للوهلة الأولى تظن أنه لديه قوة نظر حادة، لدقة عمله وتركيزه الشديد، لكن ستصدم عندما تعرف أنه كفيف.. روماني نجيب أشهر ميكانيكي دبرياج وفرامل في الأقصر، فقد بصره منذ 30 عاما، لكنه لم يفقد البصيرة، تحدى إعاقته وقدم نموذجا في الصبر والإرادة في ورشة متواضعة شرق السكة الحديد، يعرف روماني كل تفاصيلها وأماكن الماكينات والمعدات والأدوات كأنها يراها تماما، يستقبل زبائنه من كل أنحاء الأقصر الذين يعرفونه ويثقون في عمله ويفضلونه عن غيره لخبرته وأمانته.
وقال روماني إنه فقد بصره حينما كان في الـ19 من عمره إثر مشكلة طبية حدثت في العين انتهت بفقد بصره تماما، جلس أكثر من عام في منزله مصابا بالاكتئاب لا يدري ما الحيلة، حتى جاء في يوم قرر أن يستأنف عمله في الميكانيكا في خطوة أصابت عائلته بالدهشة كيف لكفيف أن يعمل في مهنة خطرة كالميكانيكا، لكنه أصر على نزول الورشة والعمل، وبالفعل بدأ في العمل الذي كان في البدء شاقا صعبا لكن مع الوقت بدأ في التعود على العمل.
وأضاف روماني، قائلاً: 'كان الأمر صعبا في البداية لكن مع الوقت اعتدت على العمل وعرفت أماكن كل شئ في الورشة ومعي أخي وابني يساعدني، لكن أكثر ما يشعرني بالاستياء هو أن لا أرى يد من يسلم علّى بالورشة ويكون لا يعرف ظروفي ويظن أني أتجاهله، لكن عدا ذلك فأنا سعيد بالعمل ولا أخاف من المعدات الخطرة، مثل الصاروخ وغيرها؛ لأنني ببساطة فقد عوضني الله بنعمة البصيرة.
وأشار الميكانيكي الكفيف إلى أن الكثير من الزبائن يعرفونه ويثقون في عمله، لكن ذلك لم يحدث في وقت قصير، بل أخذ وقتا حتى عرف الناس خبرته وإتقانه لعمله، لكن في البدء كانت الزبائن تخاف من التعامل معه أو ترك سيارته لتصليحها، خاصة وأنه يعمل في أهم أداة في أي سيارة وهى الفرامل.
وتابع: الكثير من هؤلاء الزبائن يصلحون سياراتهم لدّي باستمرار، معظمهم لم يكتشف حتى اللحظة أن من يصلحها كفيف، والشيء الوحيد الذي ربما يكشف لهم ذلك هو عندما يمد أحدهم يديه للسلام، حينها يدركون أنني كفيف.