في مشهد يعكس معاناة حقيقية لفئة من المواطنين الذين حملوا على عاتقهم عبء تحويل الصحراء إلى واحة خضراء، يوجه مزارعو المدق 22 بطريق الفرافرة – أسيوط نداءً عاجلاً إلى القيادة السياسية والمسؤولين في الدولة، مطالبين بحقهم المشروع في تقنين الأراضي التي أفنوا فيها سنوات من العمل والجهد.
ثماني سنوات من الكفاح... والتقنين في طي النسيان
بدأت القصة قبل أكثر من ثماني سنوات، عندما قررت مجموعة من المزارعين استصلاح وزراعة أراضٍ صحراوية في المدق 22. وبالفعل، نجحوا في تحويل تلك الأراضي القاحلة إلى مساحات زراعية منتجة. غير أن رحلتهم مع الإجراءات الحكومية لم تكن سهلة.
ففي عام 2017، تقدم المزارعون بأوراقهم لتقنين الأراضي لدى محافظة أسيوط، إلا أن ملفاتهم ظلت حبيسة الأدراج دون أي تقدم يُذكر. وعندما أصبحت الأرض تابعة لمحافظة الوادي الجديد، اتجهوا إلى مدينة الفرافرة لاستكمال الإجراءات ودفعوا المصاريف المطلوبة، لكنهم فوجئوا بعدم اتخاذ أي خطوات فعلية لتقنين الأرض.
تغيير الجهات... والمعاناة مستمرة
لم تتوقف المحاولات عند هذا الحد. عندما انتقلت ملكية الأرض إلى شركة الريف المصري، قصد المزارعون مقر الشركة بـمكرم عبيد في القاهرة، حيث قيل لهم إن باب التقنين قد أُغلق، وطُلب منهم الانتظار حتى يُعاد فتحه. لاحقاً، بعد فتح مقر للريف المصري بـديرمواس، قدم المزارعون إحداثيات أراضيهم، وجاءت فرق من المهندسين لرفع تلك الإحداثيات، مما أعطاهم بارقة أمل بحل قريب.
لكن الصدمة الكبرى جاءت قبل أيام قليلة عندما أُبلغوا بضرورة إخلاء الأراضي، لأنها بيعت لأحد المستثمرين ضمن صفقة شراء 5000 فدان.
نداء إلى الرئيس والمسؤولين: تعبنا لا يجب أن يضيع هباءً
وأكد المزارعون أنهم ليسوا ضد التنمية أو الاستثمار، بل يرون أنفسهم جزءاً من هذه المنظومة، حيث ساهموا في تعمير الأرض وتنميتها بأيديهم. وهم مستعدون لدفع نفس المبالغ التي يدفعها المستثمرون، وربما أكثر، لتقنين أراضيهم وضمان استمرار حياتهم ومصدر رزقهم.
"نحن أولى بأرضنا، فقد عملنا عليها لسنوات، وحولناها من صحراء جرداء إلى أرض منتجة. كل ما نطلبه هو تقنين أوضاعنا بشكل عادل"، هكذا عبر أحد المزارعين عن معاناة المجموعة.
رسالة إلى القيادة: العدالة والتنمية وجهان لعملة واحدة
وطالب المزارعون الرئيس عبد الفتاح السيسي،و رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولي، ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد علاء فاروق، ومحافظ أسيوط اللواء د. هشام أبو النصر، والمدير التنفيذي للريف المصري، بالنظر في مشكلتهم بعين الاعتبار، مؤكدين أن الدولة ستحصل على حقها بالكامل، بينما يضمن المزارعون الحفاظ على ثمار جهدهم وحياتهم.
هذا النداء ليس فقط لحماية حقوق مجموعة من المواطنين البسطاء، بل أيضاً لتأكيد أن التنمية لا تكتمل إلا بالعدالة، وأن الحفاظ على مجهود من شقوا طريقهم بأيديهم هو جزء من بناء مصر الحديثة.