«أيمن» صانع الفخار يتفنن في صنع الأواني والمساقي باستخدام «الدولاب والطبلية» (صور)

«فاخورة الدقهلية» شاهدة على تاريخ أقدم الحرف الشعبية
«فاخورة الدقهلية» شاهدة على تاريخ أقدم الحرف الشعبية

أيادٌ ملطخة بالطين، تمسك بقطع العجين اللينة، وتشكّل بأناملها تحفًا فنية بضغطات بسيطة، وفي الأسفل، أقدام تتحرك بتجانس ومرونة، ليعزفا الإثنين معًا مقطوعة من المهارة والحرفية.

في منطقة متاخمة داخل إحدى الأراضي الزراعية، على أطراف مدينة طلخا، بمحافظة الدقهلية، تقع 'الفاخورة'، المكان العتيق الشاهد على تاريخ أحد أعرق الحرف اليدوية، وهي صناعة المنتجات الفخارية، ويرجع عمره لأكثر من 100 عام، وتخرج منه 'عتاولة المهنة'.

وداخل كوخ مبني من الطوب اللبن، يجلس أيمن سعد، صاحب الـ52 عامًا، أمام 'الدولاب'، تلك الآلة اليدوية التي يتجاوز عمرها 51 عامًا، وتتكون من طبلية في الأسفل موصولة بعمود يحمل أسطوانة، ويحيطه كميات من الطمي المبلل المُعد لتشكيل الأواني الفخارية.

فيضع 'سعد'، كمية على الطين على قرص الدولاب، وقدمه تحرك الطبلية، بينما تعزف يده على الطمي المبلل ألحانًا، ويدوران معًا في اتجاه معاكس، ويخرجان قطعًا فنية تجذب الأنظار.

ورث 'سعد'، حرفة صناعة الفخار، أبًا عن جد، وتعلمها في عمر 6 سنوات، وكان يساعد والده في الفاخورة، حتى أتقن أدق التفاصيل، وظل يتعملها حتى اختبره والده على استخدام الدولاب، واستطاع إبهاره بالأواني التي شكّلها بيده.

التجانس والإحساس هما أساس صناعة الفخار، والتي تبدأ بعجن التراب الناتج عن تجريف الأراضي الزراعية بالمياه، وتصفيته من الشوائب، وتركه في الهواء حتى يجف ويصبح ناعمًا، ويضاف إليه الرماد الناتج عن الحرق، ويخزن لفترة داخل بيت الطين، وتبدأ بعدها مرحلة التشكيل، ووضع المنتج في الشمس ليجف.

تسوية الأواني الفخارية تستغرق شهورًا، حيث يتم حرقه في فرن مخصص يعمل بمخلفات القصب والقش، لمدة 3 ساعات، ثم تركه في الهواء حتى يتحول لونه للأحمر ويجف، وحسبما أوضح سعد، فإنه على مدار سنوات عمره، تفنن في صناعة جميع أشكال الأواني، منها المزهارية، وأوانٍ للطعام والشراب، وأخرى للطيور.

المراحل المختلفة لصناعة الفخار جعلت من فاخورة طلخا مزارًا يستقطب رحلات المدارس، للتعرف على الحرفة الشعبية القديمة، والتي مازالت محتفظة بأدواتها البدائية حتى الآن.

وعلى مدار عقود طويلة، ظلت حرفة صناعة الفخار، أحد أشهر الحرف الصناعية التي عرفتها مصر، وعلى الرغم من قدمها، إلا أنها أصبحت تصارع البقاء لقلة العاملين بها، وأرجع سعد السبب إلى سفر عدد كبير من الأيدي العاملة للخارج، وفتح أسواق للفخار المصري هناك.

WhatsApp
Telegram