليون وظيفة في هذا القطاع، كما انخفضت حجوزات الركاب على شركات الطيران الأمريكية بنسبة 95% مقارنة بالعام الماضي 2019، ومن المتوقع انخفاض إيرادات السفر على مستوى العالم بأكثر من 300 مليار دولار أمريكي خلال العام الحالي، وفي ظل هذه الأوضاع فقد قدم التقرير عدداً من المقترحات لإعادة التشغيل الآمن لقطاع السفر مرة أخرى، أبرزها التباعد الجسدي على متن الطائرات مما يجعل شركات الطيران مطالبة بتقليل عدد الركاب تحقيقاً لذلك، بجانب فحص درجات الحرارة للمسافرين وأطقم الطائرات حيث تسهم تلك الاختبارات بدوراً كبيراً في طمأنة الركاب، فضلاً عن إلغاء او أوضاع أو خدمات من شأنها تفعيل الاختلاط بين الركاب وأطقم الطائرة على سبيل المثال إلغاء خدمة الطعام سواء في صالات المطار أو على متن الطائرة.
وأوضح "الجوهري" أن وباء "كوفيد 19" أثبت أنه سلاح ذو حدين فمن جانب تأثرت صناعة السفر وبدأت بعض اقتصادات الدول تعاني من العواقب الوخيمة للأزمة، وعلى الجانب الآخر أدى تعليق السفر إلى زيادة الاهتمام والوعي بالتحول الرقمي واستخدام التكنولوجيا، ناهيك عن تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
كما أشار "رئيس المركز" أنه -وفقاً للتقرير- فإن قطاع الطيران سيواجه تحديات مستقبلية في ظل أزمة "كوفيد 19"، حيث تشير الدلائل إلى أن تلك التداعيات لا تتوقف فقط على المدى القصير بل يمكن أن تستمر لسنوات، حيث أنه لم يسبق أن شهدت صناعة الطيران تراجعاً مثلما يحدث الآن، حيث انخفضت حركة النقل الجوي الدولي في أوروبا بنسبة 95% في شهر أبريل 2020 عما كانت عليه في 2019، موضحاً أن طريقة خروج صناعة الطيران من تلك الأزمة لن تعتمد على الانتعاش الاقتصادي فحسب بل على ما إذا كان استمرار الوباء سيؤدي إلى قيود مستمرة لحماية الركاب من العدوى أيضاً وبالطبع حول ما إذا كان التقدم في اكتشاف العلاج أو اللقاحات سيقلل من خطر الفيروس والتأثير الكبير الذي يحدثه على اقتصادات شركات الطيران والمطارات مما يؤدي إلى زيادة تكاليف التشغيل وتقليل الطلب المتعثر بالفعل وبالتالي تأخر تعافي الطيران بشدة.
الجدير بالذكر، أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، قد سبق وأن أصدر عددين من سلسلة "كوفيد19: إعادة تشغيل الاقتصاد"، جاء العدد الأول تحت عنوان "رؤى وخبرات دولية"، والذي اهتم بطرح الرؤى المتباينة بشأن مفارقة الحفاظ على صحة الأفراد وإعادة تشغيل الاقتصاد، ومقترحات الخبراء ومؤسسات الفكر بشأن مراحل وآليات ومحاذير إعادة تشغيل الاقتصاد، مستعرضاً عدد من الخطط الوطنية لإعادة فتح الاقتصاد، أما العدد الثاني فقد جاء بعنوان "تدابير وإجراءات وقائية"، ليسلط الضوء على الضوابط والمعايير الوقائية المتعلقة بتعزيز السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل وإجراء الاختبارات وتتبع الحالات المصابة واتباع سياسات العمل المرن والتوسع في العمل عن بعد، بالإضافة إلى بناء الثقة بين الحكومات والأفراد والشركات.