أصبحت جلسات الصلح العرفية سمة مميزة، خلال السنوات الأخيرة، بمحافظة القليوبية، يلجأ لها أطراف الخلاف بين العائلات بالقرى والنجوع والمدن، وذلك لإنهاء النزاعات العائلية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإزالة أسباب الخلاف، وعودة التواصل، ويقوم بها الحكماء وكبار العائلات ويطلق عليهم 'المحكمين العرفيين'، وتسري أحكامهم على الجميع.
يؤتى الحكمة من يشاء
'أهل مصر' التقت عددا من المحكمين العرفيين بالقليوبية، وذلك لمعرفة شروط التحكيم وتفاصيل عقد الجلسات وكيفية تطبيق أحكام الجلسات.
يقول الحاج حسين شحاتة عجاج، أحد المحكمين العرفيين بمركز بنها بمحافظة القليوبية: القضاء العرفى متوارث وبدأ منذ أكثر من 40 عاما، وليس الجميع مؤهلين ليكونوا قضاة عرفيين، والله تعالى يقول 'الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس'، ويقول ' يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ'.
وأضاف: القاضي العرفي له مواصفات منها أن يكون ذا سمعة طيبة، وعادلا، ويعرف الأصول، وملم بالثقافات والمشاركة بالقضايا، ولديه ثقل معنوى وأدبى لتنفيذ حكم الجلسة، ويحكم بالعدل، والله خير الحاكمين.
نجتهد ونخطئ ونصيب
وأكد حسين: العدالة المطلقة عند الله، وأحكام العرف هى عدالة نسبية تخضع للاجتهاد وفيها نخطئ ونصيب، وأصل العرف شيئ اجتماعى لتحقيق العدالة الاجتماعية وإزالة الخلاف، وهى ليست فرضا حيث يأتى طرفا الخلاف ويتم التوقيع على إيصالات أمانة لربط الجلسة، وهناك تأديب مادى ومعنوى، وليست كل الجلسات تراضى فقط، ولكن هناك أشياء لابد الوقوف عليها، فالعين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص، وكما قال الله تعالى 'ولكم فى الحياة قصاص يا أولى الألباب'.
وأوضح: هناك حقوق معنوية أدبية ترضى الخواطر ويتم التراضى والتصالح فى خلافات الجيرة والخلافات العائلية، ولكن هناك ثوابت للأحكام مثل الأعراض والأموال المنهوبة والعقارات المسلوبة، والجروح قصاص كما أمر الدين الإسلامي، فهى قضايا إصلاح مجتمعى ورفع العبء عن الجهات الأمنية والقضائية.
القانون إجراءات ومستندات وشطارة محامي
وقال المحاسب هانى البحيصى، إن حوالى 80 % من القضايا تحل بالقضاء العرفى، لأنه ناجز ويتم خلال ساعات مقارنة بالقضاء القانوني الذى تصدر أحكامه بناء على إجراءات ومستندات، وهناك شطارة المحامي، قائلا 'أهل مكة أدرى بشعابها ونحن أدرى بارتكاب الوقائع، ويتم إحضار طرفي الخلاف وفى حالة عدم استجابة أى من الطرفين يتم التوجه للقضاء، ولكن فى حالة حضور الطرفين تتم الجلسة بمحضر جلسة رسمى بشهود ويعترف به فى القضاء المصرى.
ويلفت البحيصى، إلى حضور الجهات الأمنية للجلسات العرفية الكبيرة لتأمين الجلسات، وتعتبر أكثر الجلسات قوة هى القتل وفيها الدية وتقديم الكفن.
أخذ مبلغ التعويض لا حرج فيه
وأوضح إسماعيل يونس بصلان، من قرية عرب المقابلة جيرة بلى مركز بنها، يعمل فى التحكيم، أنه فى حالة وجود أى خلاف بين طرفين لا ننتظر الجلسة ونذهب بطرف إلى طرف، ولكن إن وجد رفض للصلح يتم إحضار الطرفين خلال جلسة عرفية وربطهم بالتوقيع على إيصالات أمانة ويتم تحديد معاد لعقد الجلسة، ويوم انعقاد الجلسة يقول كل طرف حجته، ولا يتحدث الطرف الآخر خلال الحديث، وفى حالة إثبات الحكم على المخطئ يتم إصدار قرار بالعقوبة بمبلغ مالى كتأديب للطرف المخطئ، يسدد في خلال 40 يوما، ويتم التنازل عن القضايا خلال تلك المدة.
وقال بصلان: إذا أخذ المقضي له مبلغ التعويض، فلا حرج عليه وهو حلال شرعا، لقول الله تعالى 'ولكم فى القصاص حياة'، وإذا تنازل صاحب الحق فهذا فضل منه، والله تعالى يقول 'ولا تنسوا الفضل بينكم'.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
