في عام 2018، عندما كان الباحثون يتجولون على طول حصن قديم يقع في جبال جنوب القوقاز، لم يكن لديهم أدنى فكرة أن ما يرونه أمامهم يمثل فقط 'قمة جبل الجليد' من موقع كان يخفي وراءه أسرارًا أكبر بكثير.
ولكن بعد استخدام تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، تمكّن فريق من الباحثين من كشف حقيقة مذهلة حول حصن دمانيسس غورا، الذي يُعتقد أنه أقدم حصن من نوعه في المنطقة.
اكتشاف قلعة ضخمة مخفية
وفقا لموقع 'ياهو نيوز'، كان الموقع المكتشف يقع بين مضيقين عميقين في جبال القوقاز، وهي منطقة تاريخية تمثل الحدود بين أوروبا وآسيا.وعلى الرغم من أن الباحثين لاحظوا وجود جدران تحصينية وهياكل حجرية قديمة، إلا أن الموقع كان ضخمًا لدرجة أنه لا يمكن رسم خريطة له سوى باستخدام وسائل تكنولوجية متطورة.
وهذا هو ما دفع فريق من جامعة كرانفيلد البريطانية للاعتماد على الطائرات بدون طيار لتوثيق الموقع من الجو.
ومن خلال استخدام الطائرة، تم التقاط حوالي 11000 صورة، تم دمجها باستخدام برامج متقدمة لإنشاء نماذج رقمية عالية الدقة تظهر التفاصيل الدقيقة لكل جزء من الموقع. ومن خلال هذه التقنية الحديثة، اكتشف الباحثون أن حصن دمانيسس غورا كان أكبر بكثير مما كان يُعتقد في البداية، حيث تبين أن الموقع يمتد على مساحة أكبر من 40 مرة عن التقديرات السابقة.
بحسب الدراسة التي نُشرت في مجلة Antiquity، تم تحديد جدار تحصين ضخم يمتد على أكثر من نصف ميل، بالإضافة إلى العديد من الهياكل الأخرى مثل المقابر وأنظمة الحقول. هذا الاكتشاف يقدم صورة أوسع عن كيفية تطور المستوطنات في المنطقة، ويضيف بُعدًا جديدًا لفهمنا لتاريخ الأوراسيا.
بالإضافة إلى ذلك، تمكن الفريق من مقارنة الصور الحديثة مع صور قديمة تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية في حقبة الحرب الباردة قبل خمسين عامًا. هذه المقارنة أظهرت التغيرات التي طرأت على الموقع على مر السنين، وكيف حافظت بعض أجزائه على حالتها الأصلية.
وفي هذا الصدد، أضاف إيرب ساتولو: 'لقد سمحت لنا الطائرات بدون طيار بفهم الموقع بشكل كامل، وتوثيقه بطريقة لم تكن ممكنة باستخدام الطرق التقليدية. موقع دمانيسس غورا لا يعد مجرد اكتشاف مهم للمنطقة، بل له أهمية أكبر لفهم التنوع الهيكلي للمستوطنات القديمة في أوراسيا.'
بحسب الباحثين، فإن الجدارين المحصنين كانا يعملان معًا للحماية. فقد صُنعا من صخور خشنة وقذائف هاون، مما أدى إلى إنشاء دروع يبلغ سمكها ستة أقدام ضد القوى الخارجية. وكتب المؤلفون في الدراسة: 'إذا كان احتلال القلعة الداخلية والمستوطنة الخارجية معاصرًا تقريبًا، كما نقترح، فإن هذه المستوطنة ستكون واحدة من أكبر المستوطنين المعروفين في جنوب القوقاز في العصر البرونزي المتأخر والعصر الحديدي.