انطلقت فعاليات الجلسات العلمية بالجلسة السادسة تحت عنوان : "المواطنة والسلام العالمي" برئاسة النائب محمد أبو العنين وكيل مجلس النواب ، وعضوية السيد جينور ميجيلور رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط ، ومحمد العزيز بن عاشور وزير الثقافة الأسبق ، والنائب كريم درويش رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب ، وزكريا موسى رئيس الشئون العامة بوزارة الخارجية ، وارشات أونغار نائب المفتي العام لجمهورية كازاخستان.
وفي بداية الجلسة رحب محمد أبو العنين وكيل مجلس النواب بالحضور الكريم كما حيا كل الجهود المبذولة من رجال الفكر في هذا المؤتمر ، مؤكدًا أن عنوانه وأهدافه ومبادئه كلها تدعوا إلى غايات سامية ، وهي تُشكل قضية أمن قومي بالدرجة الأولى لكل بلاد وشعوب العالم.
ووجه التحية للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على رعايته لهذا المؤتمر والذي كان له صولات وجولات في تحقيق هذا الهدف الأسمى ، مؤكدًا أن المواطنة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحقوق الشعوب ومواطنيها وعلاقتها بالدولة والعمل سويًا لتحقيق السلام العالمي ، والذي يعتبر من أسمى الأهداف التي يسعى إليها العالم، مشيرًا إلى أن أهل الشر مازالوا يحاولون الطعن في هذه المبادئ وإثارة الفتن ونشر التعصب الأعمى.
وأكد أننا نريد آراء ومقترحات سديدة نخاطب بها العالم انطلاقًا من هذا المؤتمر الذي يعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وبحضور ممثلين عن الأزهر الشريف والعالم ، فهذا المؤتمر يضيف استراتيجية جديدة للمواطنة ، في رسالة للعالم أنه علينا أن نتحرك لتحقيق مبدأ المواطنة لحماية بلادنا من الذين يريدون فسادها ، وقد عشنا هذا من قبل ولكن حمى الله مصر من براثن هؤلاء الذين أسقطوا دولا ، وأنقذتنا العناية الإلهية بثورة ال 30 من يونيو ، التي كانت رسالة للعالم في أسمى صور المواطنة التي تقول للعالم "نحن هنا" فانضمت كل فئات الشعب مؤكدة بلسان واحد : "نحن نعرف المواطنة الحقيقية وسنلقن من أراد هدم دولتنا درسًا يشهد به العالم".
مؤكدًا أننا جميعًا شعب واحد بغض النظر عن أي فروق أو تحزبات عرقية أو جنسية يقصد بها إسقاط الشعوب أو الدول ، وقد قال الرئيس عبد الفتاح السيسي بالأمم المتحدة كلمته الشهيرة عن المواطنة والتي سجلها له التاريخ بأحرف من ذهب "المواطنة هي حق الشعوب واللعب بحقيقة المواطنة هدم للشعوب" ، وأن مصر بمشروعاتها القومية تنمي الإحساس بالانتماء الوطني.
وفي مداخلته أشاد الدكتور محمد مختار جمعة بانضباط هذه الجلسة العلمية ، مؤكدًا على وجوب استقاء الأخبار من مصادرها الأصلية وليس من مصادر جانبية ، فشتان بين من يسمع على البعد ومن يعيش الواقع ، وأن الهدف من هذه اللقاءات والمنتديات هو التقارب وأن يستمع بعضنا إلى بعض عن قرب ولنقل التجارب مما يسهم في عملية حراك فكري كبير ، مؤكدًا على وجوب ترسيخ فكرة أن الدولة أولًا ومن خلالها تُقر جميع الحقوق ، وأنه لا حياة بلا وطن ، ولا وطن بلا أمن ولا أمن بلا قوة تحميه ، ولا يُمكن أن تُقر حقوق أو تُقام حياة دون وطن آمن مستقر.
وأشار إلى أنه إذا سقطت الدولة أو أُسقطت فلا مجال للحديث عن حقوق الإنسان ولا غيرها ، وقد شاهدنا مآسي اللاجئين والأطفال يرتجفون من البرد فوق الثلوج ، والمذيع يسألهم : أين الحماية المدنية؟ فيقولون غير موجودة ، فهؤلاء فقدوا الأمن وأصبحوا لاجئين داخل بلادهم نظرًا لفقد الأمن ، وللأسف الشديد نرى بعض من صنعوا جماعات الإرهاب ومولوها وهم يتباكون على أحوال هؤلاء اللاجئين ، وهذه وصمة عار يبوء بها كل من دعم الإرهاب وصنعه وموله، فعلينا أن نتيقظ أنه لا وطن بلا أمن ، مؤكدًا معاليه أنه لا يمكن لأي دولة أن يكون فيها حقوق إنسان إلا إذا كان هناك وطن آمن مستقر ودولة تحمي هذه الحقوق، ولا يُدرك المعني الحقيقي لحقوق الإنسان إلا بإلقاء نظرة على حال الدول التي أُسقطت.
كما أكدأننا في حاجة إلى النفس الطويل ، وأن وزارة الأوقاف اتخذت سياسة البناء وجعلتها أصلًا ، أما الحروب الجانبية والهدم فلم تتخذه أبدًا نهائيًا ، لأنه في حالة الانسياق خلف المواجهات ربما تحيد بك عن الطريق الذي رسمته لنفسك ، ناصحًا معاليه باتخاذ البناء مسلكًا ومنهجًا ، وأنه كلما قويت الدولة تلفظ الظواهر السلبية ، وأنه علينا أن نواجه الجماعات المتطرفة بمختلف أنواعها سواء أكان التطرف يمينيًّا أم يسارًا ، مستشهدًا بقول الإمام الأوزاعي (رحمه الله) ما أمر الله في الإسلام بأمر إلا حاول الشيطان أن يأتيك من إحدى جهتين لا يبالي أيهما أصاب ؛ من جهة الإفراط أو من جهة التفريط ، مؤكدًا معاليه أن أهل الباطل لا يعملون إلا في غياب أهل الحق ، وأن المساحة التي يتركها أهل الحق هي التي يشغلها أهل الباطل ، ولو أن أي عاقل عرضت عليه الدين أو الوطنية عرضًا منطقيًا صحيحًا ، وجاء آخر وعرض عليه التطرف لا يمكن أن ينساق إليه ، لأن الإنسان مجبول على الفطرة السليمة التي فطره الله (عز وجل) عليها ، وينشأ هذا التطرف غالبًا من غياب التيار الوسطي ، وأن أي دولة تعاني من حالة ضعف تتقاذفها كل التيارات المتطرفة ، وكلما قويت الدولة تحدث حالة التوازن ، ولذلك نؤكد دائمًا على مفهوم الدولة أولًا.
وأشار إلى أن سنة الله في الكون أن الصراع بين الحق والباطل قائم ، وأن الخوف كل الخوف من أن تجتذب الجماعات المتطرفة البعض من أهل الحق ، وأن الأصوات المناوئة لا تزيد أهل الحق إلا قوة وصلابة وتمسكًا بالحق.