واصل الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حديثه حول جهود الأزهر الشريف في "تجديد أمور الدِّين"، و خِدمةِ الأهدافِ العُليا للوطَنِ وللأُمَّتَيْن: العربية والإسلامية، وفي مجالِ السلامِ والأخوَّةِ الإنسانيَّةِ في أرجاء المعمورةِ بأسرِها، ملقيًا الضوء على مؤتمرِ الأزهر العالميِّ لتجديدِ الفكرِ الإسلاميِّ الذي انعقد في يناير من العام الماضي 2020م، مشيرًا إلى أن المؤتمر دُعي إليه علماءُ ومُفتونَ ومُفكرون من أكثر من ستين دولة، مؤكدًا أن المؤتمر تميَّز عن باقي المؤتمرات بالمعالجةِ الواقعيَّةِ لقضايا حقيقيَّةِ يعيشها المسلمون في مصر وفي كثيرٍ من بلدان العالم الإسلامي.
وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن مؤتمرِ الأزهرِ العالميِّ لتجديدِ الفكرِ الإسلاميِّ، الذي عُقِد في يناير من العام الماضي، والذي جاء انعقادُه بعد دراسةٍ ضافيةٍ لاختيارِ الموضوعاتِ وتحديدِ مفاهيمِها، ومناقشتِها في هيئةِ كبار العلماء مُناقشةً اقتربت من عامٍ كاملٍ؛ يعد استكمالا لجهودٌ عدَّة يَصعُبُ حَصرُها وعَرْضُها، بما يؤكد أنَّ الأزهرَ كان -وسيظلُّ- هو "قلعة الاجتهاد والتجديد" في الإسلامِ على مَدَى تاريخِ المسلمين، بعدَ عصرِ الأئمة الأربعة وأئمَّة المذاهب الفقهية الأخرى المعتبَرة.
وأشار فضيلته خلال حديثه بالحلقة الثانية والعشرون من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، أنه لا يستطيع -بل لا يجرؤ- عالمٌ من العلماءِ مهما كان واسعَ العلمِ وخارقَ الذكاءِ أن يُطالِعَنا بجديدٍ في فرضيَّةِ الصلاة وبقيَّة العبادات، وفي تحريم الزنا والسرقة والخمر والميسر، وحُرمة الربا والغصب، وأنه لا ضَررٍ بالنفس ولا ضرارٍ بالغير، وكذلك أحكامُ المواريثِ الثابتةُ نصًّا ثُبوتًا قطعيًّا من القُرآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ الصَّحيحةِ، وبخاصَّةٍ ميراثُ الأخِ وأختِه، في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].
وأوضح، أن هذا النص الخاص بأحكام المواريث يَتعرَّضُ اليومَ لمحاولاتٍ مُستَمِيتةٍ لتَغييرِه إلى مُساواتِهما في الميراثِ، وتُخصَّصُ له برامجُ على شاشاتِ محطَّاتٍ أوروبيَّةٍ ناطقةٍ باللُّغةِ العربيَّةِ، تستضيفُ فيها رجالًا مُسلمين ونساءً مسلماتٍ يُطالبون بوَقفِ هذا الحكمِ الإلهيِّ في القرآن الكريم؛ مُسايَرةً لقوانينِ الميراثِ الغربيَّةِ، مشيرًا إلى أنه لا يلفِتُ نظرَ هؤلاء وهؤلاء إلى كلامِ اللهِ -تعالى!- فهم لا يَستَمِعون ولا
يُحسِنونَ الاستماعَ، وإنما يلفِتُ نَظَرَ مَن اغترَّ -من المسلمين- بهذا التدليسِ المُتعمَّدِ، وغيرِهم ممَّن يَدرُجُ على شاكِلَتِهم - إلى أنَّ أحكامَ المواريثِ الواردةَ في أولِ سورةِ النساءِ هي التقسيمِ الإلهيِّ لأنصبةِ المواريثِ، وأنَّ هذه الأنصبةَ هي حُدودٌ حدَّها الله.