المؤرخ البورسعيدي ضياء القاضي: الفدائيون استخدموا الدراجات لخطف جنود الاحتلال

محررة "أهل مصر" مع المؤرخ ضياء القاضي
محررة "أهل مصر" مع المؤرخ ضياء القاضي

سطر أهالى المدينة الباسلة حروفا من نور فى مقاومة العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 فقبلوا التحدى منذ اللحظة الأولى لبدء المعركة فتم توزيع الأسلحة وتهافتت جموع الشعب البورسعيدى لكى يحصل كل فرد على قطعة سلاح وذخيرة.

والتقت "أهل مصر"، المؤرخ البورسعيدى ضياء الدين حسن القاضى ليروى أحداث شهر نوفمبر عام 1956 "العدوان الثلاثى على بورسعيد".

يقول القاضى إن مدينة بورسعيد نظمت مظاهرة شعبية على هيئة جنازة صامتة على روح الشهيدين البطلين حسن سليمان حموده ورمضان السيد من نقطة سقوطهما شهيدين عند تقاطع شارع محمد على والثلاثينى، استمر خط سير المظاهرة حتى نهاية المدينة إلى مكان دفنهما.

ويتابع "على إثر تلك المظاهرة أصدرت القيادة البريطانية أمرا بحظر التجمع لأكثر من 16 شخصا خوفا من تكرار تلك المظاهرة، كما تم تنبيه قوات الطوارىء الدولية بعدم السير بجانب أو مع القوات المعتدية حتى لا يصيبهم أى أذى من قبل قوات المقاومة الشعبية التى تتصدى للقوات المعتدية".

ويواصل "كما امتلأت شوارع بورسعيد الرئيسية بالعديد من الدمى المعلقة من رقابها لتمثل قادة الحملة البربرية "ايدن وموليه وبن جوريون"، كما غطيت جدران منازل شارع الثلاثينى بالملصقات ذات الشعارات العدائية ضد القوات المعتدية تتوسطها جمجمة وعظمتين التى تمثل شعار الفدائيين، كما انتشرت صور الرئيس جمال عبد الناصر على الأعمدة الخرسانية لعمارات هذا الشارع".

ويكمل "من الذكريات الجميلة عن معركة بورسعيد فى 56 التى سمعتها مصادفة من أحد السادة الذين يحتلون مركزا مرموقا فى الدولة أن والده المرحوم الحاج محروس عبد الهادى كان قد تعاقد هو وشقيقه الحاج حلمى وهما كبار تجار المسلى البلدى فى بورسعيد مع تجار المسلى فى المنيا وأثناء شحنها وإرسالها لبورسعيد كانت القوات المعتدية قد احتلت المدينة فلما علم المسؤلين بالقاهرة بخط سير العربة وأنه سينتهى عند حدود بورسعيد أرسلوا مع سائق اللورى المحمل بالسمنة تعليمات مهمة لمحافظ المدينة "الحاكم العسكرى لبورسعيد".

ويشير إلى أنه "بوصول اللورى لحدود المدينة عند المنطقة الحرام منعته القوات البريطانية من دخول بورسعيد فتوجه الشقيقان لمقابلة المحافظ محمد رياض الذى اتصل بقيادة قوات الطوارىء الدولية التى سمحت فى النهاية بدخول شحنة المسلى البلدى إلى المدينة المحاصرة فأمر المحافظ بتوزيع الشحنة على مستشفيات المدينة التى كانت قد أعدت مطاعم شعبية لإطعام الجرحى المحتاجين المشردين من أهل المدينة التى دمرت منازلهم وبعد جلاء القوات المعتدية منح المحافظ الشقيقان تجار "السمنة البلدى" ميداليتان من ضمن من وزع عليهم ميداليات لمساهمتهم بدور متميز فى المعركة كما قامت لجان التعويضات التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية بصرف التعويضات المناسبة عن تلك الشحنة".

وضيف "فى الثالث والعشرين من نوفمبر احتلت دبابات ومصفحات وسيارات القوات المعتدية شوارع المدينة وتمركزت قواتها حول شكاير الرمل محتمية خلفها بنواصى الشوارع خوفا من الهجمات المضادة من الفدائيين كما ركزت دورياتها فى حى العرب لإرهاب الأهالى فما كان من الصبية الصغار أن ساروا خلفهم يتتبعوا خطاهم وحملوا بنادق من الخشب على أكتافهم وصناديق كرتون وراء ظهورهم على أنها أجهزة لاسلكى استخفافا بهم".

ويكمل "فى اليوم التالى حاولت القوات البريطانية الاحتماء بالقوات الدولية وتوريطها فى اشتباكات مع الأهالى لكنها فشلت لأن الأهالى كانوا يعرفون قوات الطوارىء من قبعاتهم وخوذاتهم الزرقاء كما سبق تنبيههم بعدم السير بالقرب منهم حتى لا يصابوا من هجمات الفدائيين".

ويردف "انتشرت قوات الطوارىء الدولية فى الشوارع والمناطق التى تم انسحاب القوات البريطانية منها وأجمعت المدينة على استمرار المقاومة الشعبية وعدم التعامل مع قوات الأعداء فتم إغلاق جميع المحال فى وجههم بالرغم من محاولات قادتهم بالإغراء تارة والوعيد تارة أخرى".

ويواصل " صرح ستوكويل بأن انسحاب القوات المعتدية سيتم خلال ثلاثة أسابيع وكان يقصد من ذلك التخفيف من حدة الهجمات التى يقوم بها رجال المقاومة الشعبية ضد قواته والتى كانت تتزايد يوما بعد يوم".

ويضيف "الفدائيون استخدموا الدراجات فى اختطاف جنود الدوريات المارة بشوارع المدينة فعلى سبيل المثال إذا كانت الدورية مكونة من أربعة جنود يركب أربعة من الفدائيين 4 دراجات بحيث يتولى كل واحد منهم اختطاف سلاح كل واحد من الأربعة جنود ويهربون لذلك أصدر ستوكويل أوامره بمصادرة أعداد هائلة من الدراجات وحاول تعكير الصفو بين أبناء بورسعيد والقوات الدولية المتواجدة فى المدينة فعرض أن تسير دوريات مشتركة من القوات البريطانية وقوات الأمم المتحدة إلا أن الجنرال بيرنز أصدر أوامره لقوات الطوارئ الدولية التابعة له بأن يكون دورياتهم مستقلة حفاظا على شعور أبناء بورسعيد".

ويتابع "حاولت القيادة البريطانية التودد لقائد القوات الدولية اليوغسلافية ""رادوسفيك" بأن يقوم الجنود البريطانيون بمساعدة قواته الواصلين بحرا من تفريغ سفنهم إلا أن القائد اليوغسلافى تيقن لما تقصده القوات البريطانية من إحراجهم أمام أبناء بورسعيد وعلى العكس رحب القائد اليوغسلافى بقيام متعهد عمال مصرى فى أن يقوم بتفريغ سفنه مع زملائه من العمال المصريين".

ويختتم " فى يوم الجمعة الموافق 30 نوفمبر عام 1956 قام أطفال مدينة بورسعيد بالسير على هيئة دوريات وهم يحملون على أكتافهم بنادق خشبية وعلى ظهورهم صناديق من الكرتون تشبه اللاسلكى كنوع من الاستهزاء بدوريات القوات المعتدية".

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً