أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أنَّ حمايةَ البيئةِ والمحافظةَ عليها من الواجباتِ الدِّينيَّةِ؛ فالمسلمُ مأمورٌ بالمحافظةِ على مكوَّناتِ البيئةِ وثرواتِها ومواردِها، الَّتي هي مِنحٌ إلهيَّةٌ لضمانِ استقرارِ حياةِ البشريَّةِ، والشَّرعُ الحنيفُ يوجِّهُ نظرَ الإنسانِ إلى أن يتعاملَ مع الكونِ مِن حولِه تعاملَ الشَّاكرِ للمُنعمِ سبحانه وتعالى، مع فهمٍ دقيقٍ لحقيقةِ الشُّكرِ الَّتي توجبُ العملَ لا مجرَّدَ نطقِ اللِّسانِ.
وأضاف في كلمته التي ألقاها نيابة عنه، الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، بالمنتدى الخامس الذي انطلق تحت عنوان تعزيز قدرات المجتمع المدني تجاه التغيرات المناخية، أن الواقعَ يشهد أن الإنسان، خاصَّةً إنسان العصر، أسرفَ كثيرًا في الاهتمامِ بذاتِه، والعنايةِ بملذَّاتِه، حتَّى صارَ إنسانًا مستهلكًا، غاضًّا الطَّرفَ عن المنهجِ الأخلاقيِّ الحضاريِّ الَّذي يصونُ الحياةَ والأحياءَ.
وتابع: الحقُّ أنَّ الإنسانَ كلَّما كانَ متعلَّقًا بهذا المنهجِ الأخلاقيِّ الحضاريِّ كانَ أكثرَ قربًا مِن الإحسانِ الَّذي أُمِرَ أن يتعبَّدَ به للهِ ربِّ العالمين، والَّذي يفيضُ على البيئةِ ومكوِّناتِها صيانةً وعنايةً، وأوضح أن المجتمع المدنيَّ بكلِّ مؤسَّساته شريكٌ أساسيٌّ في صناعة التَّنمية، ولا يمكن الاستغناء عنه؛ لما له مِن دورٍ مؤثِّرٍ ميدانيًّا وتوعويًّا مِن خلالِ اتِّصالِه المباشرِ بالمواطنين بكلِّ فئاتِهم، وبما يتيحُه لهم مِن فُرصِ مشاركةٍ حقيقيَّةٍ تمكِّنُهم مِن الاستجابةِ الفاعلةِ والتَّكاملِ مع جهودِ الدَّولةِ.
مصر وقياداتها على وعي بالمخاطر
وأكد أن مصر وقياداتها على وعيٍ كبيرٍ بهذه المخاطرِ المتعلِّقةِ بالتَّغيُّراتِ المناخيَّةِ، فأولَتْ هذا الأمرَ اهتمامَها البالغَ، وقد تجلَّى ذلك في مشاركةِِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسي، في أعمالِ قمةِ المُناخِ في باريسَ عامَ 2016م، وتوقيعِ مصرَ على اتفاقيةِ باريسَ للمُناخِ ضمنَ 194 دولة.
وأشار إلى أن مصر ترجمت الأمر إلى واقعٍ عمليٍّ ففي رؤيةِ مصرَ 2030م وأعطت الأهميةَ لمواجهةِ الآثارِ المترتِّبةِ على التَّغيُّراتِ المناخيَّةِ من خلالِ وجودِ نظامٍ بيئيٍّ متكاملٍ ومستدامٍ يعزِّزُ المرونةَ والقدرةَ على مواجهةِ المخاطرِ الطَّبيعيَّةِ.
وأوضح أنه من الإيجابيَّاتِ التي تدل على أنَّ مصرَ دولةُ عملٍ لا كلامٍ ما تتبنَّاه مصرُ من مشروعاتٍ تساعدُ في المحافظةِ على البيئةِ، وتعملُ على مواجهةِ التَّغيُّراتِ المناخيَّةِ، ومنها: الاستثمارُ في إنتاجِ الهيدروجين الأخضر، إنشاءُ 116 محطةَ رصدٍ لنوعيةِ الهواءِ المحيطِ على مستوى الجمهوريَّةِ، ومن المستهدفِ أن تصلَ إلى 120 محطةً، وأيضا ربطُ 88 منشأةً صناعيةً بالشبكةِ القوميَّةِ لرصدِ الانبعاثاتِ الصِّناعيةِ بعددِ 438 نقطةَ رصدٍ، وذلك بهدفِ خفضِ التَّلوُّثِ بالجسيماتِ بنسبةِ 50%، بنهايةِ عامِ 2030. وأحبُّ أن أذكِّرَ هنا بالحدثِ الكبير وهو استضافةُ مصرَ للدورة الـ27 من مؤتمرِ الأطرافِ لاتفاقيَّةِ الأممِ المتَّحدةِ حولَ تغيُّرِ المناخِ خلال الفترةِ من 7 - 18 نوفمبر القادم، والذي سيُقام في مدينةِ شرمِ الشيخ.