حكاية «عم سمير».. بحار لف العالم بأكمله وكان مصيره دار رعاية: «العكاز اللي ربيته علشان اتسند عليه ملقتهوش»

محرر أهل مصر مع عم سمير
محرر أهل مصر مع عم سمير

في ليلة صعبة من ليالي الشتاء الممطرة، وبردها القارص، سمعت صوتًا ينادي «تعالي يا عم سمير أنا عايزاك»، إذ بجارته تبلغه «ولادك غيرو الكالون ورمولك هدومك في الشارع»، كلمات نزلت كالصاعقة على الرجل المسن الذي أفنى حياته في خدمة أبناءه.

روى عم سمير، من محافظة الإسكندرية، أحد نزلاء دار معانا لإنقاذ إنسان، أنه حاصل على دبلوم صناعي، وعمل لمدة 40 عامًا في البحر (عاملً ضمن طاقم إبحار السفينة)، وسافر معظم دول العالم، ولم يكن معه خلافات مع أي شخص إلا شقيقته، ثم تزوج أنجب 3 أولاد، وتوفيت زوجته وهم في المرحلة الابتدائية، ولم أبخل عليهم بشيء وكرست حياتي لهم، وعملت على خدمتهم بعد وفاة زوجتي.

وأضاف سمير لـ «أهل مصر»، لم يكن لدي أي مشاكل مادية، وتوقفت عن السفر لمدة 4 سنوات لمتابعتهم والاهتمام بشؤونهم من كافة الاحتياجات، وبعد دخولهم المرحلة الثانوية تابعت السفر مرة أخري، ولكن «متابعهم ومكنتش حارمهم من حاجة»، واستطعت بناء عقار مكون من 4 طوابق، وأعطيت كل منهم طابقًا، ليبدأ حياته من زواج أو انطلاق حياته العملية، «أعطيتهم كل ما أملك».

وتابع: فجأة حدث خلاف بيننا بسبب شقيقتي وطلبوا مني أموال كثيرة لكي يتزوجوا ولكني لا أملك، ومن هنا بدأت أختي بالاستقلال بهم، «عملت لهم غسيل مخ»، فقلت لهم: «أنا أعطيتكم كل شئ والعقار كتبته باسمكم ومش معاي أي فلوس»، وظللت 5 سنوات أعيش وحيدًا في الدور الأرضي، ولم يكن أحد منهم يسأل علىًّ، رغم وجودهم في نفس المنزل.

وأوضح «سمير» أن بعد تقدمه في العمر أصيب بكثير من الأمراض التي أدت إلى استنزاف جميع ما أملك من الأموال، فذهب إلى القاهرة بحثًا عن العمل، وبالفعل بدأ العمل في أحد الكافيهات، وظل الحال هكذا لمدة 10 سنوات، وفي ليلة صعبة من ليالي الشتاء الممطرة ذهب للمنزل بعد انتهاء العمل، وإذ بأبنائه غيروا كالون الباب، وأخبرته جارته: «ولادك غيرو الكالون ورمولك هدومك في الشارع».

واختتم: تحولت حياتي في هذه اللحظة متسائلًا: «هل هذا جزائي؟ بعد ما عملت لهم كل حاجه»، متابعًا: «صعبت عليا نفسي ومأخدتش أي حاجه من الشارع العكاز اللي بربيه علشان اتسند عليه في كبري ملقتهوش، دانا محرمتهمش من حاجه، رجعت القاهرة ونفسي مكسورة، وغير قادر على العمل، ولم أجد ملجأ إلا الشارع، الناس كانت بتعدي عليا بتعرفني ويعجبون من الحالة اللي وصلت ليها، وطول عمري بسأل ليه هو أنا عملت ليهم ايه عشان يحصل كده!»، مضيفًا: «لا أتمنى إلا رضى الله سبحانه وتعالى ومسامح كل حد أذاني حتى أولادي».

وعن إنقاذه من التشرد، أكد سمير أن مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان ظلوا يراقبونه شهرًا كاملًا حتى وجدهم أمامه وعرضوا عليه الانتقال للدار، وأنه يحي حياة كريمة، ويتمتع بكافة الخدمات الصحية والاجتماعية منذ عامين، وكرس حياته لقراءة القرآن والاطلاع على أمور الدين.

WhatsApp
Telegram