يعقد غدًا الجامع الأزهر الملتقى الفقهي بين الشرع والطب الثاني والعشرون بعنوان "رؤية معاصرة"، والذي يناقش على مائدته: الدفاع عن الأوطان: "رؤية فقهية". ويستضيف الملتقى: أد محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر، وأد رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر، وأد على مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وعضو لجنة الفتوى الرئيسية بالجامع الأزهر، وأمين سر هيئة كبار العلماء، ويُدير الحوار د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
وأكد د. عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، أن الملتقى يُعدّ منصة هامة لتوضيح الصلة الوثيقة بين الطب والشرع في شتى مناحي الحياة، ويعكس جهود الأزهر في تقديم حلول متكاملة تتماشى مع الدين الإسلامي وتحديات العصر، مبيناً أنه من سنة الله تعالى وفطرته في خلقه أنَّ الأوطان محببةٌ إلى القلوب وأثيرةٌ في النفوس، وهى مرتعُ الصِّبا ومَدْرجُ الخُطى وأرضُ النشأة ومهدُ التاريخ في مبتداه وملجأوه في منتهاه، وحبُّ الوطن دليلُ الوفاء لأنه مسقط الرأس وبالوفاء يُعرَفُ المُحِبُّونَ بعيداً عن المُدَّعين. وللأوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ يَدٌ سَلَفَتْ ودَيْنٌ مُسْتَحَقُّ.
موضحاً أن كل آدميٍّ له وطنٌ يهواه فهو ما وُلِدَ في الجوزاء ولا على سطح الماء ولا على أديم الهواء، وإنما له أرضٌ يحن إليها ويفتديها بالنفيس والغالي، يقول الأصمعي: "ثلاثُ خصالٍ في ثلاثة أصنافٍ: الإبلُ تحنُّ إلى أوطانها وإن كان عهدُهَا بها بعيداً، والطيرُ إلى وكره وإن كان موضعه مجدباً، والإنسان إلى وطنه، وإن كان غيرُه أكثر نفعاً".
من جانبه، أشار د. هاني عودة إلى أن الملتقى يعد خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية القضايا الفقهية والطبية، مؤكدًا على ضرورة بناء مجتمع واعٍ بأهمية الحفاظ على قيم الشريعة في ضوء التطورات الطبية.
وأضاف فضيلته بقوله: كلُّ كائنٍ يُقدِّرُ وطنه ويعرف حقَّهُ، ولهذا لا يستغني عنه أبداً، فالحشرة الصغيرة تخرجُ لرزقها ومآربها في رحلةٍ قد تطول بين الصخور والرمال ثم تعود سراعاً إلى وطنها، والدابةُ العجماء تعرف وطنها وتعود إليه بهدايةٍ تجلُّ عن الوصف ولا يقرُّ لها قرارٌ إلا عند الوصول إليه، وكذلك مخلوقات البحر وفي رجوعها إلى وطنها آيةٌ في العجبِ رغم أن البيئةَ البحريةَ تتشابه مع بعضها إلى حدٍ بعيدٍ، إنها حالةٌ فِطريةٌ في الأنفس والكائنات حتى مع الأنبياء. وما من مخلوقٍ إلا وله وطنٌ يأوي إليه من الأخطار ومظان الهلكة، حتى الفواتك من المخلوقات الشرسة التي تؤذي العباد لها أوطانٌ تحنُّ إليها وتأوي فكيف بالإنسان السويِّ؟
ويأتي هذا الملتقى امتدادًا لسلسلة من الفعاليات التي تعزز من الحوار البنّاء والمثمر في مجتمعاتنا، ومن المقرر أن يعقد يوم الاثنين من كل أسبوع بعد صلاة المغرب بالظلة العثمانية بالجامع الأزهر.