أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقريرا جديدا بعنوان 'بعد مرور عامين على الاستعراض الدوري الشامل.. ماذا حققت الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ تعهداتها؟'، والذي تناول بالرصد والتوثيق أوضاع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الامريكية منُذ أكثر من عامين، وتحديداً من الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل في نوفمبر 2020، وذلك لمعرفة التقدم المحرز في تنفيذ التعهدات التي قبلتها السلطات الأمريكية بشكل طوعي، والتعهدات التي لم يتم تنفيذها حتى الآن، بالإضافة إلى تقديم مجموعة من التوصيات. وذلك بمناسبة تقديم الولايات المتحدة تقرير منتصف المدة الطوعي إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل.
نتائج الاستعراض الدوري الشامل
وكانت الولايات المتحدة قد خضعت لعملية الاستعراض الدوري الشامل للمرة الثالثة في 9 نوفمبر 2020، وقد تلقت اثناء جلسة اعتماد نتائج الاستعراض الدوري الشامل، (347 توصية)، قبلت منها بشكل كلي وجزئي (280 توصية) بينما رفضت (67 توصية). وبتحليل مؤسسة ماعت لهذه التوصيات، وجدنا أن أغلب التوصيات التي وجهت للولايات المتحدة تناولت 5 محاور رئيسية تمثلت في الانضمام إلى المعاهدات الدولية؛ منع التمييز ومكافحة العنصرية؛ إلغاء عقوبة الإعدام؛ التعاون مع هيئات الأمم المتحدة؛ وإنهاء العنف والقوة المفرطة لقوات الشرطة في الولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تلقت 63 توصية تتعلق بالتصديق على المعاهدات الأساسية لحقوق الإنسان التي لا تزال الولايات المتحدة غير طرف فيهًا. وبمراجعة مؤسسة ماعت للاتفاقيات التي لا تزال الولايات المتحدة لم تنضم إليها، وجدت ماعت إن الولايات المتحدة لم تنضم بعد إلى ست معاهدات واتفاقيات أساسية من المعاهدات الأساسية لحقوق الإنسان، وهو ما نسبته 66% من إجمالي هذه الاتفاقيات والمعاهدات. من بينها العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية حقوق الطفل، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. كما لم تنضم الولايات المتحدة إلى البروتوكولات الاختيارية الملحقة باتفاقيات مناهضة التعذيب والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وأوضح التقرير أن الولايات المتحدة تلقت 35 توصية تتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام وتقديم المساعدة القانونية للأشخاص الذين صدر في حقهم حكمًا بعقوبة الإعدام. مع ذلك لا تزال عقوبة الإعدام سارية في الولايات المتحدة، حيث جري إعدام 22 شخص موزعين علي ست ولايات خلال عام 2022.
وكشف التقرير عن قبول الولايات المتحدة نحو 38 توصية تتعلق بمنع التمييز ومكافحة التمييز العنصري، ومع ذلك لا تزال العنصرية متفشية في الولايات المتحدة الأمريكية. وأوضح التقرير إن الولايات المتحدة أخفقت في تنفيذ المعايير القانونية الدولية لمكافحة العنصرية. وهو ما يعني إن ثمة خطوات أخري يجب أن تسرع فيهًا الولايات المتحدة لتنفيذ التوصيات التي قبلتهًا بخصوص مكافحة العنصرية ومنع التمييز لاسيمًا فيما يتعلق بحقوق الأشخاص من الأقليات الدينية والسكان الأصليين والمهاجرين والأشخاص ذوي الإعاقة.
كما أشار التقرير إلى أن الحكومة الامريكية قبلت 5 توصيات تتعلق بالحد من انتشار الأسلحة النارية في الولايات المتحدة الامريكية، ومع ذلك لا يزال الموقف من تنفيذ التوصيات غير مكتمل، حيث شملت الجهود نحو تنفيذ التوصيات اقتراح تشريع فيدرالي من شأنه تتبع مبيعات الأسلحة أو إنشاء سجل للمسدسات، ومع ذلك تعرض هذه التشريع إلى مقاومة من لوبي السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية، وذكر التقرير إلى إن نحو 860 مليون قطعة سلاح بحوزة المدنيين في الولايات المتحدة الأمريكية. وأنه خلال الفترة من عام 2000 إلى 2020 تضاعف الإنتاج السنوي للأسلحة النارية في الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث مرات تقريبًا. للحد الذي يقال فيه إن عدد الأسلحة يفوق عدد الأفراد في الولايات المتحدة وإن 46% من ملكية المدنيين على مستوي العالم للأسلحة تنحصر في الولايات المتحدة الأمريكية.
حوادث عنف متتالية
وقد أدي انتشار الأسلحة بالتبعية إلى حوادث عنف متتالية فمنذ خضوع الولايات المتحدة للمراجعة الثالثة أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل شهدت 1339 عملية عنف مسلح من بينهًا نحو 692 عملية إطلاق نار جماعي في عام 2021 مما أدي إلى مقتل وإصابة 45 ألف شخص، بينمًا شهد عام 2022 نحو 647 عملية إطلاق نار جماعي أدي إلى مقتل وإصابة 44 ألف.
وفي هذا السياق قال الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت أيمن عقيل أن الولايات المتحدة تلقت 30 توصية تتعلق بإنهاء العنف والقوة المفرطة للشرطة الأمريكية وقوات انفاذ القانون، مع ذلك استمر سلوك الشرطة الأمريكية في ممارسة العنف والقوة المفرطة لاسيما ضد المنحدرين من أصل أفريقي والملونين، وأضاف عقيل إنه خلال عام 2022 فقط، توفي 400 شخص من قبل الشرطة على اعتبارات تتعلق باللون والعرق حيث تقتل الشرطة الأشخاص من ذوي البشرة السوداء ثلاث اضعاف مقارنة بالأشخاص من البيض. وطالب عقيل الولايات المتحدة بضرورة إنشاء آلية على المستوي الاتحادي وعلى صعيد الولايات لتنفيذ التوصيات الخاصة بالاستعراض الدوري الشامل تنفيذّا للتوصيات المقدمة في الجولة الثالثة من الاستعراض.
في حين أشارت مارينا صبري نائبة مدير وحدة الآليات الدولية في مؤسسة ماعت، إلى تلقي الولايات المتحدة خمس توصيات تتعلق بإنهاء التدابير القسرية الإنفرادية التي تفرضهًا الولايات المتحدة الأمريكية على مجموعة من الأشخاص في بعض الدول التي تعارض سياستها، وأضافت أن الولايات المتحدة تفرض هذه التدابير على أكثر من 9 آلاف شخص وأن الاستمرار في فرض المزيد من التدابير القسرية الانفرادية.