نقلت القناة الأولى المصرية، بث مباشر لشعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بالعريش، وأعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة اليوم 28 أبريل 2023م تحت عنوان: 'حق العمل' مع التأكيد على جميع الأئمة الالتزام بموضوع الخطبة نصًّا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية.
موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. "حق العمل"
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابهِ الكريمِ: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
فإنَّ العملَ ضرورةُ حياةٍ، بـهِ تعمرُ الدنيا، وتتقدمُ الأوطانُ، وتستقرُ المجتمعاتُ، وعلى العملِ وإتقانهِ حثَّ دينُنَا الحنيفُ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }، ويقولُ سبحانَهُ: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (أفضلُ الكسبِ بيعٌ مبرورٌ، وعمـلُ الرجـلِ بيـدهِ)، ويقـولُ ﷺ: (لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ )، ويقولُ الحقُّ سبحانَهُ: { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)، ويقولُ سبحانَهُ: { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }، ويقولُ سبحانَهُ: {إنَّ اللهَ كان عليكُم رقيبًا}، ويقـولُ نبيُّنَا ﷺ: (إِنّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ).
أمَّا إهمالُ العملِ والتقصيرُ فيهِ فهو معصيةٌ للهِ ورسولهِ، وخيانةٌ للأمانةِ، ومعولُ هدمٍ وإهدارٌ لطاقاتِ البلادِ وثرواتِهَا، ولا بُدَّ مِن مواجهتهِ ومحاربتهِ، حيثُ يقولُ الحـقُّ سبحانَهُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، ويقولُ سبحانَهُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا.).
ومِن حقِّ العملِ الحفاظُ على المالِ العامِ، فهو ركيزةُ الأممِ، به تُديرُ شئُونَهَا، وتقيمُ مؤسساتِهَا، وتحفظُ أرضهَا، وتقدمُ خدماتهَا، وترتقِي بأفرادِهَا، لذلك كان حفظهُ أحـدَ الكلياتِ الستِّ التي جاءَ الشرعُ بالحفاظِ عليهَا، وجعلَ حرمتَهُ أعظمَ مِن حرمةِ المالِ الخاصِّ، فلا يجوزُ الاعتداءُ عليهِ استيلاءً، أو إفسادًا، أو إضاعةً، أو تقصيرًا، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، ويقولُ سبحانَهُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللَّهِ بغيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ).
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
إنّ مِن حقِّ العملِ تحقيقُ النفعِ العامِ للمجتمعِ، بعيدًا عن الأثرةِ والأنانيةِ والسلبيةِ، وعن كلِّ صورِ الفسادِ مِن الرشوةِ، والمحسوبيةِ، والتزويرِ، والغشِ، والتدليسِ، وعدمِ الوفاءِ بحقِّ العملِ، وغيرِ ذلك مِن الأدواءِ الخبيثةِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: { وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ )، ويقولُ سبحانَهُ: { وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ) فكلُّ مَن أخذَ أو يأخذُ أو سيأخذُ الأجرَ فسيحاسبُ على الوفاءِ بحقِّ العملِ، وعليهِ أداءُ حقِّ العملِ کاملًا غیرَ منقوصٍ