عقد الكونجرس الأمريكي جلسة مهمة لاستجواب الدكتور أنتوني فاوتشي، المدير السابق للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، فيما يتعلق بقضية تسريب فيروس كورونا، المعروف علميا باسم كوفيد 19، والمسبب للجائحة التي عانى منها العالم منذ نهاية عام 2019، ومازال أثرها ممتدا حتى الآن.
وسأل الكونجر الدكتور أنتوني فاوتشي عن 'سعيه للتستر على تسريب فيروس كورونا ـ كوفيد 19 ـ من المختبر في مدينة ووهان الصينية.
الكونجرس الأمريكي يستجوب فاوتشي حول تسريب فيروس كورونا
وأجرى الاستجواب لجنة الرقابة الفرعية بمجلس النواب، المعنية بـ جائحة كورونا، حيث نفى فاوتشي ممارسة أي محاولات لمنع انتشار نظرية تسريب فيروس كورونا المسبب للجائحة.وبدأ المشرعون في استجواب فاوتشي بشأن قاعدة التباعد الاجتماعي، التي فرضتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وإلزام تلاميذ المدارس بارتداء كمامات، بجانب القيود الأخرى في عصر الوباء.
ورد فاوتشي بالإيجاب في كل مرة حينما سأله النائب الجمهوري، مايكل كلاود، عما إذا كانت أعمال إغلاق الأعمال التجارية ودور والمدارس والبقاء في المنازل، بمثابة إجراءات مبررة.
وأضاف فاوتشي أن ذلك حدث كحاولة لإيقاف تسونامي الوفيات الذي تسبب فيه فيروس كورونا، مشيرا إلى أن الفترة التي استمرت فيها الإجراءات الانغلاقية تعد أمرا قابلا للنقاش، وليست حكما حاسما.
وعند سؤاله عن إلزامية ارتداء الكمامات، بما في ذلك المفروضة على الأطفال دون سن الخامسة، قال فاوتشي إن ذلك كان في وقت يموت فيه 5 آلاف شخص يوميا.
جلسة الكونجرس لاستجواب فاوتشي
وسأل عضو الكونجرس فاوتشي مجددا: 'هل فرض الكمامات على الأطفال دون سن الخامسة؟ كان بناء على أدلة علمية؟'، ليرد الأخير قائلا: 'لم تكن هناك دراسة أجريت على الأطفال باستخدام الأقنعة من قبل، ولم يكن بالإمكان إجراء هذه الدراسة وقتها، بل كان علينا الاتجاوب مع الوباء، الذي يقتل ما بين 4 إلى 5 آلاف أمريكي يوميا.
وحاول فاوتشي توضيح تصريح سابق له، مفاده أن قاعدة التباعد الاجتماعي الذي تصل إلى مسافة ستة أقدام، ظهرت في حينها فقط، مضيفا: 'صدرت الأوامر بهذه القاعدة، من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها'.
وتابع: 'مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها كانت مسؤولة عن هذا النوع من المبادئ التوجيهية للمدارس، وليس أنا، وما قصدته بعدم وجود سند علمي فأن هذا معناه أنه لم يكن هناك تجربة تمت فيها مقارنة تأثير اختيار التباعد لستة أقدام، أو عشرة أقدام، لذلك لم يكن هناك تقييم علمي محدد'.
وأضاف: 'أعتقد أن مراكز السيطرة على الأمراض استخدمت ستة أقدام، لأن الدراسات التي أجريت قبل سنوات أظهرت أن التعامل مع الرذاذ الصادر من شخص ما، أقرت تلك التوصية، وكان هناك شعور بأن انتقال العدوى يتم عبر الرذاذ المباشر من شخص إلى شخص، وليس عبر المنتشر في الهواء، وفي كل الأحوال لم يكن لهذا كله علاقة بي'.
أنتوني فاوتشي أثناء القسم أمام لجنة الاستجواب
اللقاحات حفظت أرواح الآلاف
كما دافع فاوتشي عن إلزام الطلاب والموظفين بتلقي اللقاحات، قائلا: 'اللقاحات أنقذت الأرواح، ومن الواضح جدا أنها حفظت حياة مئات الآلاف من الأمريكيين والملايين حول العالم'.في الوقت ذاته ضغطت النائبة الجمهورية عن ولاية جورجيا، مارجوري تايلور جرين، على فاوتشي، من أجل التعليقات السابقة له خلال ظهوره في برنامج 'فيس ذا نيشن' على شبكة 'سي إن إن'، حينما ادعى أن من ينتقدونه، في الحقيقة ينتقدون العلم لأنه يمثل العلم، وهو التصريح الذي أثار غضبا واسعا في حينه، وانتقده السيناتور الجمهوري، تيد كروز، متهما أنتوني فاوتشي بأنه يعاني من وهم العظمة، ولا يمكنك انتقاده.
وخلال كلمته تطرق فاوتشي إلى نظرية تسريب فيروس كورونا من المختبر، مؤكدا أنه لم يسع قط إلى منع الحديث عن هذا الاحتمال، كما شهد فاوتشي بأنه في 31 يناير 2020، تم إبلاغه من خلال مكالمات هاتفية مع مدير مؤسسة ويلكون ترست، في المملكة المتحدة، جيرمي فارار، ثم كريستيان أندرسون، وهو عامل يحظى بتقدير كبير في معهد سكريبس للأبحاث، بأنهما مع عالم الأحياء الأسترالي إدي هولمز، يشعرون بالقلق من أن التسلسل الجيني SARS-CoV-2، يشير إلى أنه من الممكن أن يكون قد تم التلاعب به في المختبر.
أنتوني فاوتشي أثناء كلمته أمام الكونجرس
نظرية تسريب فيروس كورونا من المختبر
وقال فاوتشي إنه في اليوم التالي شارك في مؤتمر عبر الهاتف، مع 10 من علماء الفيروسات الدوليين، لمناقشة هذا الاحتمال في مقابل احتمالية انتشار فيروس كورونا من مستودع حيواني، واصفا المناقشة بأنها كانت حيوية في ظل وجود مبررات للاحتمالين.وأوضح فاوتشي أن اثنين من المشاركين شهدا أمام اللجنة الفرعية بمجلس النواب بأنه لم يحاول توجيه المناقشة في أي اتجاه.
وأضاف فاوتشي أمام لجنة مجلس النواب: 'الاتهام الذي يتم تداوله بأنني أثرت على هؤلاء العلماء، لتغيير رأيهم من خلال رشوتهم بملايين الدولارات من أموال المنح، هو كاذب تماما ومناف للعقل، ولم يكن لدي أي مساهمة في محتوى الورقة التي نشروها'.
وتابع: 'المسألة الثانية هي اتهام كاذب بأنني حاولت التغطية على احتمال أن تكون نشأة فيروس كورونا داخل المختبر، فالحقيقة عكس ذلك تماما'.
وأمضت اللجنة الفرعية التي يقودها الجمهوريون أكثر من عام في التحقيق حول الاستجابة للوباء، وما إذا كانت الأبحاث التي تمولها الولايات المتحدة في الصين، لعبت دورا في كيفية ظهور الجائحة.
وافتتح الديمقراطيون جلسة استجواب أنتوني فاوتشي قائلين إن التحقيق لم يتوصل إلى أي دليل على أن فاوتشي ارتكب أي خطأ، وأضاع فرصة مهمة للاستعداد للتفشي المخيف المقبل.
وقضي فاوتشي 14 ساعة على مدار يومين في الاستجواب أمام لجنة مجلس النواب خلف الأبواب المغلقة، وكانت الجلسة الأخيرة، هي المرة الأولى التي يتم استجواب فاوتشي فيها علنا، أمام الكاميرات.