ظل مدخل القناة الشمالي علي حاله حتي العيد الثلاثين لافتتاح القناة في عام 1899م عندما أراد المسئولون بشركة القناة تجميل مدخل الميناء وتحويله إلي رصيف بحري، كما أرادوا في الوقت ذاته تخليد ديليسبس صاحب امتياز حفر القناة بإنشاء تمثال له يشرف على الميناء فى النهاية الشمالية للممشى أو الرصيف، وبالفعل أسندت عملية إنشاء الرصيف والقاعدة للمقاول الإيطالي البرتي ' Alaebtti'، أما التمثال فأسندت عملية النحت للمثال الفرنسي إيمانول فرميه 'Emmanuel Fremiet' ( 1824-1910م ).
جاء الرصيف عند بداية إنشائه عبارة عن جسر حجري يعلوه ممشى، يمتد من الجنوب إلى الشمال داخل مياه البحر بطول 350م تقريبًا عند نهايته، وعرضه 6,30م، وارتفاعه 2,60م محمول من أسفل في بدايته من الجنوب وحتي المنتصف تقريبًا على ستة عشر عقدًا مفتوحة تسمح بمرور الماء بين البحر والقناة، وجاء نصف الجسر الثاني حتى القاعدة مصمت دون عقود، يكتنف الممشى من أعلى سوران حجريان قصيران يُتيحا أماكن لجلوس من يتنزهون على الممشى،وفي أوائل عام 1932م قامت الشركة بسد فتحات العقود أسفل الرصيف بسبب انتقال الرمال وطمي النيل إلى مجرى القناة.
قاعدة تمثال ديليسبس
قاعدة تمثال ديليسبس
أما قاعدة التمثال فقد شُيدت في نهاية الممشى علي قاعدة دائرية قُطرها 17م،وارتفاعها 9,40سم،وكان يتم الوصول إليها في الماضي بواسطة خمس من درجات سلم، جاء تصميمها العام على شكل عمود دون تاج قائم على قاعدة على شكل ناقوس مقلوب قائم من أسفل على كرسي كبير نسبيًا، تبدأ بمصطبة مربعة طول ضلعها 7,00سم، وارتفاعها75سم، ثم ارتداد للداخل يحمل مصطبة ثانية مربعة طول ضلعها 5,00سم تمثل كرسي ترتكز عليه قاعدة العمود الدائرية ذات الشكل الناقوسي المقلوب والتي ترتفع من بداية المصطبة الثانية وحتى بداية بدن العمود بطول 2,75م والذي يمثل قاعدة التمثال، وهو عبارة عن كتلة حجرية مصمتة مربعة الشكل مشطوفة الجوانب يبلغ ارتفاعها 3,20م، وعرضها3,00سم, ومنطق بدن القاعدة بحزامين زخرفيان يبرزان للخارج، الأول منهما أعلى القاعدة مباشرة، والثاني عند قمتها.
ترميم قاعدة تمثال ديليسبس
وعلى القاعدة في الناحية الشرقية المطلة علي القناة أسفل التمثال مباشرة حُفر اسم فرديناند ديليسبس وتاريخ ميلاده ووفاته بالأحرف اللاتينية، أسفلها نصبت لوحة برونزية دائرية بارزة يكتنفها فرعين نباتيين من أوراق الغار معقودتين بشريط من أسفل، يلفها أكليل بارز من أوراق نباتية وفي وسطه حفر بالغائر لثلاث كلمات في ثلاثة أسطر:'Aperite Terram Centibu'،وتعنى: 'نفتح الأرض أمام الشعوب'. وهى العبارة التى كانت ضمن رسالة بعث بها ديليسبس فى اليوم الثالث من ديسمبر عام 1854م لعضو البرلمان الانجليزي رتشارد كوبدن 'R. Cobdon' ابلغه فيها أنه قد أخذ على عاتقه أن يفتح الأرض أمام جميع شعوب العالم، ذلك للتهدئة من روعة لما كان يجد ديليسبس من معارضة قوية لمشروع القناة من الإنجليز،أما الناحية الشمالية والجنوبية فقد زُخرفت بواسطة عوامة من البرونز معقودة بحبل يتدلي منها.
تمثال ديليسبس
أما عن التمثال فوق القاعدة: فقد صُنع من البرونز، وطُلي باللون الأخضر البرونزي، مجوف من الداخل يزن 17 طن، ويرتفع بالقاعدة المعدنية 7,5م، موزعة كالتالي 40 سم لقاعدة التمثال حيث حفر عليها بالغائر اسم المسبك وتاريخ الصنع:'LEBLANC-BARBEDIENNE 1899 FOUNDEUR PARIS '.
اثناء نسف تمثال ديليسبسأما النصف الأسفل من التمثال بداية من القاعدة وحتى وسطه بطول 4,30م، والنصف الأعلى من وسطه حتي الرأس ارتفاعه 2,80م.نحت التمثال بغرض الاستخدام التذكاري التخليدي أو ما يُمكن أن نُطلق عليه النحت النصبي الذي يرتبط بحدث تاريخي توثيقي.كما يُعتبر التمثال من الناحية الفنية من أعمال النحت المجسم ذو الكتلة المستقلة عن الخلفية ثلاثية الأبعاد، والتي يُمكن رؤيته من جميع النواحي، وصمم ببعد يزيد عن الحجم الطبيعي، يمثل محاكاة دقيقة لشخص ديليسبس تميز بالعمق في الواقعية والمشابهة الجامعة بين التمثال وصاحبه, فسحنة التمثال تحمل سمات وقسمات تُعبر بصدق شديد عن الملامح الأساسية التي تصدق علي شخصية ديليسبس, ويبدو ذلك حين جسد المثال ديليسبس يقف شامخًا في زهو واعتزاز وثقة بالنفس يتكئ على ساقه اليمني، بينما ساقه اليسري تمتد قليلًا للأمام تُوحي بحركة وشيكة، وتُعبر عن التحفز والعزم والإقدام, مرتديًا ملابس أنيقة ذات تفاصيل مواكبة لعصر صُنع التمثال, فبدا يرتدي قميصًا ذو ببيون عند العنق يعلوه صديري أسفله بنطلون ذو طيات وحذاء بقدميه يعلوها عباءة زُخرفت من الخلف أعلى الظهر بشريط ذو زخارف هندسية من مثلثات أسفلها زخارف نباتية.
كما عالج الفنان المسطح الضخم للعباءة من الخلف بقيم جمالية تتأكد مع الظل والنور الذى نشأ من تنوع أحجام طيات العباءة ومعالجته للخطوط التى تنتقل من المنحنيات للمستقيمات فى ليونة وطراوة دون تعقيدات، وهى ذات كمين خرجت منها يداه اليمنى مرفوعة لأعلى يُشير بها إلى القناة داعيًا السفن للمرور عبرها، بينما حركة أصابع اليد تُشير إلى بعث القناة للوجود والانتصار على الطبيعة، أما اليد اليسري إلى جانبه يقبض بها بقوة على خريطة حُفر عليها بالغائر رسم لمشروع القناة تحتوى على طيتين بواقع ثلاث مراحل لصفحات متساوية ربما أوحى بها إلى مُدن القناة الثلاث.
تمثال ديليسبس
أما وجه التمثال يطل ناحية الجنوب الشرقي للميناء واستطاع النحات أن ينقل من خلاله التفصيلات البسيطة في قسماته، فالعيون غائرة داخل محاجرها تتطلع بنظرة ثاقبة، والأنف طويل معقوف نسبيًا، وفم حاد الشفايف يعلوه شارب عريض كث الشعر،وتجاعيد بسيطة تعلو الذقن والرقبة، كما تبدو قدرة النحات على تتبع التفصيلات البسيطة في التمويجات المتراكبة لخصلات شعره وانحساره قليلًا عن الجبهة, ولم يفت النحات أن يصبغ هذه التفاصيل بابتسامة بسيطة تُعبر عن الاعتزاز والثقة بالنفس والقدرة على الإنجاز.
وليس هناك شك في أن هذا التصميم الصرحي المتكامل والتوافق الواضح بين عناصره، الممشى والقاعدة وما عليها من كتابات وحليات معدنية ودلالتها الرمزية والتمثال على قمتها يُؤكد سيطرة الفنان الكاملة على مقومات التمثال.
وأثارت صورة تداولتها صفحات التواصل الاجتماعي 'فيس بوك'، استياء وغضب الكثير من أبناء المدينة الباسلة حيث التقطت صورة لتمثال ديليسبس وهو محمول على قاطرة بقناة السويس متجهًا إلى الإسماعيلية وسط ظلام قاتم؛ الأمر الذي فسره البعض أنه تهريب التمثال وليس نقله حيث كانت هناك تضارب فى الاراء بين أهالي مدينة بورسعيد ما بين مؤيد ومعارض لوضع التمثال على قاعدته ببورسعيد.
نقل تمثال ديليسبس
وكان قد شهدت قاعدة تمثال ديليسبس ترميما خلال الفترة الماضية الامر الذى أدى إلى استياء بعض أهالي بورسعيد ورفضهم وضع التمثال على قاعدته حيث أنهم ربطوا عملية تطوير القاعدة بوضع التمثال عليها وشهدت صفحات التواصل الاجتماعى الفيسبوك هجوما شرسا على المسؤلين مطالبين عدم وضع التمثال على قاعدته معتبرين أن ديليسبس رمز للسخرة والاستعباد وأن التاريخ يشهد بأنه 'نصاب'.
من ناحيتها، وجهت الدكتورة منال الغراز، مناشدة لمحافظ بورسعيد قائلة: ياسيادة المحافظ وعدتنا وحلمنا معاك بممشي عالمي وتخطيط لشارع فلسطين والتمثال يرجع علي قاعدته .. ساندناك بكل قوتنا ووقفنا في ضهرك كل أهل بورسعيد وبعد كل ده يتكسر حلمنا .. فين التطوير اللي وعدتنا بيه ارجع للصفحة الرسمية للمحافظة وهي منزلة فيديو وتمثال ديليسبس علي قاعدته ... فرطتوا في التمثال ليه فهمونا عرفونا'.
وعقب السيد الدنجاوي أنه تصرف فيه غموض فى الصورة الرافعه عملاق وهى احدى رافعات قناة السويس والتمثال معناه منقول كما اشيع الى الاسماعيليه يعنى حتى كل مايتعلق بتاريخ بورسعيد بيسلب منها على الأقل كان وضعوه فى متحف بورسعيد. بيفكرنى باللنش اللى ضرب المدمره ايلات ليه يبقى فى إسكندريه وليه مش موجود فى متحف بورسعيد هو كان ضرب المدمره ايلات فى اسكندريه.
وأضاف أشرف رضوان انه تناقلت اخبار عن نقل تمثال ديليسبس ليلا إلى مكان آخر غير مكانه المؤقت داخل مخازن هيئة قناة السويس، أتمنى أن حدث ذلك يكون اتجاهه الى قاعدته الاصليه ببورسعيد. وخروج التمثال الاثر خارج بورسعيد جريمة يراد بها محو هوية بورسعيد كأهم أثر مرتبط وملازم لمدينة بورسعيد.