من رحم المعاناة وُلد الأمل، ومن قلب المأساة أتى شعاع النور، هكذا حال الكثير من نساء قنا اللاتي رفضن الاستسلام، وحفرن في الصخور من أجل لقمة العيش، وتوفير حياة كريمة لذويهم، حتى في الظروف الاستثنائية بعد انتشار جائحة كورونا التي تضرب البلاد، من بينهن 3 سيدات أسدل عام 2020 عنهن الستار، ليصبحن قدوة في نظر رواد السوشيال ميديا لممارسة المهن الشاقة التي تصعب على الرجال لسنوات طويلة.
في السطور التالية سوف نستعرض قصص كفاح 3 نماذج من سيدات قنا هن 'صباح العتالة والمعلمة نورا الجزارة، وصبرية او منى قوت حفارة القبور' حيث أبدعن سنوات طويلة لتوفير لقمة العيش وجاء عام 2020 ليتربعن على عرشه بتكريمهن بعد نشر قصصهن على مواقع التواصل الإجتماعي وكان لموقع 'أهل مصر' الفضل في اكتشاف حالتين منهم.
صباح أول عتالة في قنا
كان عام 2020 بشرة خير لأول عتالة في قنا، بعد أن انفردت 'أهل مصر' بنشر أول تقرير عنها في أول أيامه، أثناء عملها في حمل الحديد والأسمنت منذ 14 عامًا، لم يمضي كثيرا عنه حتى كُرمت من المواطنين أولًا على كدها ومعاناتها، ثم جاء تكريمها من اللواء أشرف الداودي، محافظ قنا بمبلغ مالي وشهادة تكريم.
وقالت صباح أحمد علي، 50عامًا، في التقرير بأنها مقيمة بمنطقة السنابسة، مركز الوقف، شمالي قنا، تزوجت وهي صغيرة السن، من أحد شباب قريتها، 'عامل أجري'، وأنجبت منه 3 أبناء، كانت لا تعرف عن العمل خارج المنزل شيئًا، ولكن ظروف الحياة القاسية غيرت مجرى حياتها وحولتها إلى 'عتالة'.
وأضافت 'صباح العتالة ' في حديثها لـ 'أهل مصر' بأن زوجها كان يعمل بالأجر اليومي، ولا يجد عمل بصفة مستمرة، كان يعمل يومًا وآخر لا يعمل به، لعدم وجود عمل، ومستلزمات أسرته وأطفاله تزداد، فكان يلجأ للدين حتى يوفر ما يحتاجونه، وظل هكذا حتى كثرت ديونه ولا أحد يقبل إعطائه شيئًا إضافة إلى مطالبة أصحاب الدين بمستحقاتهم، فصعب عليه الأمر، حتى اضطر للفرار هاربًا إلى القاهرة، تاركًا زوجته وأطفاله وحيدين بالقرية محاصرين بالديون، لا يوجد في منزلهم غير الآدمي قوتهم.
وتابعت أنها عندما وجدت أسرتها تضيع أمام عينها، قررت الخروج للعمل، ولكن لعدم وجود عمل مناسب لها، بجوار منزلها حتى ترعى أطفالها بجانب العمل، اضطرت إلى العمل فى مهنة تكون شاقة على الرجال أنفسهم، أصبحت تعمل 'عتالة' تحمل الحديد والأسمنت لبيعه للآخرين، لقرب ذلك العمل من منزلها منذ عام 2006 حتى الآن وهي تمارس هذه المهنة.
لقصة كفاحها من هنا
لتفاصيل تكريمها من هنا
أول جزارة في قنا
جاءت الحالة الثانية التي يرجع فضل اكتشافها لموقع 'أهل مصر' بعد كتابة تقريرًا عنها، فانبهر الشعب القنائي بقصتها في إكمال مسيرة والدها بعد مرضه بمحل الجزارة ولقبها ب 'المعلمة نورا الجزارة' وهي طفلة، والتي تم تكريمها من قبل محافظ قنا بعد نشر قصتها بشهادة تقدير ومبلغ مالي.
قالت نورا بسيوني أحمد، والمشهورة بـ 'المعلمة نورا الجزارة'، صاحبة الـ 26 عامًا، عزباء، في لقائها، بأنها تقيم في قرية المحروسة، التابعة لدائرة مركز قنا، تعمل في مهنتها منذ 15 عامًا، بعد أن تعلمتها من مشاهدتها لوالدها عندما كان يصطحبها معه في صغرها أثناء عمله.
وأضافت المعلمة نورا الجزارة لـ ' أهل مصر'، إنها أصغر أشقائها ال 6، وجميعهم متزوجون، وتدرجت في حديثها عن مهنتها أنها في طفولتها كانت تقضي كل أوقاتها في محل والدها الذي ورثه عن جدها، كانت عيناها لا تنظر إلى الألعاب والحلويات التي كان تُشترى لها مثل بقية الأطفال، ولكنها كانت محدقة على الساطور الذي يقطع اللحوم إربًا بتحرك أيدي والدها، واستمرت هكذا حتى تمكنت من إمساكه لمجرد اللهو في البداية ثم تعودت مع تقدمها في العمر حتى قررت العمل بالمهنة ومساعدة والدها داخل محل الجزارة.
لقصة كفاحها من هنا
لتفاصيل تكريمها من هنا
وفي الشهور الأخيرة لهذا العام ظهرت 'حفارة القبور' التي أدهشت الجميع خلال عام 2020، بقوة تحملها وصبرها عشرات السنين على مأساتها في العمل حافية القدمين على الأشواك أقل ما يوصف عن عملها الشاق، والتي ساندها المسئولين بكل الدعم، بعد نشر قصتها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، حيث تم تكريمها بمبلغ مالي وشهادة تقدير إضافة إلى العمل على ترميم منزلها، تعويضًا عن ساعات قليلة قضتها في عملها الشاق الذي لا يتحملونه الرجال.صبرية أول حفارة قبور في قنا
لحظة تكريم حفارة القبور في قن
وقصتها هي صبرية السباعي وشهرتها 'منى قوت' فتاة إربعينية لم تتزوج بعد، تعمل بمهنة 'حفر المقابر' بقرية الحلة، مركز قوص، جنوب محافظة قنا، لتتمكن من الإنفاق على أسرتها المكونة من 8 أفراد، كأول سيدة على مستوى صعيد مصر وإن لم يكن الجمهورية، تعمل هذه المهنة التي يصاحبها عدة مهن شاقة منها طلوع النخيل لجنيه، والعمل بالمنازل، وإزالة القمامة، وبيع الخضروات، كل ذلك لتحصل على رزق من عرق جبينها، بعد تخلي والدها وإخوتها الذكور عنها.
وقالت 'صبرية السباعي' في لقائها مع 'أهل مصر'، أنها تعمل في مهنة حفر القبور منذ 5 أعوام، بدأتها بالتطوع مع شباب قرية الحلة، واستمرت تمارسها يوميًا مع حفارين رجال حتى امتهنتها وأصبحت تعيش قصص وحكايات معها، ولتعودها على العمل الشاق منذ طفولتها، فلم تشعر بالألم والوجع الذي يصيب قدميها ويديها من إمساك الآلات الحادة الثقيلة لفترات طويلة حتى تنتهي من حفر أي قبر.
وأضافت 'حفارة المقابر' أنها مع بداية عملها في المقابر انتقدها الجميع كونها سيدة وليس من عادات وتقاليد القرية وجود سيدات أثناء دفن الموتى، لكن إصرارها على التطوع وعمل الخير أقنعت الجميع بامتثالها هذه المهنة بل وأصبحوا يساندونها ويطلبون منها الحفر عند وجود حالة وفاة مفاجئة.
لتفاصيل التكريم من هنا
لقصة كفاحها كاملة من هنا