وكيل الأزهر: الاتجاه الحداثي يعمل على إلغاء قدسية النص وتفكيك مكونات الهوية

وكيل الأزهر
وكيل الأزهر
كتب : أهل مصر

قال وكيل الأزهر، الدكتور محمد الضويني، حول دور مشايخ الأزهر الشريف في خدمة العلوم الشرعية والعربية، إن علماء الأزهر لم يحصلوا على حقهم من الثناء والتقدير، ولم يتم ترجمة اهتمامهم بهذه المؤسسة العريقة إلى كلمات، ومن واجبنا أن نكون ممتنين لعلمائنا وأن نذكرهم بالخير دائمًا، وأن نثني عليهم بما يستحقونه، وأريد أن أوضح أن كلامي هنا ليس تعصبًا للأزهر، وإن كان التعصب للحق محمودًا، مضيفا: من واجبنا أن يعلم الجميع أن أنوار الأزهر الشريف قد أشرقت على ربوع العالم بعلومها وتراثها، وهي تمتد لأكثر من ألف سنة ولا تزال، وعلينا أن نعرض هذا التراث ودوره في المحافظة على هوية الأمة، وهل يمكننا تجاهله ونسيانه؟.

المؤتمر العلمي الدولي الخامس لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر

وأشار وكيل الأزهر خلال كلمته اليوم في المؤتمر العلمي الدولي الخامس لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إلى أن هذا المؤتمر يأتي في وقت تتعرض فيه التراث والعلوم الشرعية والعربية للتطاول من قبل بعض الألسنة والأقلام، ويركز المؤتمر على العلاقة الوثيقة بين رجال الأزهر الشرفاء والتراث الذي نشأ في ربوعه، والتراث هو نقطة ارتكاز ثابتة في عقيدتنا الأزهرية، ومنه نبدأ حركة علمية حرة.

وأوضح أن التراث لم يمنعنا يومًا من الحركة والتفكير، وهناك بعض الأشخاص يحاولون إقناع الشباب بأن التراث هو سبب مشكلات الأمة، ويدعونهم للتفكير والانتقاد بحرية، وهذا ادعاء خاطئ تمامًا، أتساءل هل فقدنا حريتنا في التراث حتى يأتي أشخاص لا يعرفونه ولا يعرفون مفاتيحه ليعلمونا الحرية الفكرية؟ وهل كان النقد محظورًا عند العلماء والفقهاء حتى يسمحوا به لنا؟ وكيف يتهمون التراث بالجمود؟.

واستنكر وكيل الأزهر اتهام العلماء في عصرنا والعصور السابقة بعدم الحرية في التعامل مع المسائل والنصوص، مشيرا إلى أن لدينا مذاهب مختلفة تتناقض بعضها بعضا، وحتى تلاميذ المذهب يختلفون مع إمامهم وأيضًا لدينا مؤلفات شرق الأمة تسود في غربها، ومؤلفات غربها تسود في شرقها.

صد أي محاولة لعدوان فكري على الأمة وثوابتها

وأضاف أن الاتجاه الحداثي يعمل على إلغاء قدسية النص وتفكيك مكونات الهوية من عقيدة ولغة وتاريخ وقيم، وإذا كنا نعترف بأهمية التراث في المحافظة على هويتنا وصد أي محاولة لعدوان فكري على الأمة وثوابتها، فإن من الأمانة والموضوعية أن نوجه الشباب إلى التعامل مع التراث بطريقة متوازنة، تستخرج منه كنوزه المخبوءة فيه، مع عدم إغفال الواقع وما يحمله من تطورات.

وأوضح أن العلوم الشرعية والعربية فروع نابعة من أصل واحد هو الوحي الإلهي، القرآن والسنة، وتميز علماء الأزهر بتضلعهم في هذه العلوم وشدة اعتنائهم بها.

وأشار إلى أنه من الصعب أن تجد عالمًا أزهريًا لا يمتلك معرفة واسعة بهذه العلوم، وإذا كانت العلوم الأزهرية تندرج في قسمين، علوم المقاصد وعلوم الوسائل، فإن الأزهري المتأصل يمتلك معرفة عميقة بهذه العلوم وقادر على الحفاظ عليها ونقلها ومناقشة مسائلها وإضافة إليها، مضيفا: ومن يتعلم هذه العلوم يكون قادرًا على فهم اللسان العربي وفهم القرآن والسنة. وعمل علماء الأزهر على تأليف وتدريس وتحقيق هذه العلوم، ولديهم خبرة كبيرة في جميع المجالات.

إسهامات علماء الأزهر وأشهر كتبهم

واستعرض الدكتور الضويني بعض إسهامات علماء الأزهر وأشهر كتبهم، وأبرزها في علوم القرآن الكريم كتاب العلامة الكبير أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي المصري، صاحب كتاب: (البرهان في تفسير القرآن)، وهو من أوائل الذين درسوا بالجامع الأزهر، وكتب الجلال السيوطي المتنوعة في التفسير وعلوم القرآن: (الإتقان في علوم القرآن)، (الإكليل في استنباط التنزيل)، (نواهد الأبكار وشوارد الأفكار)، وللعلامة محمد دراز مصنف متفرد في بابه، وهو: (النبأ العظيم)، في بيان إعجاز القرآن وألوهية مصدره، وانتهاء بالإمام الراحل / محمد سيد طنطاوي صاحب: (التفسير الوسيط)، وأما السنة المطهرة، فلعلماء الأزهر باع طويل في شرحها وتدريسها والذب عنها، وأما علوم الوسائل فحدث ولا حرج، فقد نظم علماؤه المتون، ووضعوا شروحا لها، منها الشروح الميسرة، ومنها المطولات، كما عقدوا مجالس لإقراء كتبها، ولو ذهبنا نستقصي ما قدمه مشايخ الأزهر للعلوم الشرعية والعربية لاحتجنا إلى ساعات طوال، وما ذكرناه إشارة يسيرة إلى جهودهم العلمية التي ما زال علماء الأزهر يبذلون فيها أوقاتهم وأنفسهم.

كما استعرض وكيل الأزهر جانبًا من الجهود العلمية لفضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مبينا أن لفضيلته إسهامات علمية لا تُنكر، في مجال العقيدة والفلسفة، والدفاع عن السنة، وفي مجال الدعوة إلى الله، وفي مجال الإصلاح المجتمعي، وتفكيك الفكر الجامد، وإصلاح العقل والقلب، وعبر البرامج التليفزيونية التي تلقتها الجماهير بالقبول الحسن، والتي طبع محتواها في كتب متعاقبة، ويكفي أن تقرأ لفضيلته كتاب «مقومات الإسلام» الذي جمع فيه الإسلام ومقوماته في إيجاز عميق.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
السيسي يستعرض الجهود التنموية المصرية وتوفير الفرص الاستثمارية الكبيرة