شهد الأسبوع الرئاسي نشاطا خارجيا حافلا، حيث وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية 'أورسولا فون دير لاين' على وثيقة الإعلان السياسي المُشترك لإطلاق مسار ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى مستوى 'الشراكة الاستراتيجية والشاملة'.
كما وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء اليوناني 'كيرياكوس ميتسوتاكيس' على الإعلان المشترك حول تأسيس مجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين.
فعاليات القمة المصرية الأوروبية
وعقدت بالقاهرة فعاليات القمة المصرية الأوروبية، حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية كل من السيدة 'أورسولا فون ديرلاين'، رئيسة المفوضية الأوروبية، و'ألكسندر دي كروو'، رئيس وزراء بلجيكا رئيس الاتحاد الأوروبي، و'كيرياكوس ميتسوتاكيس'، رئيس وزراء اليونان، و'كارل نيهامر'، مستشار النمسا، و'نيكوس خريستودوليدس'، رئيس قبرص، والسيدة 'جورجيا ميلوني'، رئيسة وزراء إيطاليا.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار الدكتور أحمد فهمي، بأن الرئيس عقد لقاءات ثنائية منفصلة مع كل من الضيوف، رحب خلالها بترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى مستوى 'الشراكة الاستراتيجية والشاملة'، بهدف الارتقاء بمستوى التعاون بين الجانبين، مما يؤكد تفهم الدور المحوري لمصر في العلاقات الأوروبية الأوسطية، فضلاً عن كونه يعكس العلاقات التاريخية التي تربط بين الجانبين ومصالحهما المشتركة.
التعاون المصري القبرصي
وجرى خلال اللقاءات مناقشة أوجه التعاون الاقتصادي والاستثماري، وكيفية بلورة خطوات محددة بما يضمن الاستفادة من المزايا النسبية لكلا الطرفين بالشكل الأمثل، حيث تناولت اللقاءات التعاون في مجالات توطين الصناعة، ونقل التكنولوجيا والتدريب، كما تم تناول التعاون في مجال الطاقة، وخاصةً إنتاج الغاز الطبيعي، والتعاون المصري القبرصي في هذا المجال، فضلاً عن الاستفادة من الفرص الواعدة التي تقدمها مصر في مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، والعديد من مشروعات التعاون القائمة والجاري دراستها مع اليونان وبلجيكا والنمسا.
وجرت مناقشة التعاون المشترك بين مصر وإيطاليا في قطاعات الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي واستصلاح الأراضي، حيث تم التوافق على إقامة شراكة بين مصر وإيطاليا في إطار المشروعات القومية الكبرى، وبحيث يتم نقل التكنولوجيا الإيطالية المتطورة لمصر في تلك المجالات، بما يعظم العائد ويزيد الصادرات الزراعية والغذائية المصرية لأوروبا.
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاءات تناولت على صعيد آخر الأوضاع الإقليمية، ولا سيما الحرب في غزة، حيث أكد الرئيس خلال المناقشات ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته في الدفع تجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات بكميات كافية إلى القطاع لحمايته من الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها، محذراً من أن أية عمليات عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية ستكون لها تداعياتها الجسيمة على أمن المنطقة ككل، ومشددا على ضرورة الالتزام بمسار حل الدولتين.
ومن جانبهم ثمن القادة الأوروبيين الموقف المصري الحكيم والنشط، الهادف لاستعادة الاستقرار بالمنطقة، وأعربوا عن امتنانهم للجهود المصرية الدؤوبة الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار بالإقليم.
كما ألقي الرئيس كلمة جاء تفاصيلها:
اسمحوا لي في البداية أن أُرحب بكم ضيوفاً أعزاء على مصر حيث تأتي زيارتكم للقاهرة وسط زخم مكثف تشهده العلاقات المصرية الأوروبية سواء مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي أو دوله الأعضاء.
لقد مثلت زيارتكم محطة شديدة الأهمية في العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إذ نجحنا معاً في تحقيق نقلة نوعية في شراكتنا حيث قمتُ بالتوقيع مع السيدة 'أورسولا فون دير لاين' رئيسة المفوضية الأوروبية على وثيقة إعلان سياسي مُشترك لإطلاق مسار ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى مستوى 'الشراكة الاستراتيجية والشاملة' بهدف الارتقاء بمستوى التعاون من أجل تحقيق المصلحة المُشتركة.
لقد اقترن مسار ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي بحزمة مالية لدعم الاقتصاد المصري وتتكون هذه الحزمة، تبلغ حوالي 7,4 مليار يورو من ثلاثة مكونات رئيسية، تتمثل في التمويل المُيسر وضمانات الاستثمار والدعم الفني لتنفيذ مشروعات التعاون الثنائي.
تعزيز انخراط الشركات الأوروبية في السوق المصرية.
اتفقنا أيضا مع السيدة رئيسة المفوضية الأوروبية على عقد مؤتمر للاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال النصف الثاني من العام الجاري للتعريف بالفرص والإمكانات الاستثمارية في مصر وبما يسهم في تعزيز انخراط الشركات الأوروبية في السوق المصرية.
كما شهدت مباحثاتنا تركيزا خاصا على تعزيز التعاون في مجال الطاقة سواء فيما يتعلق بمجال الغاز الطبيعي أو الربط الكهربائي حيث اتفقنا على التعاون في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة النظيفة وأكدنا مواصلة التعاون القائم في إطار منتدى غاز شرق المتوسط لما يساهم به في تحقيق أمن الطاقة على المستويين الإقليمي والدولي.
لقد تناولت المباحثات أهمية الاستمرار في مواجهة التحديات المُشتركة، وفي مقدمتها الهجرة غير الشرعية حيث أكدنا التزامنا بمكافحة هذه الظاهرة، في إطار التعاون القائم مع تضمين البُعد التنموي في معالجتها إضافة إلى تعزيز مسارات الهجرة النظامية.
واتفقنا على ضرورة دعم جهود مصر التي نجحت في وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية منذ عام 2016 فضلاً عن استضافة 9 ملايين أجنبي في مصر يتمتعون بالخدمات الاجتماعية والصحية أسوة بالمواطنين المصريين.
الوقف الفوري لإطلاق النار
لقد حظيت الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك باهتمام كبير في محادثاتنا اليوم وعلى رأسها القضية الفلسطينية والحرب في غزة حيث أكدتُ حتمية الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء إسرائيل لأعمالها العدائية ودعوت في هذا الإطار القادة الأوروبيين لبذل المزيد من الجهد لوقف إطلاق النار بشكل فوري وغير مشروط فضلاً عن زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لتخفيف حدة الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون
اتفقنا والقادة الأوروبيون على رفض شن إسرائيل عملية عسكرية في رفح بما سيضاعف من الكارثة الإنسانية التي يُعاني منها المدنيون بالقطاع فضلاً عن آثار تلك العملية على تصفية القضية الفلسطينية وهو ما ترفضه مصر جملة وتفصيلاً وتؤكد مصر مجدداً رفضها الكامل لأية محاولات من قبل اسرائيللتهجير الشعب الفلسطيني قسرياً من أرضه المحتلة منذ عام 1967 بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
لقد استعرضتُ باستفاضة الجهود المصرية الرامية لحل الأزمة مع تأكيد أهمية التعامل مع القضية الفلسطينية بمنظور شامل ومُتكامل يضمن حقوق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المُستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
مُعاناة الشعب الفلسطيني
أُود أن اختتم كلمتي بتأكيد ضرورة توحيد رسالتنا للمجتمع الدولي لإبراز أن مُعاناة الشعب الفلسطيني في كامل الأرض الفلسطينية المُحتلة على مدار العقود الماضية لن تتوقف سوى بالاعتراف بدولة فلسطين ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة والعمل على تنفيذ حل الدولتين وفقاً للمرجعيات الدولية وأن التسويف في حل تلك القضية يُعرّض المنطقة، والعالم بأسره لعدم الاستقرار.
أرحب بكم مجددا ضيوفا على مصر وأشكركم على مباحثاتنا المثمرة اليوم وأتطلع إلى مواصلة الحوار البناء والتنسيق المستمر بيننا.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي وزير الخارجية الأمريكي 'أنتوني بلينكن' والوفد المرافق له، وذلك بحضور سامح شكري وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار الدكتور أحمد فهمي أن وزير الخارجية الأمريكي نقل للرئيس تحيات الرئيس 'بايدن' وتقديره لدور مصر الراسخ في إرساء السلام والاستقرار بالشرق الأوسط، وهو ما ثمنه الرئيس، مشيداً بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، واستمرار التشاور إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
الأوضاع الراهنة في قطاع غزة،
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، حيث تم استعراض آخر مستجدات الجهود المشتركة للوساطة بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين، وقد شدد الرئيس في هذا الصدد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، مشيرا إلى ما يتعرض له القطاع وسكانه من كارثة إنسانية ومجاعة تهدد حياة المدنيين الأبرياء، ومحذرا من العواقب الخطيرة لأية عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، كما شدد الرئيس على ضرورة التحرك العاجل لإنفاذ الكميات الكافية من المساعدات الإنسانية للقطاع، مؤكدا ضرورة فتح آفاق المسار السياسي من خلال العمل المكثف لتفعيل حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ومن جانبه أشاد الوزير الأمريكي بالجهود المصرية للدفع تجاه التهدئة، مؤكدا حرص الولايات المتحدة على التنسيق والتشاور بهدف استعادة الاستقرار والأمن بالمنطقة، وقد توافق الجانبان على أهمية استمرار الجهود المشتركة في هذا الصدد، وضرورة اتخاذ كل الإجراءات لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع، ورفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم بأي شكل أو صورة.
قوة العلاقات بين مصر وروسيا
أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفيا اليوم بالرئيس الروسي 'فلاديمير بوتين'، حيث قدم الرئيس خالص التهنئة للرئيس الروسي بمناسبة إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، متمنيا له التوفيق والسداد، وللشعب الروسي الصديق المزيد من التقدم والازدهار
ومن جانبه ثمن الرئيس الروسي اللفتة الكريمة من الرئيس، مشيدا بعمق وقوة العلاقات بين مصر وروسيا، وحرص الدولتين المستمر على تعزيزها، وقد بحث الرئيسان في هذا الإطار سبل تعزيز أطر التعاون المشترك على شتى الأصعدة.
وقد تناول الاتصال كذلك الأوضاع الدولية والإقليمية، وبالأخص الوضع في قطاع غزة، حيث استعرض الرئيس الجهود المصرية للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، مثمناً الموقف الروسي الداعم للقضية الفلسطينية، ومن جانبه حرص الرئيس 'بوتين' على الإشادة بالجهود المصرية المتواصلة على المسارين السياسي والإنساني، مؤكداً توافق الرؤى بين البلدين بشأن أهمية وقف إطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية، وأولوية حل الدولتين لاستعادة السلم والأمن بالمنطقة.