اعلان

«العدودة».. رثاء سيدات الصعيد لموتاهم في الأقصر

أرشيفية
أرشيفية

بالرغم من التحضر والتعليم إلا أن هناك مشهد لم تخلو منه قرى ونجوع الأقصر، عند حدوث كل حالة وفاة حتى يومنا هذا وهو بقاء عادة انتشار «العدودة» و«العِديد»، فى الأحزان والذي ما زال يسيطر على ألسنة نساء أهالى الأقصر، وخاصة القرى عند تشيع جنازة المتوفى، يعدونه كنوع من تعزيز موتاهم، وللتعبير عما بداخلهم، حيث يقوم النساء عند توديع موتاهم بإطلاق العديد من كلمات الرثاء على شكل قصيدة، حال بكائها وانتشار صراخ جميعهن، بنغمة مميزة تمزق نياط القلب.

أرشيفية

وتوارث سيدات الأقصر هذا الرثاء فى المآتم، عن أمهاتهن وجداتهن دون تعليم أحدا لهن، حيث انهن توارثنه عبر الأجيال، وتختلف كلمات النساء فى المآتم على حسب نوع المتوفى، رجلا كان أو امرأة زوجا أو عروسة أو شابا، وأيضا حسب عمره، حيث انهن يخصصن لكل شخص رثائه الخاص به، عقب موته أثناء ذهابهن وإيابهن أمام منزله عدة أمتار.

حزنهن على فقيدهم

وتقول «فاطمة»، إحدى سيدات نجع «أبو سعيد» مركز إسنا محافظة الأقصر، لـ«أهل مصر»، أنهن يلتزمن بالعدودة حال الوفاة حتى يظهرن مدى حزنهن على فقيدهم، بالكلمات التي يصفوا بها طعم الحياه بعد فراق موتاهم لهم، لافتة إلى أنه أثناء تجهيز الجنازة يجتمعن كل سيدات القرية أمام منزل المتوفى وتصرخ إحداهن، وتبكي الآخرى وتعدد آخرى بأبيات من الرثاء لتكمل بعدها باقي السيدات ويظلن فى النواح، حتى يتم تشيع الجنازة وأخذها إلى قبرها، ثم بعد ذلك يجلسن أمام منزل المتوفى لمدة ثلاثة أيام بلايليهم.

عدودة المتوفي الغير متزوج

وأوضحت أن المتوفى إذا كان شابا صغيرا لم يصل إلى الزواج يبيكن عليه السيدات ويرددن: «يا عود طري واتلوي، ميل ومال على الأرض، امبارح كان فى وسطنا، والليلة تحت الأرض، نادى المنادي وكحرت القلة قال افتحو نعشه، وإبكي على العله، وتقول أخته أخوي شقيقي وريحة أمي فيه أمانة يا حصى القبر خليك حنين عليه، بينما تكون عدودة الفتاة التي ماتت قبل الزواج، جايلك عروسة محنية الكفوف والكعب، خدت معاها الحنة وسابت وجع القلب».

عدودة الزوج المتوفى

ولفتت إلى أن فى عدودة الزوج المتوفى تقول زوجته: «يا مغسل متغسلهوش قوام خليه يونسنا واحفرله قبره في عام جلى جوزي لما يقعد جاري، لما يلاقيني ويسلم علي سلام يرضيني، وبعد السلام يقعد يخاليني»، بينما تقول من مات زوجها أمام عينها: «كنت فين يا وعد يا مقدر، دي خزانة وبابها مصدر، يا رجالة عدو عمايمكم، عمة كبيرة غايبة عنكم، كل الناس قربها مسنودة على الحيط، إلا قربتي مكسورة ومرمية تحت الحيط، ولما دخل الدكتور ببدلته البني كشف عليك الملاية وقال يا مري».

عدودة القتيل

ويرثين أهالى القتيل وفاته بقولهن: «اتنين عليك واتنين على النخلة خدوك يا حبيب ساعة الغفلة، زقزق يا عصفور وازعق يا غراب فلان مقتول ومرمي في الخراب، ونايحة نوحي عليه نوحي، فلان اتمدد على اللوحي، وقالوا شقية قلت من يومي قسموا النوايب طلع الكبير كومي، وقبر مين اللي البقر داسه قبر الحبيب اللي هجر ناسه».

عدودة الزوجة أم الأطفال

وتكون عدودة الزوجة التي تموت وتترك خلفها أطفالها: «من يوم فراقك والشاي فى دارنا بطلناه وشايك مع الحفار شيعناه، وغراب البين عالنخيل يبكي على تفوت عيالها وتمشي، وغراب البين عالنخيل ينوح عاللي تفوت عيالها وتروح».

وأطلق الجميع على قائلة هذا النوع من الرثاء، والذي يعد أحد أغراض الشعر لفظ «العدودة» لتقديمها العديد من صفات ومناقب ومآثر المتوفى سواء كان رجلا أو امرأة أبا أو أما، أخا أو اختا، من أجل نشرها أمواج البكاء والحزن بداخل كل الموجودين بالعزاء حتى يجعلوا لوفاته قيمة كبيرة بناءا على اعتقادهن.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً