الحصير البردي.. صنعة فرعونية يحافظ عليها أهالي العجميين بالفيوم

تعد صناعة الحصير البردي، واحدة من الصناعات الفرعونية، التي استطاع أهالي قرية العجميين، التابعة إلى مركز أبشواي في محافظة الفيوم، أن يحافظوا عليها حتى الآن، ضمن الأعمال اليدوية والحرفية، التي اشتهر أهل هذه القرية بإتقانها.

وعلى ضفاف البحر اليوسفي، تبدأ رحلة البحث عن مصدر الرزق، حيث يجمع العمال مادتهم الخام من أعواد البردي، ونبات الحلفا، استعدادا لبدء عملية تصنيع أشهر وأقدم أنواع الحصير.

صناعة الحصير البردي

الحصير البردي

وقرية العجميين، هي قرية صغيرة تتبع الوحدة المحلية لمركز أبشواي بمحافظة الفيوم، ويتوارث أهلها مهنة صناعة الحصير البردي، ويعلمونها لأبنائهم، حتى أصبح الجميع يجيدون مراحل صنعها، التي تبدأ بجمع وحصد أعواد البردي ونبات الحلفا، ثم قطعه وتجهيزه، وبعدها مرحلة فتل نبات الحلفا، الذي يستخدم في صناعة الحصيرة.

صناعة الحصير البردي

محمد يكشف سر صناعة الحصير البردي

ورصدت كاميرا أهل مصر العمل داخل ورشة صغيره بالقرية، وهي ورشة 'عم محمد'، البالغ من العمر 60 عاما، والذي قال: 'هذه المهنة للأسف تواجه الانقراض، لكننا بدأنا نطور أنفسنا، فأضفنا رسومات مزخرفة لمحاكاة الحصيرة البلاسيتكي، لذا عاد الإقبال على الشراء منا مرة أخرى، وأصبح العملاء يأتون إلينا من كل محافظات الجمهورية، وحتى القرى السياحية، والفنادق، والكافيهات، خاصة في الساحل الشمالي، والغردقة، وشرم الشيخ، ليشتروا منتجنا.

صناعة الحصير البردي

يصنع الحصير البلدي من حشائش البوص 'الغاب'، الموجود في المصارف الزراعية، وكان الحصير يصنع قديما بشكل يدوي من حشائش الحلفا التي تنمو طبيعيا دون زراعة، والبوص ذي اللون البيج الفاتح، أما الخيوط التي تربطه فقد صنعت من ألياف الكتان، ويتم شراؤها من منطقة الحسين بالقاهرة'، هذا ما أوضحه 'عم محمد'.

كيفية صناعة الحصر البردي

وأضاف: 'يبدأ صانعي الحصر في الصناعة فور قطع الحشائش، وهي خضراء حتى يتمكن من ثنيها يمينا وشمالا، دون أن تتكسر، كما كانوا يستخدمون الحبل الليف، وكان يسمي السدة، وكان طول الحصير من متر وحتى 8 أمتار، حيث كانت تدر على صانعها أموالا كثيرة، لأنه كان يكثر عليها الطلب صيفا وشتاء'.

صناعة الحصير البردي

أدوات تصنيع الحصيرة اليدوي

وتتكون أدوات صناعة الحصير من مشط وخوابير والسدة والقرن، الذي كان يستخدم في شد الحصير بعد جفافه، لتناسق طول الحصير في الشكل.

صناعة فرعونية

وأكد 'عم محمد' أن هذه الحصر وجدت في المقابر المصرية القديمة، حيث نقشت على جدران مقبرة 'ببتي حست'، التي يرجع تاريخها إلى الأسرة الثانية عشرة، والمواد الأساسية التي استعملت فيصنعها قديما، تشمل أيضا: البوص، والسمار، وبعض الحصر مصنوعة من الحشائش.

صناعة الحصير البردي

السجاد والموكيت

وأضاف صانع الحصر البردي، أنه مع مرور السنوات ظهر السجاد والموكيت، الذي أثر بصورة كبيرة على تراجع مبيعات القرية، لكن ارتفاع أسعار السمار فيما بعد، ووصوله إلى أكثر من 400 جنيه، كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر الصناعة، وأتت على ما تبقى منها فى القرية، فهجرها الشباب تباعا، وبات من يعمل بها العواجيز فقط.

صناعة الحصير البردي

الفرق بين حصير البردي والبلاستيك

وأشار 'عم محمد' إلى أن الفرق بين حصر السمار وقرينتها البلاستيكية هو أن السمار نظيف، وأحسن بكتير من البلاستيكي، خصوصا وقت الشتاء، مضيفا: 'هذا بخلاف أنه يتحمل الرطوبة والتراب والبهدلة'.

انقراض المهنة الحصير البردي

واختتم أشهر 'عم محمد' بالقول: 'أنا وقليل من صانعي الحصر البردي اللي لسة شغالين فى مهنة جدودنا، ولما نموت الحصر البردي هتبقى اسم وخلاص والصنعة هتفنى وينتهى وقتها'.