كانت مدينة بورسعيد عبارة عن قرية للصيادين، يعود تاريخها إلى العصور القديمة، وفي العصور الوسطى وعقب الفتح الإسلامي لمصر أصبحت حصنًا وميناء نشطًا، لكنها هدمت أثناء الحروب الصليبية وزالت كل آثارها، وفي العصر الحديث وعندما بدأ فرديناند ديليسبس العمل في حفر قناة السويس في عهد الخديوي سعيد سنة 1859 بدأ العمل بإنشاء مدينة بورسعيد الحديثة حتى تشرف على المدخل الشمالي لقناة السويس.
ظهور بورسعيد لأول مرة على خريطة العالم كان يوم وصول ديليسبس لتلك المنطقة
وبورسعيد اسم مركب من كلمتين: 'PORT' ومعناه ميناء، و'سعيد' وهو خديوي مصر في ذلك الوقت، ويرجع أصل هذه التسمية إلى اللجنة الدولية التى تكونت من إنجلترا وفرنسا وروسيا والنمسا وأسبانيا وبيد مونت، وقررت اللجنة خلال اجتماعها الذى عقد فى عام 1855 اختيار 'اسم بورسعيد' على الثغر المقترح إنشاؤه فى شمال القناة تيمنا بالوالي سعيد باشا والي مصر آنذاك.
يقول المؤرخ البورسعيدى ضياء القاضى: 'إن ميلاد مدينة بورسعيد وظهورها لأول مرة على خريطة العالم كان يوم وصول ديليسبس لتلك المنطقة، وذلك في شهر رمضان الكريم، وتزامنًا مع احتفال أجددانا بضرب أول معول في حفر قناة السويس، واليوم تمر الذكرى ١٦٤ لميلاد بورسعيد '.
وأوضح 'القاضي' في حديثه لـ 'أهل مصر' بمناسبة الاحتفال بمرور ١٦٤ عامًا على إنشاء مدينة بورسعيد: أنه فى يوم الاثنين 25 أبريل عام 1859 توجه ديلسيبس ومعه 150 فردًا ما بين مهندس وعامل ومنهم ثمانية مهندسين فرنسيين على رأسهم 'فوزان بيه' و'لاروش' وقاموا بعد أن سبق له اختيار تلك النقطة التى تقع عليها بورسعيد الآن بضرب أول معول فى أرض قناة السويس ذاكرا فى خطبة له 'أن هذا العمل الذى سيقومون به من الآن خدمة لكم ولمصر وللبشرية كلها'، وأنهى خطبته بتحياته للوالى محمد سعيد باشا الذى منحه فرمان حفر قناة السويس وقام بعده العمل بالحفر كل فى مقطوعيته وهى متر مكعب من الرمال فى اليوم الواحد لكل عامل.
ناتج حفر القناة استخدم فى ردم المدينة
وأضاف القاضى، أن عند تلك النقطة قام برفع العلم المصرى وعلم شركة قناة السويس على ساريين أقامهما فى مكان الحفر، والنقطة التى بدأ فيها ديليسبس ضرب أول معول للحفر تقع أمام المبنى الإدارى لشركة قناة السويس العالمية الحالي ذات الثلاث قباب من الفوسيفساء، وهى الآن مغمورة بمياه قناة السويس، واستغل ديليسبس ناتج الحفر فى ردم المدينة حيث كانت تلك المنطقة 'قفرا' تغمرها المياه فى زمان فيضان النيل ويكثر فيها البعوض وغير مؤهله بالسكان الا بعض المجموعات المنتشرة من الاخصاص حيث كان يستغلها صيادوا السمك والطيور المهاجرة لاستظلال بها من حرارة الشمس فى ذلك المكان القاحل.
ديلسيبس لم يستخدم الكورباج فى منطقة بورسعيد
وتابع المؤرخ البورسعيدى، أن هناك كلمة حق لابد من قولها وهي أن ديلسيبس لم يستخدم الكورباج فى منطقة بورسعيد؛ لأن أرضها من الرمال وسهلة الحفر على عكس المناطق الأخرى مثل: عتبة الجسر التى كانت أرضها صخرية مكان يهربون العمال منها لذلك استخدم فيها الكورباج وتلك المناطق لم تكن فى بورسعيد بل بالقرب من الاسماعيلية والسويس.
القاضى يحكى تاريخ انشاء بورسعيدالقاضى يحكى تاريخ انشاء بورسعيد.
اللجنة الدولية هى من اختارت اسم بورسعيد
وأكد القاضي، أن ديليسبس استغل ناتج الحفر فى ردم المدينة وقام بعمل حاجز أمواج شمالى ليقى المدينة هجمات أمواج البحر فى الشتاء، مشيرًا إلى أنه لما طرحت فكرة وصل البحرين تقدمت العديد من اللجان وأجرت أبحاثها على أرض قناة السويس كل وله مجموعة من علمائه وكان من ضمن تلك اللجان اللجنة الدولية التى اختارت ديليسبس مشروعها لوصل البحر الأبيض بالأحمر باعتباره أسهل المشروعات تنفيذا وقد مثلت تلك اللجنة دول انجلترا، وفرنسا، والنمسا، وبيدمونت، وتلك اللجنة فى اجتماعها عام 1855 قبل الحفر هى التى اختارت اسم بورسعيد أى ميناء سعيد وذلك تيمنًا بالوالى محمد سعيد باشا والى مصر، الذى منح ديليسبس فرمان الحفر، ولم يكن الحفر فى تلك المنطقة سهلا لأنها كانت خالية من أى مقومات للحياة، ولكن ديليسبس كان يمتاز بالذكاء لأنه قام بدراسة كل مشكلة ووضع حلول لها.