يعتبر دعم القطاع العام في مصر من الأمور الحيوية لنجاح الاقتصاد وتحقيق النمو الاقتصادي، إذ يطالب خبراء الاقتصاد بضرورة دعم القطاع العام وتحسين أداء الشركات لتحقيق التوازن فى الأسعار وسد احتياجات السوق المحلي.
وقال الدكتور محمد راشد، أستاذ الاقتصاد بجامعة بني سويف، إن القطاع العام أحد الآليات التي تستطيع الدولة من خلالها تحقيق التوازن في الأسعار داخل الأسواق، لاسيما فيما يتعلق بالسلع الاستراتيجية التي لا غنى عنها، بالإضافة إلى أن القطاع العام يسهم في إنتاج بعض السلع التي يعزف عن إنتاجها القطاع الخاص نظرا لانخفاض هامش الربح.
وأوضح 'راشد' في تصريح خاص لـ'أهل مصر'، أن دعم وتقوية القطاع العام فريضة على الدولة فيما يتعلق بالسلع التى تخضع لأسواق احتكارية من قبل القطاع الخاص، ومن ثم تصل السلعة للمستهلك بأسعار مبالغ فيها، وما دون ذلك يمكن تركه تماما للقطاع الخاص ما دام هناك سوق تنافسي يعج بالعديد من المنتجين، باعتبار أن القطاع الخاص يكون أكثر قدرة على تحقيق الكفاءة الإنتاجية.
وأضاف أنه نظراً للدور الهام للقطاع العام وقدرته على سد الثغرات والفجوات الإنتاجية، ينبغي إعادة الهيكلة المالية والإدارية وتطبيق أفضل النظم الإدارية والتطوير المؤسسي لشركات القطاع العام والاعتماد على أسلوب الإدارة بالأهداف.
وأشار الدكتور محمد محمود، الباحث والخبير الاقتصادى، إلى أنه من الأفضل أن يتم التوسع على ارض الواقع في مفهوم فصل الملكية عن الإدارة، إذ أن هناك سمعة وخبرة سيئة لمفهوم الخصخصة، ولذلك أسباب متعددة أهمها تقيم الأصول بقيم تقل عن المستوى الحقيقي والمنطقي لها.
وأوضح أن أهم أسباب تدهور شركات القطاع العام هو انخفاض الإنتاجية نتيجة سوء الإدارة في كثير من الحالات، بالإضافة إلى وجود بيروقراطية تؤثر بشكل سلبي على اداء الشركات الحكومية بشكل عام.
ولفت إلى أنه لنجاح شركات القطاع العام لابد أن يتم الاستعانة بفريق إداري من القطاع الخاص، فهناك شركات تضمن للحكومة إيرادات مستدامة يمكن الاستفادة منها، خصوصًا الشركات التي لها نشاط تصدير، فيمكن أن تساهم في وجود تدفق دولاري مستدام وحقيقي، بدلاً من البيع والذي أعتقد أنه مجرد مسكنات وليس حل حقيقي.
ونوه إلى أن هناك مثال في غاية الوضوح لذلك حيث تم بيع جزء من أسهم شركة ابو قير للأسمدة في عام 2022 لصندوق سيادي خليجي بقيمة 392 مليون دولار بنسبة من الأسهم بلغت 22% تقريبًا، اي نسبة ملكية لا تنفرد بالإدارة، وحققت الشركة أداء رائع وحققت أرباح بقيمة 13 مليار جنيه وقدمت لدولة ضرائب بقيمة 3.4 مليار جنيه.
وقال إن نجاح بعض الشركات والكيانات الاقتصادية ينعكس على مؤشرات الاقتصاد الكلي، ويقدم إيرادات مباشرة للموازنة العامة للدولة من خلال الضرائب والرسوم المفروضة على النشاط.
وأكد ضرورة أن تكون الخصخصة وفقًا لأسس علمية وبالقيمة السوقية العادلة مع ضمان اختيار الكيانات القابلة للخصخصة وتقديم مزيد من الدعم للكيانات الحكومية الناجحة، ولذلك لابد من دراسة حالات وموقف الشركات بشكل منفصل على أن تحتفظ الحكومة بنسبة أسهم في أي شركة تطرح للبيع وذلك لضمان استمرار الاستفادة من هذه الشركات.
وقال الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادى، إن من أهم طرق دعم القطاع العام ونجاحه تحسين الإدارة العامة، فيجب تحسين الإدارة العامة وتحسين الكفاءة والفعالية في إدارة القطاع العام من خلال التوظيف الجيد وتحسين الأداء الوظيفي وتطوير القدرات والمهارات.
دكتور سيد خضر
وأكد ضرورة تحسين البنية التحتية للقطاع العام ، وذلك بتحسين الطرق والجسور والمطارات والموانئ والشبكات الكهربائية والاتصالات والخدمات اللوجستية.
وأشار إلى ضرورة توفير الموارد المالية الكافية لتمويل القطاع العام في مصر، وذلك من خلال تخصيص الموارد الضرورية من ميزانية الدولة وجذب الاستثمارات الخاصة لتمويل المشاريع الحكومية، مع ضرورة تحسين التشريعات والسياسات الحكومية المتعلقة بالقطاع العام في مصر، من خلال تبسيط الإجراءات وتحسين الشفافية وتنظيم العلاقات بين القطاع العام والخاص.
وشدد على ضرورة تطوير الخدمات العامة المقدمة من القطاع العام، وذلك من خلال تحسين جودة الخدمات المقدمة وتوفير المزيد من الخدمات الحكومية الجديدة التي تلبي احتياجات المواطنين.
وطالب بتشجيع الابتكار والريادة في القطاع العام، من خلال تقديم الدعم اللازم للمشاريع الحكومية الجديدة وتوفير بيئة مناسبة للابتكار والتفكير الإبداعي، مؤكدا أن هذه بعض الطرق الرئيسية التي يمكن استخدامها لدعم القطاع العام ونجاحه، ومن المهم أن تعمل الحكومة والقطاع الخاص بشكل متعاون لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المشتركة.