خلفت جائحة كورونا ما لم يتخيله أحدا في أفلام الخيال العلمي، من مدن فارغة ومطارات ومدارس مهجورة وتعليق حركة الطيران وحظر تنقل للمسافرين، كما أغُلقت المطاعم والمقاهي بجائحة عالمية غير مسبوقة وتداعيات لم تكن جميعها سلبية.
تمثل حركة النقل والمواصلات ثاني أكبر مسبب لتلوث الهواء بعد انبعاثات الأنشطة الصناعية، وربع إنتاج العالم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، وبإحدى التجارب التي تم إجراؤها مؤخرا أوضحت انخفاض نسب تلوث الهواء بسبب توقف حركة المرور الاعتيادية وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأعلى معدل تم تسجيله بالتاريخ على الإطلاق.
إيجابيات فيروس كورونا
فيما توقع الموقع الإخباري الألماني 'إنفيستور' تأسيس جائحة كورونا لنوع جديد من الابتعاد عن الطاقات الأحفورية والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة الغير ملوثة للبيئة، واستعانت الصحيفة بقول خبيرة تدعى 'أماندا أوتول'، وتعمل كمديرة لاستراتيجية الاقتصاد النظيف بشركة 'أكسا إنفستمنت مانجر'، أنه ومن غير المحتمل أن يعود مستوى الانبعاثات الملوثة لسابق عهده مرة أخرى وبسرعة؛ 'سنشهد على المدى القصير انخفاض دوري ونسبي بالطلب على شراء السيارات، المستهلكون قلقون بشكل متزايد بشأن المستقبل الاقتصادي ويؤجلون عمليات الشراء الرئيسية الجديدة'.
كما توقعت انخفاضا أيضا في شراء السيارات ذات محركات احتراق أحفورية عام 2020 بنسبة 23% مقارنة بالعام الماضي، وسينخفض الإقبال على السيارات الكهربائية أو الهجينة بنسبة 18%، لتتوقع إعادة الإقبال إلى المستويات السابقة على المدى المتوسط والطويل.
في شهر فبراير الماضي نشرت وكالة الفضاء الأمريكية 'ناسا' صورا التقطتها أقمار صناعية فوق الأجواء العليا في الصين، وظهرت فيها تراجع مستوى تلوث الهواء هناك بعد فرض الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا، كما أوضحت الصور انخفاضا مستويات أكسيد النيتروجين وذلك بعد تراجع قياسي بنشاط مصانع الصين، وذلك بعدما قرر المصنعون إيقاف الإنتاج في إطار الجهود الحكومية للسيطرة على الفيروس، لتجف العديد من منابع التلوث ويصبح الهواء نقيا.
فيروس كورونا
وفي الهند تراجعت معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للمرة الأولى منذ 40 عاما، وعاد ذلك للإغلاق الجزئي الذي فرض في كافة أنحاء البلاد لمكافحة وباء كورونا، كما أظهرت الدراسة انخفاض الطلب على الكهرباء بالإضافة لمنافسة مصادر الطاقة المتجددة مع الطاقات الأحفورية الأخرى، وهو ما أدى لتراجع الطلب على الوقود الأحفوري خلال الأشهر الماضية قبل تفشى الجائحة بالهند، كما عزز الإغلاق لزيادة الانخفاض في الانبعاثات بنحو 15% خلال شهر مارس من العام الماضي.
وأوضحت دراسة جديدة انخفاض كبير بنسب تلوث الهواء الناجم عن الإغلاق التي قررته كافة الدول الأوروبية، والذي ساهم في إنقاذ حياة 11 ألف شخص بأوروبا وحدها، حيث أدى الحجر الصحي الذي فرضته كافة البلدان إلى تباطئ هائل بالاقتصاد الأوروبي، ما قلل من إنتاج الكهرباء من الفحم بنسب وصلت لـ40%، كما قلت نسب استهلاك النفط بمقدار الثلث، كما تراجعت تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة في الهواء بنسبة 37 %، وفقا لدراسة أجراها مركز أبحاث الطاقة والهواء.
إيجابيات فيروس كورونا
وفي مصر، كان لفيروس كورونا تأثير إيجابي أيضا، وهو ما أكد عليه الدكتور محمد مجاهد، نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، إن الوزارة قامت بتدريب 15 معلما في 4 أيام فقط على منصة الإدمودو، والتي أطلقتها الوزارة، حيث كان من المتوقع أن يعود الطلاب في الترم الثاني من العام الدراسي المنصرم للمدارس مرة أخرى، ولكن اعتمدت الوزارة خطة للتعليم الهجين عبر المحتويات الرقمية.
وأضاف 'مجاهد'، خلال مداخلة له عبر 'سكاي بي'، ببرنامج 'المواجهة'، وتقدمه الإعلامية ريهام السهلي، على فضائية 'إكسترا نيوز'، أن جائحة كورونا كان لها تأثير إيجابي على شكل التعليم المصري، حيث ساهمت في الإسراع لاستخدام نظام التعليم الهجين والمعتمد على المحتوى الرقمي وربط المدارس بالمنصات الإلكترونية التعليمية، بعدما أصبح التقدم التكنولوجي للمعلومات جيد، كما تعلم عدد كبير من المعلمين كثيرا عن التكنولوجيا أثناء فترة الجائحة.
وأكد أن التعليم الهجين يزيد من قدرات الطلاب على التفكير والتخلص من الحفظ والتلقين كما كان يحدث قديما، حيث اتخذت الوزارة في هذا الشأن إجراءات احترازية لازمة مع دخول العام الدراسى المقبل، وسيكون هناك تباعد مكانى لمسافة متر واحد على الأقل، مع ضرورة ارتداء الكمامات وقياس درجات الحرارة للطلاب قبل دخولهم للمدرسة.