اكد الدكتور على الحفناوى نجل الدكتور مصطفى الحفناوى ' المستشار القانونى لاول شركة مصرية تدير قناة السويس و المراجع القانونى لقرار التاميم ' ان هناك بعض المعلومات التى يجب ان يعرفها الناس عن حقيقة دور ديليسبس فى انشاء القناة و فى وقوفه ضد الثورة العرابية فهناك بعض المعلومات التاريخية يجب ان توضح لاستكمال الصورة وفهم أبعادها، حتى يمكن الحكم على جدوى إعادة هذا التمثال بمدخل قناة السويس.
طلب الخديوى إسماعيل عام 1867 من المثال الفرنسي بارتولدى إقامة تمثال ضخم على مدخل قناة السويس يرمز للفلاحة المصرية وهى تحمل شعلة الحرية ، قام بارتولدى بتصميم التمثال وتقديم المشروع للخديوى، لكنه رفضه بإيعاذ من ديليسبس بحجة أن تكلفته مرتفعة.
تمثال الحرية
تحول التمثال إلى تمثال الحرية الشهير، أهدته فرنسا لأمريكا لوضعه بمدخل مدينة نييويورك تعبيرا عن الصداقة بين البلدين (عام 1884).
و تابع الحفناوى أراد ديليسبس استغلال شهرته لانشاء قناة بنما لوصل المحيط الأطلنطى بالمحيط الهادى، فاشترى حق الامتياز من لويس نابليون، وبدأ في بيع الأسهم ولكنه فشل في جمع المال الكافى (حيث لا يوجد خديوى سعيد في بنما لسداد الفرق وتسخير العمالة)، فبدأ مع ابنه شارل في رشوة نواب البرلمان الفرنسي ومجلس الشيوخ لتمرير قانون يسمح بجمع الأموال من السندات الحكومية، ولكنه فشل وأفلست الشركة.
تحولت مشكلة قناة بنما إلى فضيحة، وتم محاكمة ديليسبس وأعوانه سنة 1893، وحكمت عليه محكمة 'السين 'الفرنسية بالسجن خمس سنوات وغرامة 3000 فرنك للنصب والاحتيال. وفى قضية أخرى حكمت المحكمة على ابنه شارل ديليسبس بالسجن سنة واحدة للرشاوى التي قدمها. لم ينفذ الحكم على ديليسبس لكبر سنه ولكنه نفذ على ابنه شارل.
توفى ديليسبس سنة 1894 وهو في الثامنة والثمانون من العمر.
تمثال ديليسبس فى مدخل القناة
أراد مجلس إدارة شركة قناة السويس البحرية، والمكون جزءيا من بعض أفراد عائلة ديليسبس، تلميع صورة الشركة لدى الرأي العام العالمى، فقررت إقامة تمثال لفرديناند ديليسبس عند مدخل قناة السويس، أقامه المثال 'ايمانويل فريمييه' وتم تدشينه يوم 17 نوفمبر من عام 1899 بمناسبة الاحتفال بثلاثين عاما على افتتاح القناة.
واشار الحفناوى ان حجم تمثال الحرية في نييويورك: 46 مترا بدون القاعدة: الاجمالى 93 مترا بالقاعدة. في حين أن حجم تمثال ديليسبس في بورسعيد: 8 متر فقط بالإضافة إلى قاعدة بارتفاع 12 متر.
لم تنتهى مشاكل عائلة ديليسبس مع القضاء، حيث حكمت محكمة 'السين' في مايو عام 1949 بإعدام أحد أبناءه، بول ديليسبس، بسبب الخيانة العظمى أثناء الحرب العالمية، ومحاولته تمرير خرائط عسكرية لمنطقة قناة السويس للألمان، ومواقع معسكرات الانجليز ..فهل كان ذلك كرها للاستعمار الانجليزى لمصر؟، كما أنه تاجر بأسهم الشركة المملوكة لبعض الأسر اليهودية لبيعها للألمان. على أي حال، استطاع بول ديليسبس الهرب، فصدر الحكم غيابيا بالاعدام، وقد توفى بول عام 1955.
الدكتور على الحفناوى: ديليسبس لا يستحق ثمثالا بمدخل قناة السويس
و اضاف الحفناوى انه لا يمكن عدم تذكر الدور الأساسى لماتيو ديليسبس، والد فرديناند، في تنصيب محمد على واليا على مصر.
و اختتم الحفناوى حديثه بان فرديناند ديليسبس وعائلته جزءاً من تاريخ مصر، بما لهم وما عليهم... وكما قال والدى الدكتور مصطفى الحفناوى: ((قد يستحق ديليسبس تمثالا في كل موانى أوروبا التي استفادت تجاريا من قناة السويس في القرن التاسع عشر الاستعمارى، ولكن مكانه في مصر ليس بمدخل القناة))،
وقد يمكن أن يكون في متحف لتاريخ قناة السويس، ليس إلا...أرجو أن يتم تكريم الفلاح المصرى الذى حفر القناة بساعديه، فنضع له تمثالا في هذا الموقع بمدخل القناة.أما تمثال ديليسبس الذى دخل عنوة تاريخنا، فيمكن الاكتفاء بوضع تمثاله في أحد المتاحف.
و ارسل الدكتور على الحفناوى برسالة الى الرئيس عبد الفتاح السيسى عبرصفحته الشخصية 'الفيسبوك ' قائلا فيها ...
سيدى الرئيس ...أسمح لنفسى بتوجيه هذه الرسالة المفتوحة لسيادتكم لما أعرفه عنكم من حس وطنى مرهف وغيرة عظيمة على القيم الوطنية العليا...
اعادة ترميم قاعدة تمثال ديليسبس
إن القرار الذى اتخذه بعض المسئولين بإعادة وضع تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس ليس تصويبا تاريخيا إنما هو سبّا علنيا لكل تاريخنا الوطنى، واستهانة بدماء آلاف المصريين التي بذلت في حفرها كما استشهد أبناء الوطن في الدفاع عنها منذ استعادتها.
لقد افتخرنا بقيام الشعب المصرى تحت ريادتكم بتمويل قناة موازية للقناة الأولى تحقيقا للمشروع المعجزة الذى اكتمل خلال أقل من سنة واحدة... لذلك ندرك تماما مدى اعتزازكم واعتزاز شعبنا بما تمثله قناة السويس من رمز للمقاومة والصمود في وجه الاحتلال وفى وجه أطماع أعداء الوطن...
الفلاح المصرى حفرها بالسخرة يستحق وضع تمثال له على مدخل القناة
وعبر تاريخنا الحديث، رأينا دماء شهداء مصر قد روت رمال الصحراء في منطقة القناة منذ حفرها وحتى تحريرها.. فالقناة جزءا لا يتجزأ من تاريخنا، وصارت ملتصقة في وجداننا كما كانت في وجدان الأباء والأجداد... فكيف لنا أن نقبل إعادة اغتيال شهداءنا من الآباء والأجداد بوضع تمثال لمن تسبب في استشهادهم؟
ولمن يتوهمون بأن هذا التمثال سيدر الثروات على بورسعيد من قبل دولة فرنسا، بلد ديليسبس، نقول لهم أنهم حالمون. فالتاريخ الفرنسي نفسه لم ينصف ديليسبس كما يريد هؤلاء إنصافه في مصر... إذ أن تاريخ الرجل، كما ترويها كتبهم، ليست بصفحة بيضاء؛ خاصة وقد حكمت عليه المحاكم الفرنسية بالنصب والاحتيال وعقوبة خمس سنوات سجنا، وكذلك على ابنه الأكبر.. لذلك، نقول أنه لن يسعد بعودة هذا التمثال إلا فئة قليلة ممن دفعتهم عواطف الحنين للماضى لمحاولة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.
الحفناوى يطالب بوضع تمثالا للفلاح المصرى على مدخل قناة السويس
الحفناوى يطالب بوضع تمثال للفلاح المصرى على مدخل القناة
و يتابع الحفناوى رسالته للرئيس ..نتعشم من رئيس الدولة المصرية أن ينبرى مدافعا عن تاريخ الوطن، بوقف تنفيذ هذا المشروع 'المهزلة' الذى يطيح بكل القيم الوطنية لهذا الشعب الذى ظلمه التاريخ... أما إن كنا نريد تسجيل دور ديليسبس تاريخيا، فيمكن وضع تمثاله في متحف، مع الإشارة لما قام به من مغامرات للاستحواذ على القناة وسرقة تصميمات ورسومات المشروع من آخرين، ثم خداع الوالى محمد سعيد للحصول على حق الامتياز، ثم التآمر مع الانجليز للإطاحة بالخديوى إسماعيل ثم احتلال مصر... أما إن أردنا وضع رمزا على مدخل القناة، فلا نرى من يستحق هذا المكان غير الفلاح المصرى الذى حفرها ودافع عنها، فنقيم له تمثالا يستحقه.
السيد الرئيس، نثق فى وطنيتكم الجارفة، ونعلم أنكم ستنصفون الحق بإنصاف قضية آباءنا وأجدادنا دفاعا عن الوطن وكرامته.