حالة من السعادة، ودموع ممزوجة بالفرحة في منزل نجلاء مستجير الأم المثالية على مستوى محافظة بورسعيد والمركز السادس على الجمهورية، والدة الشهيد محمود مندور، والذي استشهد منذ شهور قليلة بعد أن التحق بالخدمة العسكرية واستشهد وهو يواجه الإرهابيين.
وقالت والدة الشهيد لـ'أهل مصر' بصوت ممزوج بالدموع، إنها كانت تعمل بأحد المصانع بالاستثمار قبل زواجها وتزوجت وكان زوجها 'أرزقي' فظلت في عملها لتساعده وأنجبت ثلاثة أبناء، بلال ومحمود وأميرة، ولكن تبدل الحال بهم وداهم المرض صحة زوجها وأصيب بسرطان في المعدة وظل يعاني 7 سنوات قبل وفاته.
تكريم الأم المثالية ببورسعيد
وأكملت الأم المثالية على مستوى محافظة بورسعيد: 'زوجي كان مريضا ويراعي الأبناء بالمنزل وأنا أحاول أن أوفر جميع متطلبات أولادي وزوجي والأدوية التي كان يتناولها، وأصبحت أعمل بنظام تطبيق الوردية بالمصنع ليزداد دخلنا ونستطيع مواجهة الظروف التي ضاقت علينا، ولكن توفي زوجي وترك لي ثلاثة أطفال لم يدركوا معنى الحياة بعد'.وأضافت: 'كان زوجي يدعو لي دعوة فتحت أمامي الطريق فقال لي وهو على فراش الموت: ربنا يسترك زي ما سترتيني'.وتابعت: 'مات زوجي وأكملت المسيرة، وعافرت مع الزمن لتربية أبنائي الثلاثة، تتعثر قدماي وأقف من جديد وأعاود المشي، تمر السنوات وأنا أحتضن أبنائي ولم أشعرهم بأن الحمل ثقيل عليّ، وكبر أبنائي وساعدوني فكان بلال الابن الأكبر يعمل وهو يدرس ومحمود (الشهيد) يعمل وهو بالصف الأول الثانوي، كل واحد كان له دور كبير، ومرت الأيام وحصل بلال على بكالوريوس تجارة ومحمود معهد حاسب آلي وأميرة بكالوريوس تجارة.
والدة الشهيد محمود مندور الأم المثالية ببورسعيد
وتابعت والدة الشهيد: 'أكثر من 17 عاما بعد وفاة زوجي وأنا أتحمل المسؤولية كاملة أبنائي معي هم سندي وأنا ظهرهم وحمايتهم، بل أسكن بالدور الأخير في تلك العمارة ووالدتي ووالدي يسكنان بالدور الأول وهما كبار في السن، وكان والدي مريضا فكنت أرعى والدي ووالدتي وأولادي، ولم أشعر بأي تعب إلى أن توفي والدي والآن أنا أرعى والدتي وأبنائي وأتمنى من الله أن يعينني ويمنحني الصحة من أجلهم جميعا'.واستطردت: 'منذ شهور قليلة التحق محمود بالخدمة العسكرية وبعد 4 أشهر من التحاقه استشهد وهو يواجه الإرهابيين الذين حرموني من نور عيني'، متابعة: 'تحدث معي محمود قبل وفاته بيوم واحد عبر الهاتف ليطمئن عليّ، وبعد انتهاء المكالمة شعرت بخفقان قلبي وانتابني شعور غريب وكأن روحي سرقت مني، ولم أدرك أنها المرة الأخيرة ولن أسمع صوته مرة أخرى، وأخبرني زميله بأنه قبل أن تفيض روحه قال له أخبر أمي أنها وحشاني قوي.
وأردفت الأم المكلومة: 'سرقت منّي الدنيا أعز البشر الذي كان يواسينى ويجلس بجواري ويطلب منّي أن أخبره ما علينا من ديون ويُدوّنها في النوتة الخاصة به ليسددها، عاش رجل ومات سيد الرجال'.
فراق البطل
وتقول متابعة: 'عندما أخبرته أنني أُريد أن أُزوّجه قال لي لا تُفكّري في هذا الموضوع الآن يا أمي فقبل أن أُفكّر في نفسي لابد وأن أُزوّج أختي أميرة.. لم يبخل بشىء علينا فقد غمرنا بعواطفه وحبه وحنانه، وكأن الله يختار القلوب البيضاء لتعيش في الجنة'.
واختتمت والدة الشهيد حديثها، قائلة: 'لم تدخل الفرحة قلبى منذ وفاته، فأنا أحتضن العَلَم الذي كان ملفوفًا به وبه دماؤه وكأنها رائحة مسك وعنبر وأشم رائحته فيه، وأخذت التابوت الذي كان يحمل جثته وطلبت من النجّار أن يحوّله إلى دولاب لأضع جميع محتويات محمود فيه بل سأجعله متحفا وأجلس أمامه ليذكّرني بكل لحظة عشناها مع بعض واحنا بنضحك، واحنا بنتألم، واحنا بنفكر، واحنا بنخطط للمستقبل اللي لم أتوقع أن يكون بدونه، فمن المؤكد أن والده سعيد بذهابه إليه، لكنهما تركاني أُعاني الحرمان منهما، تركاني ولا أعلم هل سأستطيع أن أُكمل حياتي بدونهما أم لا، أتمنى من الجميع أن يدعوا لي بالصبر وأن يُنزله الله رحمته على قلبي ليصبّرنى على فراق ابني البطل'.