اعلان

خطيب الجامع الأزهر: الطريق لإصلاح الكون يبدأ بالنفس البشرية

فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس جامعة الأزهر الأسبق
فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس جامعة الأزهر الأسبق

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الشريف، فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، وجاء موضوعها عن «صلاحُ النفس.. صلاحٌ للكون».

وقال خطيب الجامع الأزهر إنَّ الله -عز وجل- قد استخلف الإنسان في هذا الكون وسخَّر له جميع مخلوقاته من الشَّجر والدَّواب والسماوات والشمس والقمر، فلزامًا على الإنسان أن يكون جديرًا بما هيأه الله له في كونه، وخصَّ اللهُ الإنسان عن سائر مخلوقاته، بأن جعل له نفْسًا يصلح الكون بصلاحها، وميزَهُ عن جميع الخلائق فأعطاه الاختيار بين طريقي الهدى والضلال، مضيفًا أنَّ روح الإنسان هي قوام الحياة، غير أنَّ النفس هي التي تحركه في هذه الحياة، إما في طريق الخير أو طريق الشر؛ فالمولى سبحانه هو الذي قال: {الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ}، فالنفس هي مجموع لصفات الخير أو صفات الشر.

وبيّن رئيس جامعة الأزهر الأسبق أنَّ القرآن الكريم صنَّف النفس البشرية إلى ثلاثة أقسام: النفس المطمئنة، وهي الراضية الممتثلة لأوامر الله، التي يقول لها الله عند قبضها: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}. والنفس اللوَّامة التي تلوم نفسها عند صنع المعصية فترجع وتتوب إلى ربها، ولذا أقسم بها المولى عز وجل قائلا: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}، والثالثة هي النفس الأمارة بالسوء، فكانت في قصة سيدنا يوسف الصديق -عليه السلام- حين تحدث عنها قائلا: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، ولكن القرآن يعلمنا أنه من كانت له نفس تأمره بالسوء وتدفعه للشر والمعاصي ثم تاب من ذلك، فليكن المجتمع كله إلى جواره ويعينه على ذلك فلا يُعيّره بما فعله قبل ذلك، وبذلك يكون صلاح المجتمع.

وأشار خطيب الجامع الأزهر إلى أنَّ قصة سيدنا يوسف -عليه السلام- بها من العظات والعبر الكثير لصلاح المجتمع؛ فمثلا عندما تابت امرأة العزيز وندمت على ما فعلته -والندم هو أول خطوات التوبة- كان ذلك تمهيدًا للنفس المطمئنة، فلم يلفظها المجتمع حينئذ بل قبلها وانخرطت فيه كأي شخص صالح، بل وتزوجها سيدنا يوسف عليه السلام.

وأكَّد رئيس جامعة الأزهر الأسبق أنَّ الله -جلَّ علاه- أولى النفس في القرآن الكريم عنايةً بالغةً، فيعلمنا أنَّ الصلاح ليس أن تكون صالحًا وحدك وإنما يكون بتكاتف جميع أفراد المجتمع، فعلى أفراد المجتمع أن يتقبلوا بعضهم بعضًا وأن يأخذوا بأيدي بعضهم حتى يتحقق صلاح الأمة، وقد خلق الله سبحانه جميع الخلائق في الكون وسخَّرها لخدمة الإنسان، وخلق الإنسانَ لخدمته وعبادته: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، فعلى الإنسان أن يسأل نفسه دائمًا عن الغاية والهدف من خلقه حتى يرجع إلى ربّه، فتصلُح نفسه ومن ثَمَّ يصلح المجتمع كله.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً