قال أستاذ الباطنة والسكر بجامعة هارفارد، الدكتور أسامة حمدي، إن الصيام معجزة علمية لم يعرف أحد حقيقته إلا مؤخرًا، إذ يستبدل فيه الجسد الخلايا الضعيفة بخلايا جديدة نشطة، وهو الأمر الذي يقلل من فرص الإصابة بالسرطان، وكثير من الأمراض المزمنة الأخرى
المعجزة العلمية في الصيام
وأكد الدكتور أسامة حمدي، عن الصيام عند المصريين القدماء، أن صيامهم كان معجزة، وأنهم كانوا يصومون شهرًا قمريًا من كل عام، ويصومون أيام الدهر، ثلاثة أيام من كل شهر، وذلك يوافق حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، للوقاية من الأمراض
وأكد الدكتور أسامة حمدي، أن الصيام عند المصريين القدماء لم يكن هينًا، واستخدمه القدماء المصريون لتنقية النفس وتحسين وظائف المخ، ليجعله أكثر إدراكًا وتركيزًا ووعيًا.
وقال الدكتور أسامة حمدي عن معجزة الصيام: 'الصيام بلا شك معجزة علمية لم نعرف حقيقتها إلا حديثًا. فعند الصيام يضطر الجسد، تحت ضغط الجوع والعطش، إلى التخلص من الخلايا المجهدة والمعتلة في عملية تسمى Autophagy، وهي عملية يُطهِّر فيها الجسم نفسه من خلاياه الضعيفة والهَرمة، ليستبدل بها الجسم خلايا جديدة نشطة في عملية تسمى Rejuvenation.'
وتابع الدكتور أسامة حمدي 'هذه الخلايا الجديدة تقوم بوظائفها على أكمل وجه، وتقلل من فرص الإصابة بالسرطان وكثير من الأمراض المزمنة الأخرى، حيث ينخفض هرمون يسمى IGF-1، المعروف لنا بارتباطه بزيادة فرص حدوث السرطان.'
معجزة صيام القدماء المصريين
وأردف الأستاذ بجامعة هارفارد: 'مما لا شك فيه أن الصيام لم يفرض لأول مرة مع الإسلام، ولكنه فرض على الأمم القديمة من قبله، بدليل قول الله تعالى 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ'. فهل عرف أجدادنا المصريون القدماء الصوم؟ وكيف يكون الصوم وسيلة إلى الهداية والتُقَى؟'.
وعن معجزة صيام المصريين القدماء قال الدكتور أسامة حمدي: 'الواقع أن صيامنا الآن هو جزء هين جدًّا من صيام أجدادنا، وإن كان لا يختلف عنه كثيرًا. وقد أثبت العلم الحديث حقيقة ما كان يبغيه المصريون القدماء من صومهم، فقد كانوا يصومون صيام الدهر، وهو ثلاثة أيام من كل شهر للوقاية من الأمراض، وربما علاجها، ولكن الأهم عندهم كان تنقية الروح دومًا مما يدنسها، وهذا يوافق ما قاله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (من صام ثلاثةَ أيامٍ من كلِّ شهرٍ فقد صام الدهر).
المصريون القدماء صاموا شهرًا قمريًا وأيام الدهر
وأضأف أسامة حمدي قائلًا: 'وقيل أيضًا إنهم كانوا يصومون شهرًا قمريًّا كاملًا كل عام. كما كانوا يصومون أيضًا أيامًا معدودات؛ في عيد وفاء النيل، وعيد الحصاد، وعيد بداية السنة، ويصومون أربعة أيام من كل عام، تبدأ عندما يحل اليوم السابع عشر من الشهر الثالث من فصل الفيضان. وفي صيامهم، يمتنع الصائم تمامًا عن الطعام والشراب والنساء.'
وتابع: 'كما كان أجدادنا يصومون صيام الانقطاع لمدة ٧٠ يومًا، وفيه يأكلون فقط ما تنتجه الأرض من فيض نيلهم؛ أي الأكل النباتي، وهو ما أثبت العلم الحديث فوائده الصحية'.
وعن أهمية صيام القدماء المصريين قال أسامة حمدي: 'لقد اعتقد المصريون القدماء أن الصيام يحسن وظائف المخ، ويجعله أكثر إدراكًا، وتركيزًا، ووعيًا، فكان الكهنة عند بداية دخولهم في الرهبنة يصومون تمامًا عن الطعام لمدة سبعة أيام متتالية. وصيام الكهان الذين يبغون السمو الروحي الكامل كان يبدأ بصيام عشرة أيام عن اللحوم والنبيذ، ثم يعقب ذلك تلقينه واجباته المقدسة'
وأضاف أستاذ جامعة هارفارد فقال: 'ثم يستأنف الصوم لمدة عشرة أيام أخرى، يمتنع فيها عن كل طعام به روح، كاللحوم، والطيور. ويتغذى على خبز الشعير والماء، ليرتقي إلى مرحلة أعلى في المهام الروحية، ثم في العشرة أيام الأخيرة، يمتنع عن جميع أنواع الطعام والماء، حتى يصفى عقله تمامًا، ويزداد تركيزه، وتسمو نفسه.
فائدة الصيام المطول عند قدماء المصريين
وعن فائدة الصوم المطول قال أسامة حمدي: 'فعند الصيام التام والمطول، يتحول غذاء المخ من الجلوكوز إلى الكيتونات ketones، التي تعد أقوى بعشرات المرات من الجلوكوز في إمداد المخ بالطاقة. وقد وجدت الأبحاث الحديثة أن هذه الكيتونات تحسن وظائف المخ، كالذاكرة، والتركيز، والقدرة على التفكير، وهو ربما ما يفسر كلمة 'تتقون'، فالجسم، والعقل، وسمو الروح في أفضل حالاتهم مع هذا النوع من الصيام القاسي.'
واختتم الدكتور أسامة حمدي حديثه عن صيام قدماء المصريين فقال: 'رحم الله أجدادنا المصريين القدماء، الذين تعلمنا منهم الكثير، وما زلنا نفتح كنوز معرفتهم وعلمهم الفذ لنصاب بالذهول! لقد حيرنا دينهم الذي يتطابق كثيرًا مع ما نعتقد والذي مازلنا لا نعرف عنه الا القليل…!'