في مستشفى ناصر المكتظ بالجراح والأنين في غزة المحاصرة، تجسدت مأساة إنسانية في صورة الطفل الفلسطيني أسامة الرقب، ذي الخمسة أعوام. جسده النحيل، الذي لم يعد سوى جلد يلتف حول عظام بارزة، اخترق حواجز الصمت ليلامس قلوب الملايين حول العالم. عينا أسامة الغائرتان، وهما تراقبان عالماً عاجزاً، تحكيان قصة جوع مرير يلتهم طفولته شيئاً فشيئاً. وجهه الشاحب الصغير، الذي كان يوماً مفعماً بالحياة، تحول إلى أيقونة لوجع أمة تُترك وحدها في مواجهة شبح المجاعة. وبينما انتشرت صورته كصرخة استغاثة صامتة عبر القارات، بقي العالم في معظمه أسيراً لدور المشاهد، تاركاً أسامة وآلاف الأطفال الفلسطينيين يصارعون الموت جوعاً في صراعهم اليومي من أجل البقاء. وفي نفس الوقت حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، الدكتور تيدروس أدهانوم غبريسوس، اليوم الخميس، من أن الوضع الإنساني في قطاع غزة وصل إلى مستوى 'كارثي'، مشيراً إلى أن مليوني شخص في القطاع يعانون من جوع شديد.
الطفل اسامة الرقب
تصاعد الجوع نتيجة للعدوان والقيود على المساعدات
وأوضح الدكتور غبريسوس أن تفاقم أزمة الجوع في غزة يأتي نتيجة لتصاعد الأعمال العدائية المستمرة والقيود المشددة التي تعيق دخول المساعدات الإنسانية الضرورية إلى القطاع. وأكد أن هذه العوامل مجتمعة تدفع السكان المدنيين إلى حافة كارثة إنسانية غير مسبوقة. وأطلقت منظمة الصحة العالمية (WHO) تحذيراً شديد اللهجة اليوم، مؤكدة أن قطاع غزة يقف على أعتاب مجاعة وشيكة تنذر بتداعيات صحية كارثية على سكانه، وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً من الأطفال وكبار السن والمرضى.
خطر المجاعة الوشيك يهدد الفئات الضعيفة
أوضح المدير العام للمنظمة أن النقص الحاد في الغذاء في القطاع المحاصر ينذر بكارثة إنسانية وصحية واسعة النطاق. وأشار إلى أن هذه المجاعة الوشيكة ستؤدي حتماً إلى تدهور حاد في صحة السكان، مع تأثيرات مدمرة بشكل خاص على الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وكبار السن الذين تضعف أجسامهم، والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة ويحتاجون إلى تغذية سليمة لمقاومة أمراضهم.
نقص الغذاء يؤدي إلى ضعف المناعة وانتشار الأمراض
وحذر المسؤول الأممي من أن نقص الغذاء الحاد سيؤدي إلى ضعف عام في مناعة السكان، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية التي يمكن أن تنتشر بسرعة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها القطاع. كما أكد أن تفاقم حالات سوء التغذية سيترك آثاراً طويلة الأمد على النمو البدني والعقلي للأطفال الفلسطينيين في غزة، مما يهدد مستقبلهم وصحتهم على المدى البعيد.